في بعض الأحيان، تعلن إحدى الشركات أنها تنظر في “خياراتها الاستراتيجية”، بخصوص أحد أعمالها، ما يعني أنها تريد التخلص منه في أقرب وقت ممكن.
هذا قد يكون وقتاً جيداً لشركات التكنولوجيا للنظر في خياراتها الاستراتيجية، من أجل الترتيبات الضريبية العالمية.
شركات أبل وجوجل وغيرها قد تم السماح لها – في الواقع تم تشجيعها – من قِبل الحكومة بعدم دفع الكثير من ضريبة الشركات. لقد كان ذلك كافياً لحث ابتكاراتها، وتعزيز وظائفها التي تتطلب مهارة، وتأثير الهالة إلى البلدة.
الطريقة التي نجح بها هذا الأمر فيما مضى تظهر بشكل رائع من خلال قضية المفوضية الأوروبية ضد أيرلندا، لمنحها مساعدات انتقائية من الدولة لشركة أبل عن طريق تشكيل صفقة ضريبية مواتية.
نفى كل طرف الطرفان أنه خرق القواعد، لكن اعتراف أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة أبل، بأنه “لم يكُن هناك أي أساس علمي لـ”الرقم الضريبي الذي اقترحت دفعه لأيرلندا”، سيحتاج إلى قدر لا بأس به من التوضيح.
أي أصول يمكن أن تتحول إلى ديون، وهذا صحيح لهيكلة الضرائب كما هو لهيكلة أقسام الشركة. الحكومات تصطف للإعلان أنها تشعر بالصدمة، لاكتشافها أن التهرب من الضرائب يحدث في بلدانها.
اشتكى جورج أوزبورن، وزير المالية البريطاني، للمؤتمر السنوي الذي عقده حزبه يوم الإثنين، من أن “بعض شركات التكنولوجيا تلجأ إلى جهود استثنائية حتى تدفع القليل، أو حتى لا شيء من الضرائب هنا.
إذا أسأت إلى نظامنا الضريبي، فإنك أسأت إلى ثقة الشعب البريطاني”.
هذا، بالطبع، هو نفسه أوزبورن الذي يُثير قلق بلدان أخرى، ليس من خلال تخفيض المعدل الرئيسي في المملكة المتحدة لضريبة الشركات إلى 21 في المائة للمنافسة مع نسبة أيرلندا البالغة 12.5 في المائة، بل أيضاً من خلال خلق نظام “صندوق براءة الاختراع” القوي، من أجل تخفيض العبء الضريبي عن الملكية الفكرية.
ها نحن هناك. تلاعب السياسيين مع الرياح الشعبوية، والهياكل الضريبية التي سمحت للشركات بدفع الحد الأدنى من مستويات الضريبة على الدخل الدولي، وتخزين النقود في الخارج، ليس مقبولاً بعد الآن (لا يتم إخضاعها للضرائب إلا إذا عادت إلى المساهمين في الولايات المتحدة).
التكنولوجيا تكتسب بسرعة نفس سمعة القطاع المصرفي، بكونها تعتمد على المعونة الاجتماعية.
بالنسبة لهذه الشركات، أحد الردود المنطقية قد يكون الحكومات تصنع القواعد وهي تمتثل. لقد منعت المملكة المتحدة منذ مدة طويلة شركة جوجل من بيع الإعلانات في بريطانيا، في الوقت الذي يتم فيه إبرام العقود في أيرلندا – وهو أحد الأسباب وراء دفع الشركة 20.4 مليون جنيه كضريبة شركات عن إيرادات بقيمة 5.6 مليار دولار.
كما جادلت من قبل، بإمكان السياسيين حل عدم المساواة الضريبية إذا رغبوا في ذلك.إلى جانب وعد أوزبورن غير الدقيق لتضييق الخناق على ترتيبات مثل التحوّل الأيرلندي لشركة جوجل، قدّمت فرنسا الشركة لقانون ضرائب لحيلة مماثلة.
