ثائر عباس
أعلن رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، ورئيس اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية جوزف طربيه أن المصارف العربية تسعى لتقريب وجهات النظر مع «البنوك المراسلة» الأميركية من خلال مؤتمر مصرفي عربي – أميركي سوف ينعقد يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين في واشنطن، على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين.
وأوضح طربيه في حوار مع «الشرق الأوسط» أن المؤتمر سينعقد بمشاركة صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الفيدرالي الأميركي، وقيادات المصارف العربية وسيخصص المؤتمر للبحث في ملف العلاقات بين المصارف العربية والمصارف الأميركية. وأكد طربيه أن عمليات إقفال بعض الحسابات «لم تتم من قبل كل البنوك المراسلة بحق مصرف معين لبناني أو عربي، بل من بعضها فقط»، مشيرا إلى أن «هذا النوع من الإجراءات لا يشمل منطقتنا دون غيرها، بل يخضع للسياسات الجديدة التي يتبعها كل مصرف أميركي على حدة، وهذا عامل مطمئن نسبيا بأنه لا يوجد استهداف لا لمنطقة محددة ولا لقطاع مصرفي بعينه».
وشدد طربيه على أن تطبيق القانون الأميركي الخاص بالالتزام بالضرائب على حسابات الأميركيين المعروف بـ«فاتكا» «أمر لا يمكن تفاديه». وقال: «حتى ولو كان البعض يعتقد بتفادي هذا القانون عن طريق عدم التعامل بالعملة الأميركية، فهذا الإجراء لن يجدي نفعا لأن هذا القانون سيطبق على مستوى مختلف العملات في المؤسسات المالية المعنية في كافة دول العالم».
ورأى جوزف طربيه أن القانون الجديد في الكونغرس الأميركي الذي يفرض عقوبات على ممولي «حزب الله» وقناته التلفزيونية «يشكل تصعيدا أميركيا في الموقف من حزب الله عن طريق توسيع ملاحقة عملياته المالية على الصعيد العالمي»، موضحا «المصارف في لبنان متقيدة أصلا بلوائح العقوبات ولا يتضمن القانون الجديد أي مستجدات على هذا الصعيد».
وفيما يأتي نص الحوار:
ودعا طربيه إلى تكوين إطار دولي – عربي يتولى إعداد وإطلاق مشروع «مارشال» إعماري جديد يقوم على حفز المبادرات وجمع المساهمات والمنح والتمويل لإعادة البناء ومعالجة العجوزات والاختلالات المالية الخطيرة وضخ الاستثمارات في البنى التحتية والنهوض باقتصادات الدول التي نكبتها الحروب والصراعات والاحتجاجات والتهجير الجماعي أو أصابتها الأضرار غير المباشرة، على غرار حالة لبنان الذي يستضيف أكثر من مليون نازح سوري أي أكثر من ثلث اللبنانيين المقيمين.
وأعلن أنه «يصعب حصر الحاجات المالية لهذه الأهداف مع تواصل زيادتها يوميا بفعل العنف والتدمير»، كاشفا عن أن «الحاجات الملحة في سوريا وحدها تجاوزت رقم 200 مليار دولار». وإذ أكد أن المصارف لن تكون قادرة وحدها على تغطية عملية الإعمار، أشار إلى أنه سيكون ملحا أكثر على المجتمع الدولي دولا وتجمعات ومؤسسات أن يكون شريكا أساسيا مع الحكومات والمؤسسات العربية في مرحلة إعادة الإعمار. أما المصارف، فبإمكانها ضخ جزء من سيولتها واستثماراتها في هذه المشاريع، والاهم أن تكون الاستشاري ومحطة جمع وعبور الأموال في مرحلة إعادة الإعمار.
* ما حقيقة المشكلة المستجدة بين بعض البنوك الأميركية المراسلة وبين بعض البنوك العربية واللبنانية؟ وهل من مساع لمعالجتها؟
– بالفعل، لقد شهدنا في السنوات الأخيرة بعض البنوك الأميركية المراسلة تغلق حسابات لبعض البنوك العربية وغير العربية في مختلف بلدان العالم، تحت ضغط المتطلبات المستجدة لبعض القوانين والأنظمة الصادرة عن السلطات التنظيمية الأميركية من جهة، وإعادة تصنيف العلاقات مع البنوك في الأسواق الناشئة وفقا للمردود المحقق على قياس المخاطر المحتملة من جهة مقابلة.
