Site icon IMLebanon

صعود الدولار السريع يلقي بظلاله على أسواق المال

FinancialTimes
مايكل ماكينزي
رغم ارتفاعه بشكل متواصل منذ شهر أيار (مايو) الماضي، نجا الدولار إلى حد كبير من لفت اهتمام المستثمرين حتى الآن. فبالنسبة لهم ثبات الدولار يعكس القوة المتزايدة للاقتصاد الأمريكي ويعتبر أحد العملات التي يمكنها التعامل مع زيادات مرتقبة في أسعار الفائدة خلال عام 2015.
لكن مع اقتراب نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، أخذ المستثمرون يدركون على نحو متزايد النهاية الرسمية للمرحلة الثالثة من التسهيل الكمي، من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي.
فئات الأصول التي ازدهرت في عهد طباعة المال، ولا سيما الأسهم والسلع الأساسية والسندات الخطرة وسندات التضخم، طالتها الآن قوة الدولار والمخاوف تتزايد من أن هذا قد يكون مجرد بداية لاتجاه موسع.
لا أحد يشك في أن قوة الدولار تترجم إلى تشديد في الأوضاع المالية، وهذا ما يسبب كثيرا من القلق في الوقت الراهن. وبينما يبدو أن الاقتصاد الأمريكي في وضع أفضل من كثير من المنافسين، إلا أن مزيدا من الارتفاع في الدولار يمكن أن يؤثر سلباً في النشاط، مع تداعيات صعبة على التقييمات الحالية الضخمة للأسهم والأصول الأخرى ذات المخاطر العالية.
في سوق الأسهم، أدى تراجع أسعار السلع الأساسية، المدفوع بانخفاض حاد في أسعار النفط، إلى تضرر أسهم شركات الطاقة في الأشهر الأخيرة. ويتركز الاهتمام الأوسع على ضرر محتمل يصيب الإيرادات المقومة بالعملات الأجنبية، الخاصة بعدد من الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة، المدرجة في مؤشر ستاندر آند بورز 500 بمقدار الوزن الذي تلقيه قوة الدولار على نمو الصادرات.
وقد تصدى البنك المركزي الأمريكي الأسبوع الماضي لهذه النقطة، إذ يشير محضر اجتماع البنك في أيلول (سبتمبر) الصادر يوم الأربعاء، إلى الدولار الأقوى، الناتج عن ضعف اليورو، يؤدي إلى “آثار سلبية” في الصادرات والاقتصاد الأوسع.
انزلاق سوق الأسهم في وقت سابق من الأسبوع الماضي كان قد انعكس، كما كان متوقعاً، بسبب وجود مثل هذا الحديث. فقد سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يوم الأربعاء أكبر المكاسب خلال يوم واحد منذ نحو عام تقريباً. ومن الواضح أن الجهود التي يبذلها البنك الاحتياطي الفيدرالي لمنع ارتفاع الدولار وارتفاع معدل التوقعات نجحت لبضع ساعات. لكن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تراجع بنسبة 2.1 في المائة في وقت لاحق يوم الخميس وارتفع الدولار من جديد.

في هذه المرحلة، بقي التصحيح في أسعار الأسهم منذ الإقفال القياسي المسجل الشهر الماضي في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 يظل متواضعاً، لكن هذا ربما يتعرض للامتحان بمجرد أن تبدأ أرباح الربع الثالث في الظهور خلال الفترة المتبقية من تشرين الأول (أكتوبر).

ويقول جاك آبلن، كبير الإداريين الاستثماريين في بنك هاريس الخاص، “إنه يراقب ليرى إن كان الدولار القوي هو “الدوامة القطبية الجديدة” التي تردد أصداء لوم المستثمرين للشتاء البارد في التباطؤ الذي حدث في الربع الأول”. ويضيف “الشركات ستحكي لنا قريبا عن الطريقة التي تنظر من خلالها إلى الدولار وماذا يعني ذلك بالنسبة لتوقعات أعمالها”.

وما يثير القلق بالنسبة للشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500، هو أن قصة الدولار بدأت للتو، في الوقت الذي تسعى فيه منطقة اليورو واليابان للحصول على عملات أضعف من أجل تحفيز اقتصاداتها المتراجعة. وعلاوة على ذلك حدث انتعاش الدولار على نطاق واسع، ما أدى إلى صعوده مقابل عملات بلدان تبدأ من أستراليا وكندا إلى المملكة المتحدة والبرازيل. وبحسب آلان روسكين، المحلل الاستراتيجي في “دويتشه بانك”، حلقات التغذية الراجعة من قوة الدولار تؤثر في السندات والأسهم “والمزيج المكون من انخفاض عائدات السندات وانخفاض أسعار الأسهم يميل إلى الإشارة إلى قوى معاكسة للتضخم وآفاق نمو أبطأ”. وهذا يضع الاحتياطي الفيدرالي في بقعة صعبة، وهو ما يفسر شعوره بالقلق خلال اجتماع الشهر الماضي. وتوقعات التضخم في الوقت الحالي بالقرب من مستويات أثارت في الماضي عمليات شراء ضخمة للسندات من قبل البنك المركزي. وبدلاً من ذلك، ستنتهي قريباً المرحلة الثالثة من التسهيل الكمي وكل ما تركه الاحتياطي الفيدرالي في ترسانته هو حديث وأمل في أن يوفر تراجع عائدات السندات أرضية خصبة لسوق الأسهم. وشهد الأسبوع الماضي عمليات تصفية ضخمة لتعاملات موجهة نحو ارتفاع معدل أسعار الفائدة بوتيرة أسرع على مدى السنوات القليلة المقبلة. وانخفاض أسعار الفائدة يساعد على التعويض عن الظروف المالية التي فرضها الدولار وينبغي أن يدعم قيم الأسهم في مرحلة ما. وقد تكون المشكلة هي أن العائدات تحتاج إلى مزيد من الانخفاض قبل أن يتم كبح صعود الدولار وقبل أن تجد الأسهم أساساً أكثر رسوخا.
ووفقا لراسكين “عند نقطة ما تمثل عائدات السندات المنخفضة ظروفاً مالية أسهل وستعزز الأسهم، لكن يبدو أننا لا نزال على مسافة معينة من ذلك”.