Site icon IMLebanon

15% من دخل المواطن يُنفقه على المياه

Akhbar

إيفا الشوفي
ينفق المواطن في بيروت وجبل لبنان حالياً ما يصل إلى 15% من دخله للحصول على المياه من صهاريج نقل المياه والآبار والمياه المعبأة. هذا ما توصلت إليه دراسة البنك الدولي الأخيرة التي أنجزها قبيل موافقته على مشروع بقيمة 474 مليون دولار، يهدف إلى معالجة أزمة المياه في بيروت الكبرى وجبل لبنان، حيث يعاني نصف سكان لبنان من شح في المياه التي تصل إلى بيوتهم بمعدل 3 ساعات يومياً فقط.

تعتبر هذه النسبة مرتفعة جداً عن المتوسط الدولي، إذ يروي أحد سكان بيروت أنه يدفع نحو 1200 دولار للحصول على المياه من صهاريج نقل المياه سنوياً، و600 دولار أخرى ثمناً لمياه الشرب المعبأة. يُضاف إلى ذلك 170 دولاراً رسوماً موحدة تدفع سنوياً عن الوحدة السكنية الواحدة لمصلحة إمدادات مياه البلدية. ليست مشكلة نقص المياه مستجدة، إنما هي أزمة يعاني منها لبنان منذ سنوات طويلة، لكنها تفاقمت أخيراً جرّاء الجفاف الشديد وتهالك شبكات المياه، إضافة إلى الضغوط الناجمة عن توافد أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري إلى لبنان وما أنتجه ذلك من تنافس على الموارد؛ أبرزها: المياه واستهلاك للبنى التحتية. فالمشروع يأتي ضمن الخطط الدولية لدعم لبنان تنموياً بهدف التخفيف من آثار الأزمة السورية، إلاّ أنه يتناسى أن تأثيرات اللجوء والضغوط الكبرى تتوزّع على مناطق البقاع، حيث يوجد أكبر عدد من اللاجئين في ظروف مأسوية، ما ينعكس سلباً على أوضاع المواطنين اللبنانيين. تعلن الدراسة أن لبنان لا يخزن سوى 6% فحسب من إمدادات مياهه العذبة، مع أن المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتجاوز ذلك بكثير، إذ يبلغ 85%، ما يعني أن نسبة كبيرة من إمدادات لبنان من المياه العذبة تضيع سدى. كذلك تكشف أن هناك «ما يُقدَّر بنحو 20 ألف بئر غير مرخصة تعمل في منطقة بيروت الكبرى، ويقوم معظمها بتزويد صهاريج نقل المياه الخاصة وتستنزف في وقت واحد احتياطيات المياه الجوفية».
يرتكز المشروع على إقامة سد على نهر بسري في الجنوب لتخزين 125 مليون متر مكعب من المياه، التي تتكوَّن بشكل طبيعي في الشتاء والربيع لاستخدامها في فصلي الصيف والخريف. وسيعتمد تدفق الماء إلى بيروت على الجاذبية بشكل كامل، ولن يتطلَّب تكاليف ضخ عبر نفق طوله 26 كيلومتراً، وفي الطريق يمر بمحطة معالجة من أجل تأمين مياه نظيفة. يبلغ ارتفاع السد 73 متراً وسيكون ثاني أكبر سد بعد سد القرعون، إلا أنه سيتم نزع ملكية 869 قطعة أرض لصالح المشروع، وستتولى لجان مستقلة لنزع الملكية مهمة تقدير قيمة الأراضي والتعويض على المالكين الذين، وفق بيان البنك الدولي، لا يعيش 80% منهم في هذه الأراضي. لن ينشأ هذا المشروع في القريب العاجل، إذ سيستغرق بناء السد خمس سنوات، أما تنفيذ المشروع فسيستغرق تسع سنوات لإتاحة وقت للأعمال الأولية السابقة لعمليات الإنشاء، وسنتين من التشغيل والصيانة.
سيتسفيد من هذا المشروع بشكل مباشر «أكثر من 1.6 مليون شخص من سكان منطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان، بمن فيهم 460 ألفاً يعيشون دون خط الفقر الوطني». سيشهد المنتفعون من المشروع زيادة في حجم إمدادات المياه العامة، وخفضاً في تكلفة تأمين الحصول على المياه إلى المنازل. حتى الآن، لم يصبح المشروع واقعاً، إنما هو بانتظار موافقة مجلسي النواب والوزراء على القرض المقدم والذي سيمتد لـ 25 سنة بفائدة 1%. يساهم في تمويل المشروع أيضاً كل من البنك الإسلامي للتنمية والحكومة اللبنانية بمبلغ قيمته 143 مليون دولار لتصبح التكلفة الكلية للمشروع 617 مليون دولار.