ومن المهم الإشارة إلى أن عمليات إقفال بعض الحسابات لم تتم من قبل كل البنوك المراسلة بحق مصرف معين لبناني أو عربي، بل من بعضها فقط. كما أن هذا النوع من الإجراءات لا يشمل منطقتنا دون غيرها، بل يخضع للسياسات الجديدة التي يتبعها كل مصرف أميركي على حدة، وهذا عامل مطمئن نسبيا بأنه لا يوجد استهداف لا لمنطقة محددة ولا لقطاع مصرفي بعينه، إنما ارتفاع منسوب المخاطر وتوسيع المعركة المالية على الإرهاب ومصادر تمويله، رفع أيضا منسوب القلق لدى مصارفنا التي عززت تدابير الرقابة المشددة على كل العمليات المالية، وبالأخص منها العابرة للحدود. كما أن مصارفنا لم تنغمس سابقا في الأوراق المالية المشبوهة والمسمومة التي فجرت الأزمة المالية العالمية منتصف عام 2008، وهذا ما تلاحقه أيضا السلطات المالية الأميركية بتحقيقات شاملة وموسعة ينتج عنها عقوبات أو تسويات بمئات ملايين الدولارات بحق مؤسسات مصرفية ومالية.
هذه المعطيات وغيرها لجهة ملف العقوبات ومكافحة غسل الأموال، هي من القضايا العالمية التي تتطلب حوارا مباشرا بين البنوك في العالم من جهة والبنوك الأميركية المراسلة من جهة أخرى، وقد يرتفع مستوى الحوار أيضا ليبلغ السلطات الرقابية والمالية في الحكومة الأميركية نفسها. على هذا الصعيد تتموضع المصارف العربية في موقف الحيطة والحذر والالتزام بالأصول المهنية ولوائح العقوبات من ضمن التزامها منظومة القوانين الدولية، وتعتمد آليات قانونية مشددة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ضمن هذا السياق، وبمناسبة انعقاد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، بادرنا من خلال منصتي الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب واتحاد المصارف العربية للدعوة إلى مؤتمر مصرفي عربي – أميركي في نيويورك حول العلاقات مع البنوك المراسلة الأميركية، وذلك يومي 14 و15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وبمشاركة صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الفيدرالي الأميركي، وقيادات المصارف العربية.
وسيخصص المؤتمر للبحث في ملف العلاقات بين المصارف العربية والمصارف الأميركية، ولا سيما موضوع «البنوك المراسلة»، وسيكون هذا المؤتمر فرصة مهمة لمصارفنا العربية لشرح وجهات نظرها في مختلف القضايا المطروحة، خصوصا أن كبار المسؤولين الأميركيين المعنيين بهذه الملفات قد أكدّوا حضورهم ومن بينهم الرئيس التنفيذي للبنك الاحتياطي الفيدرالي توماس باكستر، ونائب وزير الخزانة الأميركية المسؤول عن ملف العقوبات دانيال غليزر، إضافة إلى المسؤولين عن منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا لصندوق النقد الدولي، مما يشكل مناسبة سانحة لمصارفنا العربية للجلوس مع صانعي ومنفذي القرار الاقتصادي والمالي في أميركا الذين يرسمون أو ينفذون السياسات التي تتحكم بالأسواق المالية العالمية.
* منتصف هذا العام بدأ تطبيق مكافحة التهرب الضريبي الأميركي. ما موقع البنوك العربية في التزام تطبيقات القانون؟
– إن استجابة المصارف لتطبيق القانون الأميركي FATCA، الخاص بالالتزام بالضرائب الأميركية على حسابات الأميركيين، أمر لا يمكن تفاديه، حتى ولو كان البعض يعتقد بتفادي هذا القانون عن طريق عدم التعامل بالعملة الأميركية، حيث إن هذا الإجراء لن يجدي نفعا لأن هذا القانون سيطبق على مستوى مختلف العملات في المؤسسات المالية المعنية في كافة دول العالم. كما أشير إلى أن إجراءات الالتزام بقانون FATCA معقدة للغاية إذ يتضمن القانون قواعد كثيرة ومواعيد تطبيق تدريجية يقتضي الإحاطة بكل تفاصيلها تجنبا للعقوبات. وقد قامت البنوك المركزية العربية بجهود وافية لتيسير التزام المؤسسات العربية المعنية بموجبات هذا القانون بكل دقة، تلافيا لمخاطر عدم الالتزام.
