تراجع وزير الزراعة أكرم شهيب، أول من أمس، عن قرار إجازة قطع أكثر من 33 ألف شجرة حرجية لصالح إقامة سد وبحيرة جنة – نهر إبراهيم الصادر في 3/9/2014. الوزير نفسه أصدر قراراً جديداً يقضي بتجميد هذه الإجازة لغاية الانتهاء من إنجاز دراسة يعدّها الفنيّون لـ»تبيان الأعداد الحقيقيّة للأشجار ومدى تأثير إزالتها على البيئة في تلك المنطقة».
اللافت أن شهيب نفسه، كان قد دعا، الخميس الماضي، «الحريصين على الشجر» الى التعاطي مع مسألة المياه بعقلانية، ذلك أن العنصر الأساسي في كل شيء حي «لا يؤمنه الكلام المخملي عن الأخضر».
فجأة، اتضح لوزارة الزراعة أن هذا «الكلام المخملي» يستحق التمعن في مضامينه ودراسة تحذيراته. ففي الوقت الذي كانت فيه «الحركة البيئية اللبنانية» تستنكر إصدار هذه الإجازة قبل إتمام دراسة الأثر البيئي الملزمة بحسب قانون حماية البيئة رقم 444 ومرسوم تقويم الأثر البيئي رقم 8633، وتلفت الى أن ثمة قرارين صادرين عن وزارة البيئة يطالبان بوقف أعمال السد، كانت الوزارة «تشرعن» قرارها بأنه يأتي تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء بإنشاء السدود وأن «واجب مصلحة زراعة جبل لبنان احترام قرارات مجلس الوزراء التي أقرت خطة إنشاء السدود».
في هذا الوقت، كان الحديث يجري عن أن كمية الأشجار المجاز قطعها تتعدى 33 ألف شجرة (كما ورد في الإجازة). ذلك أن المساحة الإجمالية التي يتم استملاكها تتجاوز المليون وستمئة متر مربع. «إنّ المساحة الصافية للسد والبحيرة تبلغ مليوناً وتسعة وسبعين ألف متر مربع»، يقول الناشط البيئي رجا نجيم، لافتاً الى أن هذه المساحة تحوي بشكل كامل على الأشجار «وباحتساب بسيط تصل الكمية الإجمالية الى ما يقارب 300 ألف شجرة من أنواع مختلفة». وبالتالي، فيما كانت المطالبة بالتراجع عن القرار «حفاظاً على ملايين الأشجار والشجيرات التي تساهم في اجتذاب المطر وتغذية بحيرات المياه الجوفية»، كانت الوزارة تعتبر أن «الحفاظ على الأخضر لا يكون بالتصدي لمشاريع حصاد المياه السطحية».
قرار التجميد هذا، لا يعكس «تخبطاً» في وزارة الزراعة فحسب، بل يثبت أن شهيب تسرّع في حمل لواء الدفاع عن مشروع السدّ (اعتبر أن حصاد المياه وتأمين مياه الشفة والري والاستخدامات كافة يشكل أولوية بالنسبة للوزارة) قبل أن يطّلع على الدراسات التي تكشف الكمية الحقيقية للأشجار المنوي قطعها وأثرها على البيئة، والتي يجب أن تكون من أولويات الوزارة أيضا. يُذكر أن هناك الكثير من المعطيات البيئية والهندسية والفنية التي تشكك بجدوى إقامة هذا السد، والتي تستلزم من المعنيين، من ضمنهم وزارة الزراعة، الترّيث باتخاذ أي قرار في هذا المجال، وبالتالي الاطلاع على كل الدراسات اللازمة، وهو أمر كان كفيلاً بتجنيب وزارة الزراعة طابع «التخبط» الذي أظهرته.