عادل مهدي
أكد نائب محافظ البنك المركزي العراقي السابق مظهر محمد، أن العراق يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية جمة، في مقدمها السعي لرفع كفاءة الاقتصاد الوطني وإرساء أسس قوية من التماسك والتنظيم الإداري لاقتصاد البلاد، والانفتاح المنتج على الاقتصاد العالمي، اضافة الى ضرورة التصدي لحالات التسرب والهدر في الموارد الوطنية نتيجة سوء التنظيم الإداري والتراخي في تنفيذ القرارات الاستثمارية.
وقدم في حديث الى «الحياة»، جملة افكار ومقترحات قال انها تمثل «شرارة» العمل الاقتصادي بمنهجية برغماتية او عملية، منها حض الشركات الموردة للسلع، منها الشركات التعددة الجنسية، على استخدام العراق كمركز إنتاجي شرق متوسطي للتصنيع والاستفادة من المدخلات المحلية المتوافرة، وشمولها بقانون الاستثمار ضمن ما هو سائد في العلاقات الاقتصادية الدولية ونطاقات الاستثمار فيها (التقابل offset). وأشار الى فكرة المياه الافتراضية والتي تعني استيراد العراق سلعاً زراعية مصدرها بلدان المنبع او المتشاطئة الأخرى مع العراق من دول الجوار، والتي تزرع منتجاتها المصدرة الى العراق على حساب جزء من حصة البلاد المائية، محذراً من خطورة مثل هذا النهج الذي تمارسه دول الجوارعلى الأمد البعيد.
واقترح صالح ادراج موضوع إنشاء شركات زراعية مشتركة كبيرة في العراق وبأسلوب الشراكة مع تركيا وسورية وإيران، يكون دورها مستقبلياً ضاغطاً ضمن اعتماد ديبلوماسية مياه بديلة كورقة ضغط إضافية لزيادة حصة العراق من المياه المتدفقة اليه من دولتي المنبع، (تركيا وإيران)، ودولة المرور (سورية).
ودعا أيضاً إلى توسيع نطاق الاستفادة من برنامج الولايات المتحدة في ما يسمى «التبادل النقدي»، القائم حالياً، على سبيل المثال، بين أميركا وكثير من دول العالم، وعلى نحو يشجع استخدام تلك الأموال التي ستودع في العراق بالعملة الأجنبية لقاء مبادلتها بالعملة المحلية فترات طويلة في مشاريع استثمارية منتجة بالشراكة مع الدولة المودعة، وبما يعزز التنمية في العراق. وبالإمكان تكرار التجربة مع الاتحاد الأوروبي او اليابان او الصين، بما ينسجم وقانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006 المعدل، إضافة الى تطوير استراتيجية إنتاج النفط الخام بعد تحديد نقطة مرجعية في إنتاج النفط الخام المصدر، ليصبح 6 ملايين برميل يومياً، بعدها يوجّه الإنتاج المستخرج من النفط الخام ليكون كمدخل لمشاريع التكرير او البتروكيماويات المحلية، (سواء وطنية أم دولية ام مشتركة)، وبما يعزز القيمة المضافة للثروة الناضبة.
الاستثمار المشترك
ودعا الى تشجيع الاستثمار العراقي المشترك، (حكومة وقطاع خاص)، بخاصة في مشاريع خارج العراق، كشراء مزارع في دول ذات أراض خصبة، وعدّ ذلك من مستلزمات أمن الغذاء الوطني الإضافي، خصوصاً في بلدان مثل فييتنام وأثيوبيا ودول الجنوب الأفريقي أو غيرها من دول صاحبة تجربة في هذا المجال من التعاون الاستثماري الزراعي الدولي الذي يغطيه الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم.
ولفت الى ان العراق يعتمد على الغاز من الجمهورية الإسلامية في ايران ولمدة ليست قليلة، لتسيير محطات الكهرباء، وكذلك لتوفير الإمدادات المباشرة للطاقة الكهربائية، ونصح بأن تُسدد أثمان الغاز المستورد والتوريد المباشر للطاقة الكهربائية عبر مقايضته بالنفط الخام العراقي المكافىء، واستخدام المبدأ ذاته مع شركات النفط الأجنبية العاملة في حقول جنوب العراق ووسطه، واعتماد الدفع العيني والتوسع بهذا المبدأ. وهكذا تنخفض كلفة عقود الخدمة او غيرها مع الشركات الأجنبية التي تتقاضي أتعابها نقداً عن الطاقات النظرية للحقول النفطية المطورة، وتتوافر كميات نفط إضافية نتيجة التطوير والتي يصعب تصديرها أحياناً بسبب تقلبات السوق الدولية، علماً أن هذا الاقتراح من شأنه تحقيق بعض التحوّط حيال انخفاض الطلب العالمي على النفط في بعض المواسم، ويوفر في الوقت ذاته استقراراً مالياً إضافياً للعراق من طريق تعزيز تدفّق صادرات البلاد النفطية.
وبالنسبة إلى القطاع المصرفي، يقترح صالح إنشاء مصرف للمغتربين العراقيين، او نافذة مصرفية داخل البلاد وخارجها لمن يرغب منهم في استثمار ودائعه المصرفية في العراق، على ان تكون عائداتها معفاة من الضرائب، وتتمتع بحرية التحويل الخارجي من دون قيود، ومنح المغتربين حق الاستثمار المباشر لتلك الودائع او عائداتها بموجب قانون الاستثمار رقم 13 لعام 2006 المعدل.
الى جانب ذلك يدعو صالح الى تعديل القوانين المصرفية بما يسمح للقطاع بالاستثمار في النشاطات التي تخدم زيادة موارد المصارف وتعزيز دورها في التنمية والإعمار.