* هل يدفع قانون «فاتكا» لبنان إلى التخلي عن نظام السرية المصرفية؟
– إن رفع السرية المصرفية يتناول فقط حسابات حاملي الجنسية الأميركية أو المقيمين في أميركا. وإن الدولة الأميركية تستهدف بهذا القانون المتهربين من الضرائب من مواطنيها، وبالتالي فإن تعاطي المصارف مع هذه الفئة من المؤسسات أو الأفراد الأميركيين سيقوم على قاعدة قبولهم بالسماح للمصارف بالإفصاح عن حركة حساباتهم بناءً لطلب سلطات بلادهم، أو إقفال الحساب لدى المصرف المعني. مع الإشارة إلى أن قانون فاتكا يفرض غرامة على المؤسسات المالية غير المتقيدة بأحكامه تبلغ 30 في المائة من قيمة أي عملية مالية دولية تمر من خلال النظام المصرفي الأميركي.
* في السياق، ماذا عن القانون الجديد في الكونغرس الأميركي الذي يفرض عقوبات على ممولي «حزب الله» وقناته التلفزيونية؟
– إن مشروع القانون الجديد يشكل تصعيدا أميركيا في الموقف من حزب الله عن طريق توسيع ملاحقة عملياته المالية على الصعيد العالمي. أما بالنسبة للمصارف في لبنان، فهي متقيدة أصلا بلوائح العقوبات ولا يتضمن القانون الجديد أي مستجدات على هذا الصعيد.
* ماذا يعني لكم اشتداد العقوبات المالية الأميركية؟ وما مدى تخوف البنوك العربية من تداعياتها؟
– نحن مطمئنون إلى ما تقوم به السلطات النقدية والبنوك العربية من التزام بكافة المعايير الدولية في مكافحة الجرائم المالية. ونتطلع إلى متابعة مدى التقدم الذي تحرزه في تنفيذ تدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأساليب التصدي لها، وترويج المعايير الدولية المعتمدة، والتشجيع على تنفيذها، والعمل على تحديد المخاطر، ووضع السياسات والتنسيق المحلي، وملاحقة هذه الجريمة وتطبيق تدابير وقائية على القطاع المالي وغيره من القطاعات، وتعزيز الشفافية، وتوافر المعلومات الخاصة بالمستفيدين الحقيقيين وتسهيل وتعزيز التعاون الدولي.
فما من مصلحة لأحد في استضافة أو تمرير أموال مشبوهة ليس بسبب الخوف من سيف العقوبات فقط، بل إن هذا النوع من الأموال يضر بالمؤسسة ذاتها وقد يدمرها. ونقوم بدورنا بتوفير الاستشارات والتدريب على مدار السنة وفي كل الدول العربية بهدف تطوير منصات الامتثال وتطوير خبرات ضباط الالتزام في المؤسسات العربية، وأغلبهم يتمتع بكفاءات عالية حيث يجري استقطاب الكثير منهم ضمن المنطقة وعلى المستوى الدولي.
والواقع فإن الجرائم المالية عابرة للحدود، ولديها وحدة في الهدف والأداة، وهي غسل الأموال الوسخة وإعادة إدخالها ضمن النظام المالي العالمي كأموال شرعية، وكذلك توفير الأموال لارتكاب المزيد من الجرائم وإخفاء مصادر التمويل باستغلال الاختلاف والتباين بين الدول للأنظمة المصرفية والمالية. وعلى الرغم من كل إجراءات المكافحة وعلى جميع المستويات، لا يزال غسل الأموال وتمويل الإرهاب يشكلان هاجسا مقلقا للسلطات الدولية والإقليمية والوطنية نظرا لكونهما أصبحا خطرا كبيرا على أمن المواطن والدولة على حدّ سواء ويعرضان سلامة المجتمع للخطر.
