هل يجب علينا أن نشعر بالقلق بسبب حزب “البديل لألمانيا”؟ في الانتخابات الاتحادية التي جرت العام الماضي بالكاد، بعد ستة أشهر من تأسيسه، وصل الحزب المناهض للتكامل الأوروبي إلى مسافة قريبة تماما من الاستحواذ على 5 في المائة من الأصوات – الحد الأدنى الذي يحتاج إليه للفوز بتمثيل في البرلمان. وفي الانتخابات الأوروبية التي جرت في أيار (مايو)، فاز بنسبة 7 في المائة وحصل على نتائج أفضل حتى من ذلك في الانتخابات التي جرت في ثلاث ولايات منذ ذلك الحين.
الجواب: نعم، يجب أن نكون قلقين. لكن الأسباب ليست واضحة على الإطلاق. صحيح أن حزب البديل لألمانيا يدعو إلى رحيل ألمانيا من منطقة اليورو. لكن الحديث عن هذا أسهل من القيام به. ويعد زعيمه، بيرند لوكه، وهو أستاذ اقتصاد، أحد أبرز منتقدي جهود الحكومة الألمانية لإنقاذ منطقة اليورو. وهو أيضا لاذع في نقده لماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي.
وبما أنه الحزب الوحيد الذي يجاهر بأنه حزب مناهض لليورو في ألمانيا، فإنه يشغل مكانة مهمة في الطيف السياسي. وهذا في حد ذاته ليس مصدر قلق. فقد وضع استطلاع للرأي أخيرا الدعم المحتمل للحزب بنسبة 22 في المائة. وقد تزامن صعود “البديل لألمانيا” مع تراجع الحزب الديمقراطي الحر الذي انهار تأييده في الانتخابات الاتحادية في العام الماضي ولم يسترد مكانته منذ ذلك الوقت. وبين المؤيدين التقليدين للحزب الديمقراطي الحر كان القوميون المحافظون. وقد انشق كثير منهم وانضموا إلى حزب البديل لألمانيا لأن لديه مؤهلات محافظة أكثر وضوحا.
وجاذبية حزب البديل لألمانيا تتجاوز الدعوة للخروج من منطقة اليورو. ففي انتخابات الولايات الإقليمية الأخيرة، كان اليورو بالكاد قضية وقد نجح الحزب فيها من خلال تبني القيم المحافظة. فهو يدعو إلى وضع حد للهجرة، وإلى مزيد من الدعم للعائلات، وإلى تقليل الإنفاق الاجتماعي. وهذا يشكل خطرا على المستشارة أنجيلا ميركل وعلى حزب الديمقراطيين المسيحيين الذي تنتمي إليه.
وخلافا لغيره من الأحزاب اليمينية في فترة ما بعد الحرب، ينادي حزب البديل لألمانيا بالامتداد جيدا إلى ما وراء الهامش. وتمكن الحزب، إلى حد كبير، من إبقاء مسافة بينه وبين المتطرفين. ومن المحتمل له دائما أن ينهار، إذ كان هناك الكثير من الاقتتال الداخلي خلال العام الماضي، لكن حتى الآن نجح لوكه في الإبقاء على تماسكه.
لا توجد فرصة لحزب البديل لألمانيا لأن يصبح الشريك الأصغر في الحكومة. فقد استبعدت ميركل أي تحالف معه، وكذلك جميع الأطراف الأخرى. لكن يشعر كبار السياسيين في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بالقلق، لأن حزب البديل لألمانيا يؤثر بالفعل على السياسة. وليس من قبيل المصادفة أن الحكومة الألمانية تتحدث بحزم مرة أخرى مع بقية منطقة اليورو. ففي الأسبوع الماضي سمعنا أن فولفجانج شويبله، وزير المالية، كان قد انتقد برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء الأصول من القطاع الخاص ورفض اقتراحات البنك المركزي التي ترى أن الحكومات يجب أن تضمن الأوراق المالية المدعومة بالأصول – الأدوات المالية التي تحول القروض إلى أوراق قابلة للتداول. ورفض كذلك اقتراحا من شأنه أن يحول الأموال التي كانت تهدف أصلا لمنع المضاربين الماليين من مهاجمة سندات حكومات منطقة اليورو، ما يحررها لغرض أوسع هو تعزيز الاستثمار.
ماركوس سودر، وزير المالية في ولاية بافاريا التي يديرها المحافظون، كان أكثر صراحة، حين جادل بأن برنامج الاستثمار للاتحاد الأوروبي قد ينتهي به المطاف إلى تحفيز الدعم لحزب البديل لألمانيا. الحكومة الألمانية تعود إلى عادتها السابقة لتقول “لا، لا، لا” للشركاء في منطقة اليورو. ذلك جزئيا على الأقل، لأن حزب البديل لألمانيا يراقب عن كثب ما يجري متربصا.
كذلك الحزب ينتظر وقته المناسب. إنه يعتقد، وربما بشكل صحيح، أن أزمة اليورو من المرجح أن تعود، وهذه هي النقطة التي سيتم عندها الضغط على الحكومة من أجل رحيل ألمانيا من منطقة اليورو. لا شيء من هذا وصل بعد إلى شاشة رادار المستثمرين الدوليين، الذين عادوا إلى عادتهم ما قبل الأزمة المتعلقة بمعاملة جميع السندات في منطقة اليورو على أنها متكافئة. وهم في ذلك يأخذون الضمانة المشروطة من البنك المركزي الأوروبي بأنه سيكون بمثابة مقرض الملاذ الأخير بالنسبة لهم – وهو أمر موضع نزاع قانوني – وضامن الإنقاذ الدائم وغير المشروط.
أحد أسباب الاستقرار الحالي في الأسواق المالية هو تلك الدرجة العالية مما يمكن أن نسميه الغموض البناء بخصوص رغبة ألمانيا – وقدرة البنك المركزي الأوروبي – في تمويل النظام. وسيجلب حزب البديل لألمانيا بعض الوضوح غير المفيد حول حدود الانخراط في ألمانيا. أما بقية منطقة اليورو فربما تجد نفسها في مواجهة صدمة.
أحد الأماكن التي يمكن أن تصاب بالمتاعب هي سوق السندات السيادية. أنا أسمع بصورة متزايدة وجهة النظر التي تقول إنه يجدر بنا أن نتجاهل نسب الديون، خصوصا نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، باعتبارها مقياسا لاستدامة الديون. بدلا من ذلك يجدر بنا أن نركز على إمكانية تحمل التكاليف، أي تكاليف خدمة الديون بوصفها نسبة من إيرادات المالية العامة. في الوقت الحاضر هذه الإيرادات منخفضة للغاية، لأن عائدات السندات منخفضة. والذين يطلبون منا ألا نقلق بشأن نسب الديون يقولون لنا إن الأوقات الطيبة ستستمر إلى الأبد.
حزب البديل لألمانيا بحاجة إلى أن يوجد الشكوك حتى يحدث الخلل في هذا التوازن. وستكون استراتيجيته هي امتحان حدود الالتزام الألماني. هذه الاستراتيجية تتمتع بفرصة لا بأس بها للنجاح. وحين تحدث، فإنها ستعيث الفساد.