هل يمكن أن تخلو مجالس الإدارة في المصارف البريطانية من أبرز المواهب بسبب نظام تنظيمي تأديبي أكثر من اللازم؟
كان هذا هو الادعاء السائد في بعض أجزاء الحي المالي في لندن بعد أن تبين هذا الأسبوع أن ألان تومسون وجون ترومان، العضوين غير التنفيذيين في مجلس إدارة فرع المملكة المتحدة من بنك إتش إس بي سي، كانا يستعدان للاستقالة، جزئياً بسبب القواعد الجديدة التي تنظم عمل كبار المصرفيين.
النظام الذي هو قيد التشاور، سيخلق افتراضاً مفاده أن كبار المديرين مذنبون بسوء السلوك، في حال فشلوا في إظهار أنهم اتخذوا إجراءات كافية لمنع خرق تنظيمي خطير. والمصرفيون الذين يتسببون بتهوّر في إفلاس شركاتهم، يمكن أن يجدوا أنفسهم خلف القضبان.
تهدف هذه القوانين التنظيمية إلى منع تكرار حالات الفشل المصرفي لعامي 2007 و2008، عندما وجد دافعو الضرائب أنفسهم يُنقذون مؤسسات كبيرة، في حين أن كبار أعضاء المجلس خرجوا دون أن يمسهم أذى.
يعتزم كبار المصرفيين في المملكة المتحدة إثارة اعتراضات على نظام كبار المديرين، المقترح قبل التشاور بشأن انتهاء القواعد هذا الشهر. هناك مخاوف معينة من أن الأشخاص يمكن أن يرعبهم إطار العمل الصعب هذا من الانضمام إلى مجالس إدارة المصارف، كأعضاء غير تنفيذيين.
قال السير فيليب هامبتون، رئيس مجلس إدارة بنك اسكتلندا الملكي، الذي من المقرر أن يغادر القطاع المصرفي العام المقبل ليصبح رئيس مجلس إدارة شركة جلاكسو سميث كلاين: “إن هذا فعلاً يؤدي إلى خطر إضعاف نوعية مجالس الإدارة. نحن نعرف جميعاً أن مجالس إدارة المصارف يجب أن تتحسن، لكن هناك أعدادا صغيرة نسبياً من الأشخاص المؤهلين لهذا الدور، الذين هم على استعداد لالتزام أكبر في الوقت، أمام مجلس إدارة أي مصرف، وكذلك المجازفات الشخصية الإضافية”.
وقال عضو في مجلس إدارة مصرف آخر: “إنه سيتم اعتبار الأشخاص مذنبين حتى تثبت براءتهم”. النظام الجديد أكثر صرامة بشكل ملحوظ من ذلك الذي سبقه. إلا أن الفكرة أن نظام كبار المديرين، سوف يبعد عدداً كبيراً من المصرفيين، أمر مشكوك فيه من قبل بعض من في القطاع.
إن خطر الذهاب إلى السجن بسبب إحداث انهيار في مصرف كبير يتم رؤيته على أنه مستبعد. أنجيلا هايز، شريكته في شركة المحاماة كينج آند سبولدينج، قالت إن الأعضاء غير التنفيذيين الذين يؤدون مهامهم الرقابية باتباع الجِد الواجب، لا ينبغي أن يجدوا من الصعب الإثبات للمنظمين، أنهم اتخذوا إجراءات معقولة.
ربما لا يكون الدافع وراء الاستقالتين الوشيكتين من بنك إتش إس بي سي القواعد الجديدة التي اقترحتها هيئة الرقابة الحصيفة PRA وهيئة السلوك المالي FCA.
استشهد تومسون بأن لديه التزامات أخرى كأسباب لمغادرته. وكان ضمن العدد المحدد لأعضاء مجالس الإدارة غير التنفيذيين، التي يمكن أن يتولاها أحد كبار المصرفيين بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي. أما ترومان، الذي لم يقدم استقالته بعد، فهو يعمل في المصرف منذ عشرة أعوام – وهي مدة طويلة بما فيه الكافية بالنسبة له بألا يعتبر مستقلاً بشكل تلقائي، في إطار المبادئ التوجيهية لحوكمة الشركات.
بات ماكفادن عضو البرلمان من حزب العمال الذي كان قد عمل في اللجنة البرلمانية للمعايير المصرفية، دافع عن عملية الإصلاح الشامل، بقوله: “من المعقول الطلب من أولئك الذين يديرون شركة أن يتحملوا مسؤولية الإشراف على تلك الشركة. لقد تميزت الأزمة المالية في بعض الأماكن بسبب عدم إظهار حس بالمسؤولية”.
يقول بعض المراقبين إن المشكلة الحقيقية قد تتعلق بنص القانون بقدر أقل مما تتعلق بالطريقة التي يخشى فيها المصرفيون أن تنفذه هيئة السلوك المالية. هناك مخاوف بشأن موقف “أطلق النار أولاً، ثم اسأل لاحقاً” الذي عبر عنه ذات مرة مارتن ويتلي، رئيس هيئة الرقابة. وقالت هايز: “إن هناك قلقاً عاماً من أن هيئة السلوك المالي قد أصبحت مفرطة في جهودها للتنفيذ، وتسعى لتقديم حجج لإقامة قضايا في المحاكم، بدلاً من اتخاذ وجهة نظر متوازنة تجاه الأدلة”.
قال أحد المصرفيين: “هذا أمر رهيب، خاصة عندما تربط النظام التنظيمي الجديد بالطريقة التي يتصرف بها مارتن ويتلي، وما الذي يقوله. نظام كبار المديرين يلاحق كل من الأعضاء غير التنفيذيين، الذين يقضون خمسة أو ستة أيام فقط في العام في الاجتماعات، ولا يتقاضون سوى 60 ألف جنيه، والأعضاء التنفيذيين الذين يقضون 365 يوماً في العام، في الوظيفة ويتقاضون أجراً أكبر بكثير”.
كان أندرو بيلي رئيس هيئة الرقابة الحصيفة، قد قال إن الوضع ينبغي أن يبقى قيد الاستعراض، لضمان ألا يتم ردع أعضاء مجلس الإدارة من الانضمام إلى الصناعة. وقال في مؤتمر الشهر الماضي إنه رأى خطراً يتمثل في أن الأشخاص الجيدين قد يقولون: “لم أرغب في هذا العمل”.