فضّل العديد من أصحاب متاجر الألبسة والأحذية التروّي، قبل شراء بضاعة جديدة على أبواب الخريف والشتاء، مكتفين بما تبقّى من الصيف، ومن الشتاء الماضي. فتجربة الأسواق التجارية في السنوات الثلاث الأخيرة ليست مشجّعة، حتّى في مواسم الأعياد والمناسبات، فالحركة التجارية من تراجعٍ إلى آخر. وعيد الأضحى الذي كان منتظرا أن يبثّ بعض الحياة في الأسواق الجامدة، مرّ مرور الكرام، مخيّباَ آمال التجار في السنوات الأخيرة.
الحمراء: الوضع صعب
التنزيلات في سوق الحمراء ما زالت تعلو الواجهات، حيث ما برحت ثياب الصيف معروضة في العديد من المحلات، بانتظار من يشتريها بأسعار مخفضة جدا. لكنّ الواقع، هو أنّ المتسوّقين يعدّون على الأصابع، وإن وُجِدوا فيكتفون بـ«الفرجة».
يرى رئيس «جمعية تجار الحمراء» زهير عيتاني أن «هذه السنة كانت الأسوأ منذ العام 1990، وهي الأسوأ أيضاً منذ العام ـ الأساس 2010»، موضحاً لـ«السفير» أنّ «وضع التجار صعبٍ جداً، فالسياح الذين رأيناهم مثلاً في العام الماضي لا سيما في مواسم الأعياد، لم نعد نراهم». ويقدّر عيتاني التراجع هذا الصيف مقارنةً مع العام 2010 بأكثر من 50 في المئة، مشيراً إلى أنّ «الحركة كانت ضعيفة جداً حتّى في أيام عيد الأضحى، فالقدرة الشرائية لدى الناس إلى تراجعٍ مستمرّ، وباتوا يكتفون بشراء الضروري واللازم». ويلفت عيتاني الانتباه إلى أن «الحركة في المطاعم والمقاهي قد تكون أفضل من الأسواق التجارية، فالأكل والشرب حاجة أساسية، فيما يقتصد اللبنانيون بشكلٍ كبير بالنسبة للألبسة والأحذية»، مفيداً بأنّ «عدداً لا يستهان به من المحلات قرّر الإقفال، لا سيما تلك التي إيجاراتها مرتفعة».
يقف سليم أمام محلّه في الحمراء، مشعلاً سيجارة تلو الأخرى، ويقول لـ«السفير»: «ما في شغل»، مشيراً إلى أنّ «الحركة هذا الصيف كانت سيئة جداً، ويمرّ أصحاب المتاجر والمؤسسات بأيامٍ عصيبة لا يحسدون عليها».
الشكوى نفسها عند محمد (صاحب محل للألبسة في الحمراء)، الذي يوضح لـ«السفير» أنّ «أصحاب مؤسسات يضطرون إلى صرف موظّفيهم وتقليص النفقات قدر المستطاع، إضافةً إلى التنزيلات التي باتت دائمة، لكن من دون جدوى»، مضيفاً: «الناس متعبون، والأوضاع الأمنية تزيد الطين بلّة، وتؤثّر في مختلف القطاعات الاقتصادية والأعمال وترفع نسبة البطالة، وبالتالي تتراجع القدرة الشرائية، وندفع نحن الثمن».
مار الياس ومعوض الأسوأ!
تنسحب الصورة القاتمة نفسها على سوق مار الياس وسوق معوّض، حيث يُجْمِع تجار التقتهم «السفير» على أنّ «هذا الصيف كان أصعب صيف مرّوا به منذ سنواتٍ طويلة، فالحركة تراجعت أكثر من 70 في المئة مقارنة مع العام 2010».
ويحذّر رئيس «جمعية تجار سوق معوّض» عصام عبد الله عبر «السفير» من «خطورة الأوضاع الاقتصادية التي زاد من سوئها إقفال الطرق الذي نشهده في الأسابيع الأخيرة»، مشيراً إلى أن «هذه الأمور من شأنها القضاء على ما تبقّى من حركة تجارية واقتصاد». ويلفت الانتباه إلى أنّ «أصحاب المتاجر كانوا يأملون زيارة المغتربين في الصيف، وعودة السياح حتى تتحسن الحركة في الأسواق، إلاّ أنّ الواقع كان مخيّباً للآمال»، مفيداً بأنّ «الحركة هذا الصيف تراجعت أكثر من 20 في المئة مقارنةً مع الصيف الماضي الذي كان بدوره سيّئاً». ويوضح أنّ «التجار يحاولون التخفيف من التراجع المستمر والخسائر عبر التنزيلات والأسعار المقبولة شعبيا، لكنّ ذلك من جدوى»، مشيراً إلى أن «موسم الصيف الذي هو في العادة موسم مناسبات وأعراس وحفلات، كان هذا العام خجولاَ جداً، مقارنةً مع السنوات العادية».
يدعو سمير (صاحب محل للألبسة في سوق مار الياس) «إلى تهدئة الأوضاع وانتخاب رئيس للجمهورية وفتح الطرق أمام الناس حتّى يستطيع التجار الاستمرار وألا يقفلوا محلاتهم»، مشيراً إلى أن «الوضع بات لا يحتمل، فهذه الأزمة مستمرّة منذ أكثر من ثلاث سنوات، والتجار يتكبّدون الخسائر والويلات».
أسواق المتن: تراجع كبير
ليس الوضع في أسواق المتن أفضل حالاً من بيروت والضاحية الجنوبية، فالصرخة نفسها يكرّرها التجار في أسواق الجديدة والزلقا وبرج حمود وفي كلّ مكان.
يقدّر رئيس «جمعية تجار الزلقا وعمارة شلهوب» فيليب سمراني نسبة التراجع، مقارنة مع السنوات العادية، بأكثر من 30 في المئة. ويحذّر في الوقت نفسه من أنّ «الحركة في الأيام العشرين الأخيرة تراجعت بشكلٍ أكبر بسبب الأخبار السيئة التي تبثها وسائل الإعلام والأوضاع الأمنية المتوتّرة، إضافةً إلى قطع الطرق في أكثر من منطقة».
يصف سمراني موسم الصيف «بالكارثة»، مضيفاً: «الموظّفون يشربون القهوة ويدخنون السجائر، ففي سوق الزلقا وعمارة شلهوب لا يجد المرء أكثر من عشرة متسوّقين في أحسن الأحوال». ويوضح أنّ «هذا الصيف كصيف العام 2013، حركة بلا بركة»، لافتاً الانتباه إلى أن «عيد الأضحى حيث كان من المتوقع ان يشهد بعض الحركة، كان أشبه بأيام عادية، لا بل أقلّ من عادية».