سيزيد النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شكل طفيف العام المقبل مقارنة بما سجله هذه السنة وعام 2013، وفق توقعات المرصد الاقتصادي للمنطقة التابع لمجموعة البنك الدولي، التي أشارت إلى معدل 4.2 في المئة في المتوسط».
ولم يستبعد التقرير الصادر عن المرصد، احتمال أن «يصل هذا المعدل إلى 5.2 في المئة، في حال زاد الاستهلاك المحلي، وانحسرت التوترات السياسية التي ستؤدي إلى جذب الاستثمارات في مصر وتونس، واستئناف إنتاج النفط في ليبيا في شكل كامل».
وقالت نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنغر أندرسن، إن «الصراعات العنيفة في سورية والعراق وغزة واليمن وليبيا وما لها من آثار على لبنان والأردن، قد تلقي ظلالاً قاتمة على آفاق النمو الاقتصادي للمنطقة». لكن لم تغفل ما تملكه المنطقة من «إمكانات ضخمة تتمثل في شبابها المتعلم وموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية، وتحتّم على المجتمع الدولي التكاتف لمساندة التعافي مثلما فعل عام 1944 عندما كانت أوروبا غارقة في الصراعات».
وأفاد التقرير بأن «النمو سيتراجع في هذه البلدان بسبب الصراعات في المنطقة، بما في ذلك الحرب الأهلية في سورية، وسيطرة «تنظيم الدولة الإسلامية» على مساحات واسعة من سورية والعراق، والحرب المُدمِّرة الأخيرة في غزة، واستمرار حركات التمرد في اليمن».
أما بالنسبة إلى البلدان السائرة على طريق التحول، فتوقع التقرير أن «ينتعش معدل النمو إلى 3.1 في المئة في مصر، و2.7 في المئة في تونس، و4.6 في المئة فــي المغرب». لكن رصد «عثرة تقف في طريق اسـتقــطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية اللازمة لتحقيق نمو مستدام، وتتمثل باختلال الاقتصاد الكلي وأجندة الإصلاح غير المنجزة ومن ذلك إصلاح نظام الدعم».
وستبقى معدلات النمو في الجزائر وإيران «في نطاق يتراوح بين 2 و3 في المئة، وتبلغ في المتوسط 5 في المئة في البلدان المرتفعة الدخل (كل مصدري النفط والغاز في منطقة الخليج)». لكن يمكن أن «تحد مجموعة من المشاكل الهيكلية ومواطن الضعف المحتملة في سوق النفط العالمية، من قدرتها على تسجيل معدلات نمو مرتفعة في المستقبل».
ويُركِّز المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الآثار المضرّة لنظم الدعم الباهظة الكلفة في المنطقة. وتشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «نمواً دون إمكاناتها، وارتفاع معدلات البطالة وتلوُث الهواء والاختناق المروري في المناطق الحضرية، وتُقوض الندرة الشديدة في موارد المياه قطاع الزراعة. ورأى التقرير أن نظم دعم الطاقة «ساهمت في خلق هذه التحديات الإنمائية»، مشدداً على ضرورة أن «يكون الإصلاح أحد أهم أولويات واضعي السياسات».
وأعلن كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي شانتا ديفاراجان أن «دعم الطاقة وتقييد المنافسة يشجعان على الإنتاج الكثيف الاستخدام لرأس المال، ومن ثمَّ تثبيط اليد العاملة وإضعاف مستويات التوظيف، ما يساهم في تفشِّي البطالة في المنطقة».
ومع ارتفاع أسعار الطاقة، «ستتحول الموارد نحو الصناعات الخفيفة والإنشاءات، والقطاعات الأخرى الكثيفة الاستخدام لليد العاملة، وكذلك نحو الشركات الأصغر الأكثر حيوية ونشاطاً».
ولاحظ التقرير إشارات «تؤيد وجود علاقة إيجابية بين أسعار الوقود ونمو نصيب الفرد من الناتج المحلي، وخلق فرص العمل، وأداء قطاعات النقل والمياه». وحضّ حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على «خفض دعم الطاقة لإيجاد اقتصاد نشيط وحيوي وكثيف الاستخدام لليد العاملة، وتسانده حركة عمران واسعة وقطاع زراعي منتج».