عبدالله بن ربيعان
الصديق عبدالله المطوع يتحفني دائماً باقتراحات شفهية ومكتوبة تهتم وتعالج كثيراً من الخلل في الشأن الاقتصادي العام. في رسالته الأخيرة يقول عن التستر، انظر إلى بعض المحالّ في سوقنا، هل من المعقول أن معرضاً في أكبر شوارع العاصمة لا يقل إيجاره عن 200 ألف ريال سنويا، ويملكه مواطن كتب اسمه الرباعي على اللوحة، وهذا جميل وجيد لو كانت اللوحة والمحل فعلاً للمواطن. ولكن انظر وتتبع حال المواطن هذا لتعرف من مستوى سكنه، وسيارته، ومعيشته أنه لا يمكن أن يكون مالكاً لهذا المحل وأمثاله.
ثم يتساءل أيضاً عن أين تذهب عوائد هذه المحال؟ وكيف يتم التعامل فيها بالكاش بمبالغ كبيرة جداً، وكيف تحرر فيها الشيكات باسم مدير المعرض الأجنبي الجنسية، وأية ثقة هذه التي لا يمكن أن يعطيها المواطن لأبنائه فضلاً عن الأجنبي، قبل أن يختم أنه التستر يا صديقي لا الثقة.
وبمناسبة الكاش، فقد حضرت بنفسي بيعة أحد الأصدقاء محصول مزرعته لأجنبي بحوالى 300 ألف ريال، فأخذ يخرج من كل جيب من جيوبه الداخلية والخارجية ربطة من فئات الـ500 ريال حتى أتم دفع المبلغ. وهذا يعني أنه مع كبر حجم التستر يزيد حجم تداول النقد خارج النظام المصرفي، ويزيد معه ظاهرة غسل وتهريب الأموال، ولا يمكن معه تحديد حجم الزكاة لأن المتستر يتعامل بالنقد ولا يمكن إثبات ولا معرفة متوسط مايربح لتفرض عليه نسبة الزكاة الواجبة.
وللقضاء على التستر، يقترح المطوع أن يُفرض على كل معرض أو محل في السوق مهما صغر حجمه فتح حساب مصرفي باسم صاحب المنشأة الأصلي تدخل فيه جميع المبالغ المدورة كل يوم أو يومين، ويتم تقدير المبالغ من خلال المعرض، ويتم مراقبة الحساب من طريق شركات مصرفية بالتعاون مع مؤسسة النقد.
ويرى أنه بهذا الشرط سيتم «تكتيف» المتستر عليهم وتقيييد حريتهم، وهو ما لن يرضاه كثير منهم لأن صاحب الاسم (السعودي) سيكون هو المتصرف، وليس الأجنبي كما هو حالياً.
ويرى أن يتم وضع غرامة لا تقل عن 100 ألف لكل مخالف ويتم إعطاء مهلة لا تزيد على ثلاثة أشهر لتصفية أعمال كل منشأة تكون ملكيتها الصورية لسعودي، والملكية الفعلية لأجنبي.
ويقترح أن تتم مراقبة ومتابعة كل ما ذكر من طريق شركة متخصصة، وتكون إيراداتها من نسبة من الغرامات التي تستحق على المنشأة المخالفة. وليس «ساهر» عنا ببعيد.
شخصياً، أعتقد بأنه لو طبق الاقتراح الذي ذكره الصديق المطوع فسيتم تحجميم حوالات العمالة للخارج بما لا يقل عن النصف، كما سترتفع إيرادات الزكاة، ويقل حجم تهريب وغسل الأموال، فالتداول المصرفي يضبط الأمور، ويعيد الأمور والسيطرة ليكون بيد المواطن، وهو ما لن يقبله كثير من المتستر عليهم ممن يسرحوا ويمرحوا ويتصرفوا بكامل الحرية حالياً في مقابل مبلغ صغير مقطوع للمتستر.
ولكي لا يتضرر المواطن جراء الحملة التي يطالب بها المطوع لضبط الأمور يقترح نقل كفالة جزء كبير من المتستر عليهم وبخاصة أصحاب المهن التي يحتاجها المواطن إلى صندوق الموارد البشرية ويتم إصدار إقامات مختلفة ووضع نظام خاص بهم وبخاصة عمالة المقاولات التي نحتاجها حالياً.
– وبمناسبة التستر، فالكل يتذكر كبر حجم الحملة التي قادتها وزارتا الداخلية والعمل على المتخلفين في البلد في بداية العام الهجري، وترحيل الألوف من العمالة المخالفة لنظام الإقامة.
الملاحظ أن الحملة خفتت وتوقفت، وقيل لي في زيارات خلال عيد الأضحى لبعض القرى والمزارع إن العمالة التي لم ترحل عادت للعمل، وعادت ظاهرة الهرب من الكفيل والعمل عند آخر كما السابق، وكأنك يا «أبوزيد ما غزيت»، كما يقال.
ومني إلى وزيري الداخلية والعمل لإعادة الحملات وبالكثافة والصرامة السابقة نفسهما، قبل أن تستفحل المشكلة وتعود الأمور لسابق عهدها غير الجيد للوطن ولا للمواطن.