اعتصم عدد من المستأجرين أمس في شارع الحمراء وقاموا بقطع الطريق لبعض الوقت، وذلك تلبية لدعوة من لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين رفضا لقانون الايجارات الجديد. ويأتي هذا الاعتصام تمهيدًا للمؤتمر العام الذي تحضّر له اللجنة في سياق تحركاتها الرافضة لتنفيذ القانون الجديد في 28 كانون الأول بعدما تمّ رد الطعن الذي تقدّم به 10 نواب للنظر في دستورية القانون أمام المجلس الدستوري. وكانت اللجنة دعت إلى رفض القانون الجديد لأنّه “لا يؤمّن حق السكن ولأنه ألغى حقوقًا وضمانات مكتسبة للمستأجرين، ويشرّد ويهجّر عشرات آلاف العائلات، كما يسعّر الفرز الطائفي ويجعل الإقامة في المدن حكرا على الأغنياء، من خلال تحرير العقود القديمة من دون اي بديل عنها، ولأن تعطيل آلية تنفيذه من المجلس الدستوري لم يكن كافيا لتأمين مبادىء العدالة الاجتماعية والمساواة امام القانون.
من جهتها، دانت نقابة مالكي الأبنية المؤجّرة دعوات التّحريض غير المقبولة التي تطلقها تجمّعات المستأجرين، والتي تتضمّن إساءةً واضحةً لممثِّلي المالكين القدامى، وطالبت النّيابة العامّة بالتحرّك وتوقيف أصحاب هذه المنشورات. واعتبرت أنّ القانون الجديد للإيجارات يمدّد إقامة المستأجرين لفترة تصل إلى 12 سنة من تاريخ تطبيق القانون مع ارتفاع تدريجيّ بطيء لبدلات الإيجار، ويكفل لهم تعويضات الإخلاء في حالات الضرورة العائلية أو الهدم، مع اعتراضها الدائم والأكيد على هذه التعويضات. وذكّرت أيضًا بأنّه تمّت مناقشة القانون الجديد في لجنة الإدارة والعدل لأكثر من 39 جلسة، وصوّت عليه 90 نائبًا في جلسة 1 نيسان التشريعيّة، وأقرّ دستوريّته المجلس الدستوري في قراره الأخير.
الخلاف بين المالكين والمستأجرين حسمه بعض أعضاء لجنة الإدارة والعدل باعتبارهم القانون نافذًا بتاريخه في 28 كانون الأول 2014، وهذا الرأي أكّده عضو اللجنة النائب سمير الجسر لـ”النهار”, اذ اشار الى أنّ القانون الجديد نافذ بتاريخه في 28 كانون الأوّل كون المواد التي ألغيت بموجب القرار الأخير الصادر عن المجلس الدستوري لا تعيق تطبيق المواد الأخرى، ويمكن المالك والمستأجر اللجوء إلى القضاء لحلّ المسائل الخلافيّة بينهما ولا سيّما ما يتعلّق بتحديد البدلات الجديدة للإيجار في حال لم يحصل الاتّفاق بين الطّرفين رضاءً، علماً أنّ عددًا من أعضاء اللجنة يعملون على ترميم المواد التي ألغيت بموجب قرار المجلس الدستوري (المواد 7 و 13 والفقرة ب 4 من المادة 18) وفق الجسر. ورأى ان الكلام حول تعليق العمل بالقانون بسبب الطعن في بعض مواده، غير دقيق ولا شيء يعيق تنفيذه، الا اذا تم تعديل المواد الثلاث المطعون بها امام المجلس الدستوري واستبدلت بصياغة جديدة تلائم الملاحظات التي ابداها المجلس. وفي سياق متصل، أكد الجسر أن اقتراح قانون الايجار التملكي ما زال قيد الدراسة، معربا عن أمله بإقراره قبل العمل بقانون الايجار الجديد.
أما عضو لجنة الادراة والعدل وأحد الطّاعنين في القانون، النائب وليد سكرية فخالف رأي الجسر واعتبر للـ”النهار” أنّ القانون غير نافذ بعد قرار “الدستوري” بإلغاء بعض المواد، مؤكدا أهمية ان ترافق اي قانون للإيجارات حلول تحمي المستأجرين وأبرزها إقرار قانون الإيجار التملّكي الذي تعمل لجنة فرعيّة برئاسة النائب الجسر على إعداده. وأوضح انه منذ صدور قانون الايجارات عام 1992 لم تتجرأ أي من الحكومات المتعاقبة على طرق هذا الباب لايجاد الحلول لمشكلة الايجارات لما لها من تداعيات اجتماعية، فكانت هذه الحكومات تتهرب من طرح هذا الموضوع وتؤجل وتمدد قانون 1992 مع بعض الزيادات المحدودة على بدلات الايجارات، وها نحن اليوم وقعنا في المشكلة التي لطالما كنا نحذر منها.
وبحسب سكرية 25% من عدد سكان لبنان يتأثرون بقوانين الإيجارات، 70% منهم من أصحاب الدخل المحدود وهي دلالة على الأزمة التي ستنشأ في حال اقرار قانون ايجارات غير عادل ويضيف: “في لبنان حوالى 180 الف عائلة تسكن في الايجار، في وقت تكشف أرقام المؤسسة العامة للإسكان بحسب سكرية ان 100 ألف عائلة من هؤلاء المستأجرين لا تتمتع بالشروط التي تسمح لها بالإقتراض من المؤسسة، وهذا الواقع يشكل حتما مشكلة وطنية تتخطى بكثير المشكلة الواقعة بين المستأجر والمالك. فمن واجب السلطة التشريعية حماية ملكية المالك ولكن أيضا الحفاظ على حقوق المستأجر والطبقة المتوسطة والفقيرة، لمنع وقوع فرز طبقي ومذهبي بين المناطق بحسب سكرية. كذلك شدد على الحق بالمسكن، فهو هدف ذو قيمة دستورية وفقاً للقرار الصادر عن المجلس الدستوري، وتحقيق هذه الغاية، يستدعي تعاون “السلطتين التشريعية والإجرائية لرسم السياسات والقوانين الآيلة الى تحقيق هذا الهدف، وعدم الإكتفاء بوضع قانون ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر”. من هنا يشير سكرية الى إقتراح تعديل لقانون الايجارات الجديد تقدم به الى لجنة الادارة والعدل النيابية إنطلاقا من أهمية وضع حل منصف للمالك والمستأجر، وهذا الامر يجب ان يتواكب من إقرار قانون الايجار التملكي لتوفير السكن البديل للمستأجرين. وأكدا انه من دون الايجار التملكي فان قانون الايجارات لن يرى النور، وحتى لو صدر ورأى النور فستكون ثمة مشكلة في تطبيقه.
إذًا، المسار الجديد للقانون سوف تحدّده الجلسات التشريعية المقبلة، حيال إدراج ترميم المواد التي الغيت على جدول اعمال الجلسة التشريعية المقبلة التي من المقرر عقدها في 21 تشرين الأول 2014، أو تبني إقتراحات جديدة قدمت الى لجنة الادراة والعدل.