وإذا كانت عصابات الجريمة المنظمة تسعى إلى استخدام آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من تقنيات متطورة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية لابتكار وتطوير أساليب قادرة على اختراق القنوات المصرفية لتمرير عملياتها، فإنه يتوجب على مصارفنا ضمان الشفافية المالية والامتثال للقواعد والمبادئ الدولية، والعمل دائما وباستمرار إلى خلق معايير جديدة، وابتكار أساليب لمكافحة الجرائم المالية، وإيجاد أطر أكثر فعالية للتعاون بين كافة الجهات المعنية، والعمل على إدارة المخاطر الناجمة عنها بما يجنبها الوقوع في هذا الفخ. هذا فضلا عن التطوير المتواصل للإجراءات القانونية والاحترازية على مستوى الدول.
ومن المهم الإشارة في هذا المضمار إلى أنه، وبالتوازي مع الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أصدرت لجنة بازل للرقابة على المصارف مبادئ توجيهية حول كيفية قيام المصارف بإدراج مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن إدارتها الشاملة للمخاطر. ففي سبتمبر (أيلول) 2012 أصدرت اللجنة وثيقة أطلقت عليها تسمية «المبادئ الأساسية لرقابة مصرفية فعالة» تضمنت مبادئ تضمن معايير أساسية لمنع استخدام القطاع المالي في نشاطات إجرامية. ومن ثم أصدرت اللجنة في يناير (كانون الثاني) 2014 وثيقة ركزت بشكل حصري على موضوع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد تضمنت هذه الوثيقة مبادئ متخصصة بكيفية تعامل المصارف مع مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأشارت إلى أن عدم كفاية، أو عدم وجود إدارة سليمة لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب يعرض المصارف لمخاطر جسيمة، مثل مخاطر السمعة، ومخاطر الامتثال، ومخاطر تشغيلية أخرى.
ووفقا للمبادئ الصادرة عن لجنة بازل، ينبغي على جميع المصارف أن يكون لديها سياسات كافية (Adequate)، وقواعد احترازية صارمة (due diligence) حول العملاء لتعزيز المعايير الأخلاقية والمهنية في القطاع المصرفي ومنع أي مصرف من أن يُستخدم في أي أنشطة مشبوهة.
* ما قدرة البنوك العربية على التوافق مع المتطلبات الدولية للصناعة المصرفية (بازل3)؟
– حقيقة، ليست القطاعات المصرفية العربية على مستوى واحد في التقييم. فلكل بلد خصوصية قانونية وإجرائية تعمل البنوك تحت سقفها. لكن، ومن خلال التجانس بين البنوك المركزية العربية وتطوير منصات وآليات التنسيق والتعاون فيما بينها، كذلك التواصل المصرفي من خلال الهيئات العربية المشتركة، أمكن إرساء أرضية مصرفية شبه تماثلية في مقاربة المعايير الدولية ومواءمة التزامها بما يتناسب مع وضعية كل بلد وكل قطاع. مع الإشارة إلى الصعوبات الكبرى في البلدان المضطربة.
ما يمكن التأكيد عليه، أن القطاعات المصرفية العربية بصورة عامة هي في وضعية مناسبة، في الالتزام المبكر بمتطلبات بازل3. في لبنان مثلا يبلغ متوسط نسبة الملاءة وفقا للمعايير الجديدة أكثر من 10 في المائة، وسنصل إلى 12 في المائة خلال العام المقبل لنكون من بين أوائل القطاعات في المنطقة والعالم التي تلتزم الموجبات الجديدة لكفاية رأس المال. كذلك الأمر بالنسبة لمصارف الخليج التي تزخر برساميل وأموال خاصة كبيرة تمنحها قوة الالتزام المبكر ببازل3.