حتى أيرلندا، البلاد الأكثر ودّية من حيث الملاذات الضريبية في الاتحاد الأوروبي، قد تنهي التحوّل “الأيرلندي المزدوج للأرباح الخاضعة للضرائب إلى مراكز خارجية مثل برمودا، التي يستخدمها كل من شركتي من أبل وجوجل.
هناك نوعان من العيوب في مجرد انتظار القوانين لتتغير ومن ثم إطاعتها.
الأول هو أن الأمر يمكن أن يصبح محرجاً، الأمر الأكثر لفتاً للنظر في قضية الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، هو كيف أنها كشفت الغطاء عن المفاوضات الضريبية. بدلاً من سِجلات شركة عامة، بإمكاننا جميعاً دراسة جهود الضغط والتلاعب في المعدلات الضريبية التي تتم في الخفاء.
هذا يجذب الانتباه إلى واقع، مثل صناعة السجق، عادة ما يبقى مخفياً ويجعل المستهلكين يشعرون بالانزعاج.
الحكومات أهداف اسميّة لقضايا مساعدات الدولة في الاتحاد الأوروبي، لكن الشركات تعاني على الأقل نفس القدر من تشويه السمعة – حتى إن شركتي أبل وفيات سيطرتا على العناوين الرئيسية لهذا الأسبوع، بدلاً من أيرلندا ولوكسمبورج.
هناك المزيد من العناوين في الطريق، لن تكون هناك فقط قضايا أخرى لمساعدات الدولة في الاتحاد الأوروبي، لكن محاولة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “أوسيد”، الهيئة الاستشارية للأمم الغنية، لمنع الشركات من التهرب من الشبكة الضريبية، تتضمن جهوداً من أجل مزيد من الشفافية في الترتيبات الضريبية التي تقدمها البلدان للصناعات المفضلة. يبدو الانفتاح كأنه شيء لا يمكن أن يعترض عليه أحد؛ حيث يعني من الناحية العملية أن الآخرين سيصبحون مثالاً للسخرية.
العيب الثاني هو أكبر من ذلك. الانتظار بصبر تفاوض السياسيين حول التغيرات على المعاهدات الضريبية الدولية أمر معين؛ لكن التعرض للضربات من قِبل حكومات مختلفة تنقل قوانينها الضريبية بإرادتها أمر آخر.
المصارف تعرف ما يحدث عندما تصبح صناعة غير شعبية بمنزلة هدف عالمي، كل بلاد تفرض رسومها.
النقطة الأصلية للاتفاقيات الضريبية العالمية في العشرينيات، التي تئن الآن تحت وطأة العولمة، وحقيقة أن الملكية الفكرية يمكن نقلها إلى أنظمة ضريبية منخفضة، كانت لمنع الازدواجية الضريبية.
النتيجة غير المقصودة، هي أن بعض الشركات بإمكانها التلاعب حتى بفرض ضرائب واحدة، أو تأجيلها إلى أجل غير مسمى.
تُحرز منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقدّماً نحو إصلاح الفجوات في النظام أسرع مما قد يتوقعه المرء، نظراً لأن عليها ترتيب الأمر بين 44 بلداً لديها اهتمامات مختلفة. إذا استمر التقدّم، فإن الشركات متعددة الجنسيات التي تستغل التشوهات مثل “الازدواجية الإيرلندية” ستدفع أكثر – مع أنه ليس بالقدر الذي أشار إليه السياسيون – والنظام ككل سيستمر.
شركات التكنولوجيا بإمكانها العيش مع ذلك، سيكون أسوأ بكثير العودة إلى عالم حيث الضرائب تفرضها أي بلد يتم فيها اعتبارها كأنها فريسة سهلة.
تعهد أوزبورن يعكس رغبة أوسع بين السياسيين في المملكة المتحدة لتجاهل الهيكلة الأيرلندية وفرض “ضريبة جوجل”.
إذا حدث ذلك وانتشر نهج العمل وحدك، فإن ذلك قد يُسبب صعوبات كبيرة لشركات التكنولوجيا وغيرها من الشركات متعددة الجنسيات. إن الهياكل الضريبية التي تمثل مثل هذا العبء المالي، لا تستحق المحافظة عليها.