كتب عوني الكعكي في “الشرق”: تساءلت بعض الاوساط السياسية عن سر زيارة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى البقاع في مطلع هذا الاسبوع… وما هي الاسباب الحقيقية لهذه الزيارة وما علاقة مستودعات الصواريخ والخوف من الاستيلاء عليها او اقله تدميرها من قبل “النصرة” و”داعش”؟!
استأثر بالمشهد السياسي – الامني النبأ الذي عممه “حزب الله” من زيارة سماحة الامين العام السيّد حسن نصرالله الى منطقة البقاع، مع ما نسب اليه من كلام يمكن توزيعه على ثلاث رسائل محددة ابرزها ثالثتها:
الرسالة الاولى: الى الاطراف التي يحاربها داخل سوريا وفيها انه ماضٍ في هذه الحرب، وعبثاً يبحث احد معه موضوع الانسحاب من سوريا.
الرسالة الثانية: الى من يعنيه الامر في الداخل والخارج انه “يحارب على جبهتين حدوديتين”. جبهة الحدود مع سوريا وجهة الحدود مع اسرائيل، خصوصاً وان النبأ عن الزيارة اعقب مباشرة حادثة تفجير القذيفة بدورية اسرائيلية في مزارع شبعا.
الرسالة الثالثة: الى اهالي المقاتلين خصوصاً ابناء البقاع وبالذات ابناء العشائر منهم، وهم الاكثرية الساحقة.
ولا نود ان ندخل في التشكيك بالزيارة وعدم بث صور فوتوغرافية عنها او بواسطة الفيديو. فالزيارة قد تمت فعلاً وهذا ما ثبت لدى المراقبين جميعاً.
ولكن من الواضح ان للزيارة اهدافاً ابعد مدىً من تلك الرسائل.
الهدف الاول والابرز “الوقوف على خاطر” الاهالي… اهالي القتلى الذين يسقطون للحزب يومياً سواء اكان سقوطهم داخل سوريا ام على جبهة عرسال – بريتال واخواتها والجرود الشاسعة الممتدة على 70 كيلومتراً.
فالمعلومات الاكيدة تشير الى تململ كبير داخل الاهالي وبالذات العشائر الذين يبلعون السنتهم، حتى الآن، ولكنهم لا يكفون عن الشكوى في المجالس العائلية وفي الاتصالات البعيدة عن الاضواء، ويتساءلون: لماذا يموت ابناؤنا في سوريا؟ ولماذا يموتون في جرود عرسال؟
ويضيفون: نحن جئنا بالدب الى كرمنا. نحن الذين تدخلنا في ما لا يعنينا. نحن الذين تورطنا في ازمة اكبر منّا بكثير.
وعندما يتداولون ارقام الضحايا يبلغ الامر حداً مرعباً.
وفي المعلومات المتقاطعة لهذه الجهة انه سقط لحزب الله حتى الآن في سوريا وامتداداتها نحو عرسال وبريتال اكثر من 600 قتيل.
ويتساءلون: ماذا بقي من الانتصار الذي حققه الحزب في القصير والقلمون؟
ويستدركون: صحيح ان انتصاراً قد تحقق، ولكن ماذا بقي منه؟
وهل لا يزال الحزب قادراً على المواجهة من دون ان يدفع اثماناً مضاعفة؟
ثم ما هي تلك الاثمان؟
ويجيبون: انها اكبادنا! اننا ندفع ابناءنا في معركة لم يكن لها اي مبرر ولا هي تخدم لبنان او الطائفة الشيعية… انما هي لمصلحة ايران، وبالتالي سقط ابناؤنا بالمئات “فرق عملة” في معركة ليست معركتهم.
الى ذلك فلقد كشفت معركة بريتال ان قبضة الحزب بدأت تتراخى في غير موقع من جبهة القتال في سوريا.. تتراخى لدرجة تهدد مقاتليه. فالعمليات التي يقوم بها مسلحو داعش والنصرة ضد مواقع الحزب اثبتت نجاحها ان من حيث السيطرة على المواقع بخاصة ان العمليات قد جرت في النهار ويتبين ان المهاجمين كانو مرتاحين لعملياتهم. من حيث تسجيل اصابات كثيرة بين قتلى وجرحى، وان من حيث الحصول على غنائم.
علماً ان المساحة التي يقاتل بها داعش والنصرة تعادل مساحة لبنان. اما النقطة الاهم فهي وجود مستودعات صواريخ حزب الله وهذه قد خوّفت “حزب الله” من ان تقع بين ايدي داعش والنصرة.
ولا شك في أن هذا الواقع يثير قلقاً كبيراً لدى الاهالي الشيعة في منطقة بعلبك – الهرمل… وهو قلق يكلفهم غالياً: فاضافة الى مشاركة ابنائهم في الحرب ودفعهم الثمن الاغلى فهم مضطرون لأن يومنوا حراسة لمناطقهم وقراهم… اي انهم باتوا مكشوفين امام النصرة وداعش… ولم يعد في استطاعتهم ان يغفلوا لحظة واحدة. وهذا مكلف جداً، اذ يضطر الكثيرون الى التخلي عن اعمالهم ومصالحهم ووظائفهم لتوفير هذه الحماية “وكأنه بات مطلوباً منّا ان نحمي الحزب الذي يقول انه فعلاً تورط في الحرب من اجل حمايتنا”.
والامور لم تنته هنا.
ولعل تصاعد الاحتجاجات سينقلها من وراء الجدران المغلقة، الى العلنية عبر مختلف وسائل الاعلام… وهذا ما قد يستدعي مزيداً من التدخل من جانب السيد حسن نصر الله شخصياً…
ربما في زيارة ثانية وثالثة الى البقاع. من يدري؟!.