رأى رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ان ازمة الرئاسة في لبنان ليست ازمة مسيحية بقدر ما هي ازمة وطنية، فكل من الفرقاء السياسيين يقارب الاستحقاق الرئاسي بحسب رغائبه وتطلعاته، فهناك من ينتظر من المسيحيين والمسلمين ان ترسي الامور اوزارها في المنطقة لانطلاق لبنان نحو آفاق جديدة، فيما آخرون من الشريحتين المسيحية والإسلامية ايضا يقاربونه دون إبطاء عملا بالأصول الدستورية، معتبرا بالتالي ان ازمة الرئاسة اللبنانية تتعلق بالصراع الإيراني ـ السعودي في المنطقة اكثر منها بالمواقع المسيحية في لبنان.
وردا على سؤال حول كلام العماد عون بأن امتناعه عن انتخاب الرئيس هو لتحسين وضع المسيحيين حضورا ومشاركة في المعادلة السياسية، لفت مطر في تصريح لـ”الأنباء” الى ان هذا الموقف هو رأي سياسي خاص بأصحابه وليس رأيا لاهوتيا او كنسيا، لافتا في المقابل الى ان على النواب واجب انتخاب رئيس للدولة فورا ومن دون إبطاء، إذ لا يجب اخضاع الدستور اللبناني للمراهنات التي لا يمكن القبول بها على حساب لبنان وحضوره في المحافل العربية والدولية، معتبرا انه من الافضل والبديهي ان يكون للبنان رئيس، وذلك احتراما للدستور من جهة، ولأن النظام اللبناني يصبح هشا دون وجود رأس الدولة.
ولفت مطر الى ان الرئاسة في لبنان حتى وإن لم تعد كما كانت عليه في الماضي، إلا انها تبقى ضمانة ليس فقط لاستمرار المؤسسات الدستورية في عملها بشكل سليم وصحيح، إنما لاستمرار كافة شرائح الوطن السياسية منها والطائفية والمذهبية، معتبرا ان المؤسف في لبنان هو غياب الحوار بين المتخاصمين، بحيث لا يضعون على الطاولة ما هو سلبي وإيجابي كي يتفقوا على صيغة معينة تنتصر للبنان الدولة، حتى اذا ما تغيرت الامور في المنطقة تتغير على كل اللبنانيين وليس على فئة من دون الأخرى.
وردا على سؤال، اعتبر مطر ان انتخاب الرئيس اليوم أفضل من انتخابه غدا ايا تكن الظروف المحلية والإقليمية، مشيرا الى ان العراق الغارق بالفوضى الامنية والذي يواجه خطر التقسيم، انتخب رئيسا له وكذلك سوريا ومصر وحتى افغانستان، فلماذا في لبنان لا يصار الى انتخاب رئيس يجتمع حوله كل الفرقاء اللبنانيين بعد انتخابه مباشرة، لوضع خطة عمل مشتركة تتماشى مع الظروف الاقليمية الراهنة، متمنيا على الجميع النزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس للبلاد دون إبطاء او تردد لأن الدولة بلا رأس كالجسد بلا روح.
وعن انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، لفت مطر الى ان هذا الاقتراح ليس في مكانه وزمانه الصحيحين، خصوصا انه يتطلب تعديل الدستور، وهو ما قد لا ينتهي النقاش به خلال عشر سنوات يبقى لبنان خلالها دون رئيس، متسائلا من جهة ثانية كيف سيتفق اللبنانيون على اجراء تعديلات دستورية بهذا الحجم فيما لم يتمكنوا من التوافق على انتخاب الرئيس لافتا الى ان السياسة فن الممكن بما لدينا اليوم من معطيات وليس غدا.
وردا على سؤال اكد المطران مطر ان المسيحيين ليسوا بخطر على الاطلاق، مشيرا الى ان ما نسب الى البطريرك الراعي بأنه لولا حزب الله لكان داعش في جونية، هو موقف مدسوس ومن المعيب حتى التفكير به، فالبطاركة الموارنة كانوا ومازالوا منذ 1400 سنة رمزا للسيادة والحرية والديموقراطية دون ان يحميهم احد، مشيرا الى ان المسيحيين في لبنان هم اهل ايمان وليسوا اهل خوف على الاطلاق، ويعتبرون ان الوحدة الوطنية ضرورة لحماية كل لبنان على اختلاف طوائفه ومذاهبه ويعملون على ترسيخ هذه الوحدة كسبيل وحيد لبقاء لبنان كما يريدونه بلدا لكل اللبنانيين دون تمييز او تفرقة بين لبناني وآخر.
وعن السجال حول التمديد للمجلس النيابي، لفت مطر الى ان التمديد اصبح ضرورة نتيجة عدم تمكن النواب من انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصا ان الحكومة تعتبر مستقيلة حكما بفعل انتخاب مجلس جديد، ما يعني ان لبنان سيقع بفراغ جديد على مستوى السلطة التنفيذية نظرا لعدم وجود رئيس للبلاد يصدر مرسوم التكليف ومن ثم التشكيل بمعنى آخر يعتبر مطر ان الانتخابات الرئاسية اولا ثم الانتخابات النيابية.