Site icon IMLebanon

استعدوا… أزمة مالية عالمية جديدة على الأبواب

Crisisahead
ستيف كين

ملاحظة المحرر: البروفيسور ستيف كين هو ورئيس قسم الاقتصاديات والتاريخ والسياسات في جامعة كنغستون بلندن ومؤلف عدة كتب تتناول الدراسات الاستراتيجية. وما يرد في المقال يعبر حصرا عن رأيه ولا يعكس وجهة نظر CNN

دفعت علامات اهتزاز في أسواق المال في الآونة الأخيرة الكثير من المستثمرين إلى طرح السؤال حول ما إذا كانت هناك أزمة مالية على الأبواب. ومن البداية، أستطيع أن أؤكد أنّ ذلك غير صحيح وببساطة لأننا لم نخرج من الأزمة الأولى.

فالأزمات المالية من عيار تلك التي هزت العالم عام 2007 لا تنتهي حقا إلا إذا تمت معالجة ملفات الإفلاس وشطب الديون المتعثرة وإعادة جدولة الديون ودفعها والتضخم.

ففي عقد ثلاثينيات القرن الماضي، كان هناك الكثير من مظاهر هذه الملفات الأربعة وكانت النتيجة التي انتهى عليها الأمر أنّ ديون القطاع الخاص الأمريكي انخفضت بمقدار 100 بالمائة من إجمالي الناتج الخام من 130 بالمائة عام 1933 إلى 35 بالمائة بنهاية الحرب العالمية الثانية.

وللمقارنة فإنّ انخفاض الديون لم تتجاوز نسبته الآن سوى 20 بالمائة عن ما كانت عليه في عام 2010 عندما بلغت 175 بالمائة من إجمالي الناتج الخام. وهذا يعني أنّنا نحاول إنقاذ الاقتصاد من مستوى ديون يفوق أسوأ مستوى بلغه الكون وذلك أثناء عقد الثلاثينيات من القرن الماضي. وكنا نعتقد أنّ ذلك سينجح؟

نعم سينجح ذلك بالطبع ولفترة. فمادمنا نرغب في مزيد من التداين أكثر من أن نعيد ما اقترضناه، سيكون هناك نمو. فزيادة الاقتراض تعني أن هناك أموالا داخل النظام وهو ما سيدفع الاقتصاد قدما ونشهد ذلك منذ 2010، عندما اختفت علامات أزمة 2007، وتبعا لذلك استأنف الأمريكيون عمليات الاقتراض.

لكن ولأنّ الديون الخاصة مازالت في مستويات تجعل من مظاهر عقد 1920 فترة من الانتعاش أكثر من أن تكون فترة الانكماش العظيم، فإن ذلك ببساطة يعني أنه لا يوجد سقف يحد من التداين. ولذلك فإنّ موازنات إعادة الإنعاش ستتبخر بنسق أسرع بكثير من عقد تسعينيات القرن الماضي عندما بلغ مستوى الاقتراض 120 بالمائة من إجمالي الناتج الخام.

والعلامة الأوضح على ذلك هو ما يشهده كازينو وول ستريت حيث وصل هامش الديون إلى نفس المستوى الذي بلغه خلال أكبر أزمة أسواق في التاريخ والمعروفة بفقاعة التكنولوجيا. فالزيادة وقتها كانت استعراضية، فبعد أن كانت لا تتجاوز نصف نقطة مائوية قبل 1990، بلغت في ثماني سنوات ما لا يقل عن 2.75 نقطة مائوية من الناتج الإجمالي. وفي مارس/آذار 2014 بلغنا نفس النقطة من جديد وهل اعتقدنا أنّ ذلك قد يكون بإمكانه الاستمرار في الزيادة؟

بطبيعة الحال لم يخطر ببالنا مثل ذلك السيناريو، فبالآليات المتعارف عليها في الاقتصاد الذي عهدناه، أقنعنا أنفسنا أن تأثير ذلك لن يشمل أسعار الأسهم وأنه بدلا من ذلك فإنّ تلك الأسعار ستعكس ما يعرف “بالقيمة الأساسية.”

وفي نظري فإنّ “القيمة الأساسية” الحقيقية هي رغبتنا في التداين من أجل شراء أحد الأصول. وتلك الرغبة تزداد كلما دفعت زيادة الديون أسعار الأصول إلى الأعلى. ولكن ينبغي الإشارة أيضا إلى مساوئ ذلك القاتلة بما أنّ الديون ترتفع بنسق أسرع من إعادة دفع المستحقات المالية.

هناك نجد أنفسنا أمام قاعدة الأسواق المالية: لن تبقى الديون في حالة ارتفاع طفيف فقط، وإنما ستزداد بنسق سريع جدا حتى تبقى أسعار الأسهم مرتفعة. وحتى أي إبطاء في تسارع الديون، سيكون كافيا للتأثير سلبيا في الأسواق. ومؤشر التسارع في رأيي، كان يرجح انهيار أسواق الأسهم منذ منتصف 2013. لكن سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي القائمة على “التيسير الكمي” جعلت من الأسواق قادرة على الاستمرار في تحدي خطورة إبطاء نسق الديون لمدة طويلة.

فلقد كان “التيسير الكمي” بشراء الأصول المتعثرة، برنامجا لتضخيم أسعار الأصول بما جعل من طائرة الاحتياطي الفيدرالي المليئة بالأموال تهبط على “Wall Street” وليس على “Main Street” (أي الشارع العادي بأناسه العاديين الذي يشترون تلك الأصول والذي وضعوا أموالهم في المصارف والأسواق أو اقترضوا منها).

ولكن الآن مع تراجع برنامج التيسير الكمي وانخفاضها في ضوء ما كان يبدو تحسنا في الأداء الاقتصادي، حيث أنّ نسب ضخّ الأموال في الأسواق لتمويل عمليات الشراء بدأت تتراجع، فإنّ أسواق المال والأسهم بدأت تعود الآن إلى القاعدة المتعارف عليها بأنّ تبقى تحت رحمة الديون الخاصة الضخمة. لذلك فإنه لا مجال سوى الاستعداد لمواجهة الأزمة الجديدة التي ستكون مماثلة للأزمة القديمة فمن المرجح أن تستمر السفينة التائهة في الدوران .