أجمع خبراء سياسيون وعسكريون ان اللحظة الراهنة بحساسيتها الامنية المحلية والاقليمية لا تسمح بفتح ثغرات امنية تورط الجيش والاجهزة الامنية في أتون مواجهة مع اسرائيل ليس الوقت وقتها خصوصا وسط القلق المتنامي من تحركات مسلحي “النصرة” و”داعش” في الجرود وامكان استهداف قرى ومناطق بقاعية حيث الغالبية الشيعية لفتح منافذ تموينية وانسانية لهم في فصل الشتاء بعد احكام الجيش قبضته على جرود عرسال وقطع كل الطرق المؤدية اليها، علما ان اي مواجهة بين لبنان واسرائيل سترتب خسائر كبيرة ليس للبنان في الظرف الحالي القدرة على تحملها.
الخبراء، وفي حديث لـ”المركزية”، استغربوا خطوة الحزب ولو انها كما يقولون محسوبة النتائج سلفا ومعروفة حدود مفاعيلها، عن جدوى تنفيذ عمليات في مزارع شبعا التي لم يبت مصيرها بعد بين لبنان وسوريا، مشيرين الى ان الرسالة من العملية القائمة على مبدأ استمرار المقاومة على رغم الانغماس في وحول الازمة السورية وعدم تضييع البوصلة الاساسية لمهمتها في مواجهة اسرائيل، تحمل في طياتها ابعد من الاهداف المعلنة وصولا الى التلويح بورقة تفجير الجبهة مع اسرائيل اذا ما حاول الغرب وضع “حزب الله” على قائمة الارهاب لحشر محور الممانعة الايراني السوري.
ولم يستبعد هؤلاء ان تبلغ ابعاد الرسالة حدود الرهان على من يكون “فتح لاند” الجديد في المزارع “حزب الله لاند” ام “النصرة لاند”، لا سيما بعد ورود معلومات عن ان اسرائيل تسهل مهمة “النصرة” وتنسق وتتواصل معها من الجولان وصولا الى المزارع حيث رصد تواجد لبعض المسلحين الذين حظيوا بضيافة مميزة من الاسرائيليين بلغت حد تقديم الوجبات الساخنة لهم.
وختم الخبراء بالقول ان “حزب الله” كان في أمسّ الحاجة الى رسالة التفجير امس لالتقاط انفاسه واعادة فرض قواعد الاشتباك على قاعدة “نحن هنا” و”الامر لنا” بعد “غزوة” بريتال وتكبد خسائر بشرية كبيرة في صفوف الحزب وورود معلومات عن مشاركة عناصر غير لبنانية، اضافة الى ما يخلفه من تداعيات سقوط الضحايا في المواجهات التي يخوضها الى جانب النظام في سوريا على مستوى البيئة الشعبية الحاضنة في الداخل.
من جهة آخرى، كتبت “وكالة أنباء المركزية”، أنه بعيدا من الحسابات الحزبية الضيقة والرسائل الامنية الساخنة الموزعة حدوديا بقاعا وجنوبا وفوق القراءات السياسية والتحليلات والمواقف بين مؤيد ومعارض، وضعت عملية “حزب الله” في مزارع شبعا الحكومة اللبنانية في موقف لا تحسد عليه، ليس لكونها مغيبة عن قرارات الحرب والسلم التي اعتاد الحزب ان يغيبها عنها اساسا ايا كان شكل الحكومة وهوية رئيسها، انما للحرج الذي تسببت به عملية “الشهيد حسن علي حيدر” وتحميل الحكومة مسؤوليتها المباشرة خصوصا انها وقعت في منطقة عمليات اليونيفل. وقد سارع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى اعتبار الحادث انتهاكا للقرار 1701 مؤكدا تعارضه مع جهود اقامة بيئة آمنة ومستقرة في جنوب لبنان”. كما دانت السفارة الاميركية في بيروت بشدة هجوم الحزب على الخط الازرق وحضت جميع الاطراف على دعم جهود اليونيفل لاستعادة الهدوء.
والى الحرج السياسي، تضاف الهواجس الامنية من امكان توريط الجيش، في ما لو اعيدت الكرة، باعتبار ان الضغوط الدولية نجحت هذه المرة في لجم اسرائيل وردعها عن توسيع نطاق الرد مكتفية بقصف بعض مواقع “حزب الله” بالقذائف الصاروخية، في مواجهات مع اسرائيل اذا ما استهدفت المنطقة الموجود فيها والمسؤول عن امنها مع “اليونيفل”، في خضم انغماسه بمواجهة الارهاب المتسلل من “داعش” و”النصرة” عبر جرود عرسال وضبط الوضع في طرابلس التي تبدو على فوهة بركان غير معلومة لحظة انفجاره، وملاحقة الخلايا الارهابية المنتشرة في بعض المناطق.