فراس أبو مصلح
طلب مجلس الخدمة المدنية، منذ حوالى ثلاثة أسابيع من مؤسسة كهرباء لبنان، تزويده بلوائح اسمية لجباة الإكراء، الذين كانوا متعاقدين مباشرة مع المؤسسة قبل تولي شركات خاصة مهمات خدمات توزيع الكهرباء عام 2012، ذلك أن عدد الشواغر الـ897 التي حددتها إدارة المؤسسة في مذكرتها إلى مجلس الخدمة المدنية في شهر آب من العام الجاري لم تلحظ جباة الإكراء، وذلك بحسب مصدر في «كهرباء لبنان».
طلبت إدارة المؤسسة بدورها من مديري التوزيع جداول الجباة الأخيرة، فأرسل هؤلاء لوائح بأسماء ما يزيد على 500 جابٍ، يقول المصدر، مشيراً إلى نية المؤسسة الامتناع عن تسليم هذه اللوائح (كاملة) قبل عودة إدارتها ومستخدميها إلى مبناها المركزي وجميع دوائرها في المناطق.
ويشرح مصدر مطلع على الملف أن طلب مجلس الخدمة المدنية هذا أتى نتيجة مشروع تسوية سياسية لأزمة الكهرباء تعمل على إنضاجها حركة أمل والتيار الوطني الحر، ويلعب فيها حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي «دوراً إيجابياً»، بعد تلمس الأطراف هذه خطورة التمادي في لعبة عض الأصابع. وبحسب المصدر، يبنى مشروع التسوية على التصريحات المتكررة لإدارة المؤسسة، والتي تؤكد فيها التزامها القانون رقم 287 الصادر عن المجلس النيابي في شهر نيسان الماضي (بالتوافق بين القوى السياسية كافة)، والتزامها بما يصدر عن مجلس الخدمة المدنية خصوصاً، لتضع مخرجاً للأزمة يقضي بزيادة عدد من سيتم تثبيتهم في ملاك المؤسسة من عمالها المياومين سابقاً بإضافة عدد من الجباة المتعاقدين معها سابقاً، وإلحاقهم بقسم المتأخرات في المؤسسة، وهو القسم المعني بمتابعة الفواتير المتأخرة المتوجبة على المستهلكين والتدقيق فيها وجبايتها، وهي مهمات بقيت من صلاحية المؤسسة ولم تناط بشركات خدمات التوزيع؛ ويقدّر المصدر عدد العمال المطلوب في هذا القسم ببضع مئات، مشيراً إلى وجود «مبالغ ضخمة» من المتأخرات.
ويكرر مصدر في إدارة المؤسسة موقف الأخيرة الذي يؤكد «التزامها القانون وما يصدر عن مجلس الخدمة المدنية»، والذي يستغرب «العدائية غير المفهومة» من جانب المياومين السابقين. ويقول المصدر إن المؤسسة أُرسلت لوائح غير مكتملة بأسماء الجباة منذ حوالى عشرين يوماً، لافتاً إلى أن جزءاً من المعلومات موجود في مبنى المؤسسة المركزي الذي يستمر عدد من المياومين السابقين بإقفاله منذ حوالى شهرين، مع عدد من دوائر المؤسسة في المناطق. التنسيق مع مجلس الخدمة المدنية جارٍ، يقول المصدر، مشيراً إلى أن «العرقلة» ناتجة من احتلال مباني المؤسسة.
غير أن المصدر نفسه، رداً على اقتراح استيعاب عدد من الجباة في ملاك المؤسسة، يؤكد أن «المؤسسة هي التي تحدد حاجاتها للوظائف، بحسب القانون (رقم 287)، وبحسب كتاب مجلس الخدمة المدنية» ذي الصلة. ويصر المصدر على أنه لا حاجة للجباة في ملاك المؤسسة في ظل وجود شركات الخدمات، وأن توظيف الجباة في الملاك يعني خلق «وظائف مزدوجة، (والتسبب) بهدر المال العام»؛ ويصر المصدر كذلك على رفض «الدخول الانتقائي» إلى المؤسسة لاستكمال لوائح الجباة، أي رفض الدخول بإذن من العمال المتمردين، مؤكداً أن استكمال اللوائح رهن بعودة مستخدمي المؤسسة وإدارتها إلى مكاتبهم في المركز الرئيسي وفي الدوائر كافة. غير أن مصادر في شركات خدمات التوزيع تؤكد أنها تسلمت من المؤسسة عام 2012 لوائح بأسماء جميع المياومين السابقين والجباة، وظفت الأخيرين على أساسها، وأن أحداً لم يطلب منها هذه اللوائح حتى الآن، رغم أن «الجميع يعرف بوجودها»!
في السياق نفسه، كررت «لجنة العمال المياومين وجباة الإكراء» في «الكهرباء» في بيان صدر عنها يوم أمس إعلانها أنها «على استعداد لأن تقوم بتسهيل دخول وفد من إدارة المؤسسة لاستكمال اللوائح الاسمية للجباة حسب طلب مجلس الخدمة المدنية، وذلك بالتنسيق مع لجنة نيابية يترأسها النائب محمد قباني بصفته رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية»، متعهدة «تقديم كل التسهيلات للوفد المكلف الذي ترتئيه إدارة المؤسسة». وفي حين أعلنت اللجنة أنها في حالة انتظار رد من المؤسسة على «مبادرتها» هذه، يرى مصدر مطلع على الملف في كشف لجنة المياومين عن مشروع حل الأزمة، وخاصة إعلانها عن استعدادها «لتسهيل دخول» وفد من المؤسسة إلى مركزها الرئيسي وحديثها عن التنسيق مع النائب قباني، استفزازاً متعمداً لإدارة المؤسسة يعكس نية لتعطيل مساعي الحل. ويربط المصدر بين محاولة «الخربطة» هذه وقول المؤسسة بانتفاء حاجتها للجباة في قسم المتأخرات وإصرارها على عدم قدرتها على استكمال اللوائح الاسمية للجباة، ليقول إن ثمة «التقاء مصالح» بين «المتضررين الصغار» (من مشروع مقدمي خدمات توزيع الكهرباء) من داخل المؤسسة ومن بين صفوف المياومين السابقين، يدفع هؤلاء إلى تعطيل مساعي الحل التي تقوم بها الأطراف السياسية السابقة الذكر.