Site icon IMLebanon

استهداف المصادر المالية لـ «الدولة الإسلامية» : النفط والشبكات المحلية

WashingtonInstitute

ماثيو ليفيت

في خطابه في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، تعهّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقيادة ائتلاف دولي من بلدان التزمَت بـ “إضعاف وتدمير «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)”. وبالإضافة إلى الضربات الجوية، وبرامج التدريب والتجهيز للثوار المعتدلين، والجهود المبذولة لوقف تدفق المقاتلين من المنطقة وإليها، أضاف الرئيس الأمريكي “أننا سنعمل على قطع تمويلها”. بيد، قد تكون تلك المهمة شاقة حقاً.

وفي هذا السياق، سبق أن أطلقت الحكومة الأمريكية جهوداً عالية الأداء لاستهداف تمويل «داعش». فالغارات الجوية التي شنتها استهدفت بضع عشرات من محطات تكرير النفط في شرق سوريا التي كانت تكرر النفط الذي استولت عليه «الدولة الإسلامية»، فيما استهدفت ضربات أخرى مبنى وصفته القيادة المركزية للجيش الأمريكي على أنه “مركز تمويل” لـ «داعش» في منطقة الرقة. وهذا ليس كل شيء، ففي أعقاب الغارات الجوية على محطات التكرير قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، اللواء في البحرية جون كربي “لا يزال هذا التنظيم يحصل على التمويل بسهولة، لأنه في متناول يده حتى بعد الضربات التي تلقاها – وقد تلقى ضربات بالفعل. إن ذلك مجرد البداية”.

وهذا أمر جيد، لأنه بحكم الاستيلاء على الأراضي، تسيطر «الدولة الإسلامية» على الموارد – النفط والقمح والماء، وحتى القطع الأثرية القديمة – التي تنهبها من أجل تحقيق مكسب مالي خاص بها. كما أنها تستطيع أن تفرض الضرائب على المزارعين وسائقي الشاحنات، والأقليات وغيرهم. ولا بد للضربات الجوية التي تهدف إلى دحر التوسع الإقليمي لـ «داعش» من أن يكون لها مكاسب على مستوى مكافحة تمويل الإرهاب.

وفي الوقت نفسه، تستمر وزارة الخزانة الأمريكية بتصنيف ممولي الإرهاب والاختصاصيين اللوجستيين الذين يدعمون «الدولة الإسلامية» (وجماعات أخرى)، من بينهم 12 “ميسراً للمقاتلين الإرهابيين الأجانب” من جورجيا وإندونيسيا وقطر والكويت وتركيا والأردن. ووفقاً لوزارة الخزانة، هناك شخص يدعى طرخان باتيراشفيلي “نسق عن قرب مع القسم المادي في التنظيم”. كما أن فرداً آخر، يدعى طارق الحرزي، “عمل للمساعدة على جمع الأموال لـ «داعش» من جهات مانحة مقرها في قطر” من بينها هبة بقيمة مليوني دولار من أحد ميسّري «الدولة الإسلامية»، الذي أصر على أن يتم ضخ الأموال للعمليات العسكرية فقط. ومع ذلك، فإن الممولين والوسطاء العشرة الآخرين، عملوا لصالح «جبهة النصرة» وليس «الدولة الإسلامية».

وفي الواقع، لا يشكل ذلك مفاجأة بل هو من الأسباب الرئيسية التي قد تجعل استهداف تمويل «داعش» صعباً. فعلى خلاف تنظيم «القاعدة»، الذي يعتمد بشكل كبير على المانحين الرئيسيين من منطقة الخليج، كانت «الدولة الإسلامية» مكتفية ماليّاً لفترة دامت ثماني سنوات على الأقل (ويعود ذلك إلى الوقت الذي كانت تُدعى تنظيم «القاعدة في العراق») بحكم انخراطها في مؤسسات ناجحة بشكل كبير في النشاط الإجرامي على الأراضي العراقية. ووفقاً لتقييم حكومي أمريكي أجري في تشرين الثاني/نوفمبر 2006 وورد ذكره في صحيفة نيويورك تايمز، أسس تنظيم «القاعدة في العراق» وجماعات أخرى حركة تمرد تتمتع بالاكتفاء الذاتي في العراق وتجمع ما بين 70 إلى 200 مليون دولار سنوياً من أنشطة غير مشروعة فقط. وتشير وثائق من قاعدة بيانات “هارموني” في وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن “الهبات الخارجية بلغت حصة صغيرة – لا تزيد عن 5 في المائة – من ميزانية التنظيم التشغيلية في الفترة بين 2005 و 2010، حين استلم أبو بكر البغدادي القيادة بعد مقتل اثنين من أسلافه الرؤساء”.

وتكمن المشكلة في امتلاك الولايات المتحدة لأدوات، من القوة العسكرية إلى تصنيفات وزارة الخزانة وما هو أكثير بينهما – للتعامل مع تهريب النفط والممولين الأسخياء المتطرفين في الخليج، ولكن قدرة واشنطن على مواجهة الأعمال الإجرامية المحلية لـ «الدولة الإسلامية» محدودة للغاية. ولم تعد قوات الائتلاف متواجدة اليوم على أرض العراق كما ليست هناك وكالة لجمع المعلومات المالية وتزويد المشغلين بها في الوقت المناسب لرصد ممولي «داعش» على غرار “خلية التهديد المالي في العراق” [التي أُسست في العقد الماضي لتعقّب وإفشال مصادر تمويل عمليات التمرد والإرهاب]. كما أن وكالات إنفاذ القانون العراقية ليست قادرة أو مستعدة بصورة فعالة لمكافحة ما يعتبر نشاطاً إرهابيّاً محليّاً.

ومن جهته، يدعو قرار مجلس الأمن رقم 2170 الذي تم إقراره في آب/أغسطس وسط ترحيب كبير من كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة “إلى كبح تدفق المقاتلين الأجانب والتمويل وأشكال الدعم الأخرى عن الجماعات الإسلامية المتطرفة في العراق وسوريا”. وفي الواقع هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. ولكن بنفس القدر من الأهمية سيكون الضغط وتمكين الحكومة ذات القيادة الشيعية في العراق من التخلي عن الطائفية والفساد لصالح الحوكمة وسيادة القانون. أما الجبهة الأكثر تعقيداً في الحرب المالية ضد «الدولة الإسلامية» فسيتم خوضها داخليّاً ضد الشبكات الإجرامية الواسعة التي تمول «داعش» داخل العراق.