دانيال الضاهر
في لقاء يختلف عمّا اعتاد الإعلاميون والصحافيون الاقتصاديون على تغطيته في إطار نشاطات جمعية مصارف لبنان، ضمّ أيضاً وكالات الإعلان، فكان الأول من نوعه وتوجهاته، أرادت الجمعية الخروج بتصور لتأسيس «شراكة مهنيّة قائمة على الثقة والتفهّم المتبادل». فكان اللقاء صريحاً وشفافاً في ما طرحه الإعلاميون من ملاحظات وفي ردود أركان الجمعية، ولم يقتصر النقاش على رسم خريطة العلاقة بين الطرفين بل تعدّاه إلى أسئلة واستفسارات، ومطالبة القطاع بمزيد من التجاوب مع أهل الإعلام لتوضيح أي معلومة. وحضر اللقاء الذي عُقد في فندق «فينيسيا» وليوم كامل نحو 60 مشاركاً من رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء ومديري التحرير ومسؤولي الشؤون الاقتصادية والكوادر العليا.
واعتبر رئيس الجمعية فرنسوا باسيل، أن القطاعين المصرفي والإعلامي «ركيزتان أساسيتان للاستقرار المالي والاقتصادي في لبنان، مثلما يُعتبر الجيش والقوى الأمنية ركيزة الاستقرار الأمني، والقضاء النزيه والفعّال ركيزة الاستقرارِ القانوني». وأكد أن من شأن هذا التقارب أن «يدفع القطاعين إلى توحيد جهودهما في مواجهة تحدّيات مشتركة وطنيّة ومهنيَّة، ورفض السياسات والتوجّهات التي قد تتهدد ديمومتهما واستقلالهما وازدهارهما، وفي مقدّمها الخطابات المضلِلة للرأي العام، في غمرة التجاذبات السياسيّة والطائفيّة والمذهبيّة المهدّدة لوحدة النسيج الوطني».
وقال: «أما أن تـــستــغلّ بعض القوى أو الشخصيّات السياسيّة وبعض الأقلام ذات الارتباطات السياسيّة المنابر الإعلاميّة المُتاحة وحريَّة الرأي والتعبير المصانة دستورياً لشنّ حملات مغرضة على قطاع حيويّ كالقطاع المصرفي، فتلك ممارسات أقلّ ما يُقال فيها، إنها تضليل للرأي العام وتشويهٌ لسمعة مؤسّساتنا الناجحة في الداخل والخارج».
واعتبر أن «من شأن هذه الممارساتِ الخطيرة، بقصد أم بغير قصد، إضعاف ثقة المستثمر والمودع والمُقترض من مُقيمين ومغتربين كما من الأشقّاء العرب والأصدقاء الأجانب في القطاع المصرفي اللبناني، علماً أن هذه الثقة هي رأس مالنا الأكبر والدعامة لصمود مصارفنا وتطوّرها».
وأعلن نائب رئيس جمعيّة مصارف لبنان سعد الأزهري، أن الشأن الاقتصادي عموماً وإنجازات القطاع المصرفي خصوصاً «لا تنال، على رغم جهودكم المشكورة (العاملون في القطاع الإعلامي) حقها الإعلامي». وقال إن ذلك «مبرّر حتماً وعائد إلى خضمّ الأولويات السياسية والأمنية والمعيشيّة التي تطغى على كل ما عداها من الأخبار».
ولم ينكر الأزهري إن القطاع المصرفي «وبكل شفافية واعتزاز أقولها (…) مؤسسات تسعى إلى الربح، وهو شرط الاستمرار وحسن الأداء، لكن ربحنا هو أيضاً للناس». وقال: «لسنا جمعيات خيرية لكن ما نقدّمه للناس فيه الخير لهم، وصحيح أننا نتكّل فعلاً وجزئياً على الفوائد، لكنها تعود في الوقت ذاته بالمنافع على المواطنين، ولا بديل عن الخدمات المصرفية لسدّ حاجات الأفراد والشركات».
وتمنّى التذكير بأن المصارف «مصدر أساس لتمويل الدولة ولتمكينها من تلبية حاجاتها المالية، ومن دون هذا التمويل ستعجز الدولة عن دفع رواتب العاملين في القطاع العام، وعن تسليح الجيش والقوى الأمنية، وعن إنشاء البنى التحتيّة وتأمين استمرار المستــشفيــات الحــكومــيــة والمدارس الرسمية، وتوفير برامج الضمان الاجتماعي». كما أن «من دون المصارف ستضطر الدولة إلى التخلف عن تسديد ديونها وستعجز عن الوفاء بالتزاماتها، ما يؤدّي إلى أزمة اقتصادية واجتماعية لا سابق لها». وأضاف: «على عكس ما نراه في دول متقدّمة وناشئة، يُعتبر القطاع المصرفي «المنقذ» لماليّة الحكومة بدلاً من أن تكون الحكومة هي «المنقذ» للبنوك واستمرارها».
وشدد الأزهري على أن القطاع المصرفي هو «أكبر جهة توظيف في القطاع الخاص، وتشكل مساهمته في حجم الاقتصاد نسبة تتراوح بين 6 و7 في المئة، وأكثر المساهمين في نسبة الضرائب على المؤسسات البالغة 37 في المئة فضلاً عن أكثر من 28 في المئة من ضرائب الموظفين».
وقدّم الأمين العام لجمعية مصارف لبنان مكرم صادر عرضاً لمؤشرات القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن «الموجودات داخل لبنان بلغت 170 بليون دولار حتى تموز (يوليو) الماضي، وإذا أُضيفت إليها الموجودات الخارجية فهي تصل إلى ما بين 197 بليون دولار و200 بليون». وأشار إلى أن «ملاءة القطاع تتجاوز معايير «بازل» مسجلة 14.5 في المئة فيما المطلوب 8 في المئة، تليها السيولة وتمثل نسبة 55 في المئة في المتوسط».
وشدد على ميزة أخرى لدى المصارف تتمثل بـ «التوازن بين موجوداتها ومطلوباتها بكل عملة، إذ لا يُسمح لها باتخاذ مراكز قطع إلا ضمن حدود معيّنة».
وأشار صــــادر إلى أن الموجودات بالليرة تجاوزت 61 بليون دولار وبلغت المطلوبات نحو 62 بليوناً، فيما زادت الموجودات بالعملات الأجنبية على 108 بلايين دولار وسجلت المطلوبات 108 بلايين».وأعلن أن موجودات المصارف الخارجـــيـــة «بــلغت 16.1 بليون دولار حتى نهاية تموز الماضي».