IMLebanon

حرب العملات القادمة: المركزي الأوروبي يسعى لتخفيض أسعار الفائدة طويلة الأجل عن طريق شراء السندات

FinancialTimes
جون بلندر

تخفيض قيمة العملة لأغراض تنافسية أصبح رائجا مرة أخرى – وعلينا أن نتوقع مزيدا من اللغة الطنانة حول حرب العملات في الأشهر المقبلة. مضامين ذلك على المستثمرين ستكون عميقة في الوقت الذي ينخرط فيه المزيد من البلدان في اللعبة الصفرية، على غرار ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي، من أجل أن تفوز بحصة أكبر من النمو العالمي الضعيف.

بدأت هذه النوبة من تخفيض قيمة العملة في اليابان عام 2012، عندما انخفضت قيمة الين بحدود الخمس في غضون أشهر. ومن المثير للاهتمام أن أثر ذلك على حجم الصادرات اليابانية لم يكد يشعر به أحد، وهو ما يعكس فقدان الإرادة في المنافسة لدى الشركات اليابانية – لاحظ مثلا هلاك صناعة الإلكترونيات اليابانية على يد كوريا والجهات المنافسة الأخرى.

لكن ذلك لم يمنع اليابان من اللجوء إلى خفض قيمة الين منذ تموز (يوليو) هذا العام، في محاولة يائسة لتحقيق تضخم نسبته 2 في المائة. وكما هو الحال مع برنامج آبي الاقتصادي بشكل عام، هذه السياسة تفتقر إلى التماسك، لكنها تضغط بالفعل على شركات التصدير من البلدان الأخرى وتشجعها على المشاركة في لعبة التربح على حساب الجار.

أحدث المشاركين في اللعبة هو البنك المركزي الأوروبي الذي يبدو أنه ينتهج هدفا لسعر الصرف في كل شيء إلا الاسم. بالتأكيد، التزام المركزي الأوروبي بتوسيع ميزانيته العمومية والشروع في فورة شراء الأوراق المالية المدعومة بالأصول، جنبا إلى جنب مع استهداف عمليات إعادة التمويل طويلة الأجل، سيؤدي إلى إغراق الأسواق وانهيار اليورو.

أما ما يمكن لبرامج شراء الأصول أن تفعله للنمو في منطقة اليورو فهذه مسألة أخرى. تداعيات التسهيل الكمي في الولايات المتحدة واستعداد البنك المركزي الأوروبي لـ “القيام بكل ما يلزم” أعطيا بالفعل تأثير الثروة في أسواق الأوراق المالية، التي تعتبر واحدة من الطرق التي تسعى من خلالها برامج شراء الأصول إلى المساهمة في النمو.

في الولايات المتحدة وبريطانيا كان هناك أيضا تأثير الثروة من خلال تأثير التسهيل الكمي على سوق الإسكان. ومع ذلك لا تزال ملكية المساكن عند مستوى أدنى بكثير من أوروبا القارية، وبالتالي أي حافز للاستهلاك سيكون أقل من ذلك بكثير. ولأن المصارف تلعب دورا أكبر بكثير من أسواق السندات في الوساطة المالية في منطقة اليورو، فإن البنك المركزي الأوروبي الذي يسعى للتلاعب في أسعار الفائدة طويلة الأجل ويدفعها إلى الأدنى عن طريق شراء السندات سيكون له تأثير أقل بكثير مما في الولايات المتحدة.

بعد ذلك لنأخذ حالة الصين. التباطؤ الاقتصادي الصيني أدى منذ فترة إلى إحداث هزة عنيفة في أسعار السلع والطاقة حول العالم. وإذا نفذت الصين التزام الحزب الشيوعي الصيني في العام الماضي بتحرير النظام المالي وفتح الحساب الرأسمالي لميزان المدفوعات، من المؤكد أن قيمة الرنمينبي ستنخفض، في الوقت الذي يتدافع فيه ملايين الصينيين لوضع مدخراتهم في الخارج.

والواضح الآن هو أن الصين بحاجة إلى تخفيض قيمة العملة. فهي ملتزمة بخفض نسبة الاستثمار التي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة عند مستوى غير معقول، بلغ 48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأدى إلى سوء تخصيص بشع للموارد. ومع ذلك، كما أشار تشارلز دوماس، رئيس لومبارد ستريت للأبحاث، فإن تأثير انخفاض الاستثمار على المدى القصير على دخل الأسر سيكون له عواقب سلبية على النمو الاستهلاكي. بالتالي، نمو الصادرات هو الدواء المسكن الوحيد في الوقت الذي يؤدي فيه انخفاض الاستثمار إلى إحداث تباطؤ في الاقتصاد.

فضلا عن ذلك، وصل سعر الرنمينبي، على أساس الوزن التجاري النسبي، إلى مستوى أعلى بكثير مقابل الدولار، وبالتالي الحجة الداعية لتخفيض قيمة العملة، أثناء إعادة توازن الاقتصاد، تعد حجة قوية. في بلدان أخرى في الأسواق الناشئة هناك حجج مماثلة يمكن تقديمها تأييدا لإضعاف العملات. وكل هذا يغلب عليه أن يشير، كما ذكرت في مقال سابق، إلى أننا نسير في عصر قوة الدولار على الأمد الطويل، على خلفية الاقتصاد الأمريكي الذي يتعافى بقوة أكبر من بقية العالم المتقدم.

هذا يثير تساؤلات عن صناديق التقاعد في البلدان المتقدمة، التي تميل إلى اقتناء غالبية أسهمها في الأسواق الخارجية. أهم هذه الأسئلة هو للتحوط أم عدم التحوط من مخاطر العملة. رأيي يميل ضد التحوط. معظم المنافع المترتبة على التنويع الدولي تأتي من تعاملات العملات، بدلا من التعامل في أسواق الأسهم الفردية.

وبعض الأدلة تشير إلى أن محافظ الأسهم المحمية بالتحوط لم تحقق عوائد أفضل على الأمد الطويل من المحافظ غير المحمية. كذلك عدم التحوط يقدم الحماية إذا لم تكن لديك الثقة في البنك المركزي في بلدك. وعلينا ألا ننسى أن التحوط بالطبع مكلف.

ومع ذلك، هناك حجة عملية تدعو المستثمرين خارج منطقة اليورو إلى التحوط في تعاملاتهم في أصول منطقة اليورو، إذا كانت الحجج التي قدمتها في هذا المقال مقنعة. الأمر نفسه لا ينطبق على اليابان. ففي حين أن هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان، لا يزال يفضل الين الضعيف، إلا أن السياسيين يشعرون بالقلق من أن التضخم يؤذي الأسر الآن. بالتالي مسار الين غير واضح. أما بالنسبة للصين، فإن تعاملات صناديق التقاعد في البلدان النامية منخفضة، ومن السابق لأوانه أن نكون على ثقة من أن التحرير التام سيتحقق.

أنا مدرك أن التنبؤ في مجال العملات هو محاولة لا جدوى منها، لكن حين تكون نوايا محافظي البنوك المركزية واضحة وضوح الشمس، فربما تستحق اللعبة بعض هذا العناء.