فمن ضمن الدروس المهمة التي أعطتها الأزمة المالية العالمية، كان أهمية قيام المصارف بتقوية عمليات تخطيط رؤوس أموالها (Capital planning processes). كما أظهرت الأزمة أن عمليات تخطيط المصارف لرؤوس أموالها لم تكن شاملة بما فيه الكفاية، أو غير تطلعية بشكل ملائم (Appropriately forward – looking)، أو مصممة على نحو كاف (Adequately formalized). ونتيجة لذلك، قللت بعض إدارات المصارف من تقدير المخاطر الكامنة في استراتيجيات أعمال مصارفهم، ما أدى بدوره إلى تقدير سيئ لاحتياجات رأس المال. كان التراكم المفرط للمديونية داخل وخارج ميزانية المصارف، أيضا أحد الأسباب الرئيسة وراء الأزمة المالية العالمية.
وفي كثير من الحالات، حازت المصارف على رافعة مالية (Leverage) مفرطة. وفي الوقت نفسه، أظهرت أنها تحتفظ بنسب رأسمال على أساس المخاطر (Risk – based capital ratios) قوية. وخلال الأزمة، كانت المصارف مجبرة على تخفيض مديونيتها، بطريقة أدت إلى خلق ضغوط على أسعار الأصول. وقد فاقمت عملية تقليص المديونية (Deleveraging process) هذه، الحلقة المفرغة بين الخسائر، وانخفاض رأسمال المصارف، وانكماش الائتمان.
ونتيجة لذلك، أدخلت بازل 3 نسبة رافعة مالية (Leverage ratio) بسيطة، وشفافة وغير مستندة إلى المخاطر، لتكون بمثابة قياس تكميلي لمتطلبات رأس المال المستندة إلى المخاطر. وقد هدفت نسبة الرافعة المالية هذه إلى تقييد المديونية في القطاع المصرفي، لتجنب عمليات تقليص المديونية لاحقا، والتي يمكن أن تضر النظام المالي والاقتصاد بشكل عام، وتعزيز متطلبات رأس المال المستندة إلى المخاطر، بمقياس مساند بسيط، وغير مستند إلى المخاطر. وقد بوشر بتطبيق متطلبات نسبة الرافعة المالية ابتداء من أول عام 2013. وسيتم وضع المعيار النهائي بحلول عام 2017.
* هل من دور تمويلي واستشاري للبنوك العربية في مرحلة إعادة الإعمار في البلدان التي مرت بعواصف التغيير؟
– واقع الحال الذي نعيشه دولا ومواطنين ومؤسسات يقودنا إلى مشهد سوداوي. فنحن وسط عواصف تحركها دوامة جهنمية خارج أي سياق منطقي. لكن، ما يبقينا على خط الصواب أن هذه الوقائع لا تعكس حقيقة هذه المنطقة وإرثها الثقافي وحضارة مجتمعاتها.
وبالطبع، لن يكون باستطاعة المصارف العربية تحمل تكلفة إعادة الإعمار منفردة، بعد انتهاء أزمة المنطقة، ومن موقعنا المؤسساتي ذاته، نحن ندعو إلى تكوين إطار دولي – عربي يتولى إعداد وإطلاق مشروع «مارشال» إعماري جديد يقوم على حفز المبادرات وجمع المساهمات والمنح والتمويل لإعادة البناء ومعالجة العجوزات والاختلالات المالية الخطيرة وضخ الاستثمارات في البنى التحتية والنهوض باقتصادات الدول التي نكبتها الحروب والصراعات والاحتجاجات والتهجير الجماعي أو أصابتها الأضرار غير المباشرة، على غرار حالة لبنان الذي يستضيف أكثر من مليون نازح سوري أي أكثر من ثلث اللبنانيين المقيمين.
وإذ يصعب حصر الحاجات المالية لهذه الأهداف مع تواصل زيادتها يوميا بفعل العنف والتدمير، فإننا نعتقد أنه بعدما جاوزت تلبية الحاجات الملحة في سوريا وحدها رقم 200 مليار دولار، سيكون ملحا أكثر على المجتمع الدولي دولا وتجمعات ومؤسسات حفظا لأمنه بالدرجة الأولى وحفظا للاستقرار العالمي ثانيا أن يكون شريكا أساسيا مع الحكومات والمؤسسات العربية في مرحلة إعادة الإعمار. أما المصارف، فبإمكانها ضخ جزء من سيولتها واستثماراتها في هذه المشاريع، والأهم أن تكون الاستشاري ومحطة جمع وعبور الأموال في مرحلة إعادة الإعمار، ولدينا قطاعات جديدة بهذا الدور.