لا تزال المخاوف التي تكتنف النمو العالمي واحدة من المؤثرات الرئيسة على الأسواق المالية في الوقت الراهن، وهو ما تم التطرق إليه في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأخير، إذ أثارت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة المخاوف حول النمو الاقتصادي الضعيف في منطقة اليورو، والتأثير المحتمل له في الاقتصاد الأميركي وفي الدولار.
وقال التقرير الأسبوعي الذي يعده «ساكس بنك» إن تلقي السوق هذه الإشارة دلالة على عدم إنشاء الصناديق الفيدرالية في وقت قريب، كما يعتقد السوق، ما ساعد في المقابل على اجتذاب بعض عمليات جني الأرباح في الدولار (الذي شهد حالة ضعف بعد الدعم القوي الذي ساد خلال الأسبوع، خاصة حول مستوى 1.25 مقابل اليورو).
وأدى كل من احتمال استمرار فترة انخفاض أسعار الدولار، إضافة إلى بيانات التصدير المخيبة من ألمانيا، إلى انتعاش السندات والأسهم الأساسية.
ولكن في الوقت الذي تتمسك فيه السندات بالأرباح -مع وصول العائد على السندات الأميركية ذات 30 عاماً إلى أدنى مستوياتها في 17 شهراً وانخفاض عائدات السندات الألمانية ذات 10 سنوات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق- تخلت الأسهم سريعاً عن أرباحها.
هبوط مورغان ستانلي
وقال أولي سلوث هانسن، رئيس استراتيجية السلع في «ساكسو بنك»، إن مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال العالمي هبط بالنسبة إلى بعض الشركات العالمية الكبرى للأسبوع الثالث على التوالي إلى أدنى مستوياته في ستة أشهر، وهو ما يهيئ لبعض التداول المتوتر خلال الأسابيع المقبلة، بسبب تلاشي التأثير الإيجابي في الأسهم من معدلات الفائدة الأميركية المنخفضة.
وأضاف أن قطاع الزراعة استمر في الانتعاش بعد وصوله إلى أدنى مستوياته في أربع سنوات منذ أسابيع قليلة، إذ شهدت جميع القطاعات الفرعية ارتفاعاً ملحوظاً، لا سيما الحبوب التي ارتفع سعرها بفضل الذرة والسلع الاستهلاكية على وجه الخصوص، إذ تضاعف سعر القهوة الآن عما كان عليه في بداية السنة.
نظرة مستقبلية
كما تلقت المعادن الصناعية دفعة من جراء ارتفاع أسعار الزنك، لكن النظرة المستقبلية المتدهورة تجاه النمو العالمي تسببت في المزيد من التحسن لهذا القطاع الذي يصعب وصوله إلى هذه المرحلة، ويقبع سعر النحاس في هذه الآونة على الحافة مع التخوف من أن يؤدي أي ضعف إضافي في هذه النقطة إلى هبوط أكبر.
وقال أولي هانسن إن ردود الفعل على هذه الأخبار كانت متفاوتة في أسواق السلع، إذ تلقت المعادن الثمينة دفعة من ضعف الدولار وانخفاض عائدات السندات مع استمرار قطاع الطاقة في التراجع (تبعاً لتسبب ارتفاع العرض في ضرب السوق نظراً إلى تباطؤ نمو الطلب)، إذ نمر الآن في مرحلة من الاستسلام بعدما كسرت أسعار كل من خام غرب تكساس الوسيط، وخام برنت المستويات التي كانت بعيدة المنال بالنسبة إلى الكثيرين قبل شهرين فقط.
وأصدرت منظمة الأوبك يوم الجمعة تقريرها الشهري الخاص بشهر سبتمبر، ومفاده أن الكارتل قد رفع إنتاجها إلى أعلى مستوياته خلال ثلاث سنوات بمعدل 30.47 برميلاً يومياً، بسبب ارتفاع الإنتاج من ليبيا والعراق وأنغولا ونيجيريا.
إنتاج «أوبك»
وفي الوقت نفسه، خفّضت منظمة الأوبك التوقعات بالنسبة إلى كمية النفط الخام التي يجب عليها إنتاجها في السنة المقبلة بمعدل 29.2 مليون برميل يومياً، بسبب ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي، ويترك هذا فجوة كبيرة، بما يزيد على مليون برميل يجب على منظمة الأوبك إغلاقها في أسرع وقت ممكن، من أجل تجنب هبوط أسعار النفط أكثر مما هي عليه.
إذ يُعقد اجتماع منظمة أوبك المقبل في 27 نوفمبر، وحتى ذلك الوقت سيراقب السوق عن كثب الإشارات المتعلقة بالكيفية التي سيتعامل فيها الكارتل مع عمليات البيع الشرهة الحالية، والضربة القوية التي تلقتها الإيرادات.
نهج موحد
وأضاف تقرير «ساكسو بنك»: «خلال الأسبوع الماضي، شهد الكارتل تخفيض الأسعار بالنسبة إلى العملاء الآسيويين من الموردين، ومن ضمنهم المملكة العربية السعودية والكويت والعراق، ويعني هذا أن إيجاد نهج موحد دون خلق تبدلات كبيرة في حصص السوق الفردية قد يتطور ليصبح تحدياً على الأرجح، ونتوقع حدوث بعض المناقشات المهمة، ولكنها ستعقد خلف الأبواب المغلقة.
وحصلت المعادن الثمينة ومعادن مجموعة البلاتينوم -لا سيما البالاديوم- على دفعة من ضعف الدولار وارتفاع التقلب في أسواق الأسهم، إضافة إلى هبوط عائدات السندات، وتخلي الذهب عن الدعم الرئيس عند 1.180 دولار للأونصة، قبل أن ينتعش إلى أعلى سعر له خلال أسبوعين عند 1.233 دولار للأونصة، ولكننا لم نشهد حتى الآن أي تسليم رئيس في صناديق التحوط (التي تمتلك موقفاً قصيراً قياسياً كما بتاريخ 30 سبتمبر)».
توقعات الدولار
توقع أولي هانسن أن يستمر الزخم تجاه المعادن الثمينة تحت الضغط، طالما ظل الاعتقاد سائداً في السوق بأن الدولار سوف يرتفع لذلك، وطالما خلق التذبذب في سوق الأسهم الحالي بعض الدعم الإضافي، لم يُجهز البائعون ذوو المواقف القصيرة أنفسهم من أجل البحث في الاتجاه الآخر.
وأضاف أن التركيز إلى الآن بقي منصباً على الاتجاه الهبوطي والمستويات الرئيسة التي يتم النظر إليها منحصرةً في نطاق الدعم بين 1.160 و1.180 دولار للأونصة، متبوعة بسعر 1090 دولاراً للأونصة، (وهو ما يمثل 50% من الارتداد الخاص بالانتعاش ما بين 2001-2012)، وسيلقى التحرك بالاتجاه الصعودي مقاومة عند 1.245 ثم 1.264 دولار للأونصة.