Site icon IMLebanon

وزير الاقتصاد: لمؤتمر وطني من اجل وضع استراتيجية إقتصادية موحّدة

Joumhouriya-Leb

رنا سعرتي

تشير آخر الأرقام إلى أّنّْ الإستهلاك المحلي اللبناني، أي الناتج عن اللبنانيين، في ارتفاع مستمرّ حيث تجاوز إرتفاعه الـ 4% خلال الثمانية أشهر الأولى من العام 2014 نسبة إلى الفترة نفسها من العام 2013. هذه الزيادة في الإستهلاك هي نتيجةُ تحويلات اللبنانيين المغتربين إلى ذويهم وأقاربهم في لبنان.
أما الإستثمار، فتشير الأرقام إلى أنّ قروض كفالات تراجعت بنسبة 4.15% خلال الثمانية أشهر الأولى من العام 2014 نسبة إلى الفترة نفسها من العام 2013 كذلك فإنّ الإستثمارات الخارجية المباشَرة (FDI) تراجعت بنسبة 23% في العام 2013 بحسب الـ UNCTA.
هذا الأمر يؤدّي إلى تآكل الماكينة الاقتصادية التي أصبحت في حاجة إلى إستثمارات وإصلاحات ضرورية لكي لا يسقط الاقتصاد اللبناني في حُكم الاقتصاد الهامشي الريّعي.
وفي السؤال عن السُبل المُتاحة لمعالجة هذا الوضع، يقول وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية» إنّ «الأهمية تكمن في الحصول على إقتصاد متنوّع وليس فقط إقامة إقتصادٍ خدماتي يكون رهينةً حتمية لوضع أمني وسياسي هشّ في بلد أصبح النظام فيه، في أزمة.

هذا التنويع يعني وضع إستراتيجيات تطال القطاعات كافة من زراعة، صناعة، سياحة، بنى تحتية، قطاع النفط، قطاع المياه، الخدمات… من هذا المُنطلق يتوجب علينا كسياسيين مسؤولين عن الشأن العام تحييدَ الاقتصاد عن السياسة لأنه وفي الواقع ما من فريق سياسي إلّا ويُريد ازدهار الاقتصاد اللبناني وتطويره لما في ذلك من خيرٍ يطال شرائح المجتمع اللبناني كله بغض النظر عن إنتماءاتهم الطائفية والسياسية».
أضاف حكيم: «في خضمّ الخضات التي يعيشها لبنان والإنقسامات الحادة على المواضيع السياسية، نرى أنّ هناك الكثير من النقاط الاقتصادية التي نتفق عليها. لذا لماذا لا يُمكننا ترجمة هذا الاتفاق في ورقة وطنية تُحدد السياسة الاقتصادية للبنان وتتبعها الحكومات المُتعاقبة مهما كان لونها أو الفريق الذي تنتمي إليه؟
وهنا يكمن طرحنا بعقدِ مؤتمرٍ إقتصادي وطني تُشارك فيه كلّ الأطراف السياسية والهيئات الاقتصادية والنقابية، ويكون هدفه تحديد إستراتيجية إقتصادية وطنية مع الأخذ بالإعتبار الأمور الطارئة والتي تحتاج إلى جوابٍ سريع من الدولة واللاعبين الإقتصاديين».
عن مضمون هذا المؤتمر وسبلِ تنظيمه أجاب حكيم «هذا المؤتمر سيكون بمثابة خطة تتبعها الحكومات المُتعاقبة وتُقسم إلى مراحل ثلاث: الأمد القصير، الأمد المُتوسط والأمد البعيد.

وفي كل مرحلة يجب تحديد ما يجب عمله والقيام به لخدمة الإستراتيجية الاقتصادية. مثلاً على الأمد القصير نحن في حاجة ماسة إلى إقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحرير القطاع الكهربائي والإتصالات، ضبط العمالة السورية، دعم القروض للشركات الصغيرة والمُتوسطة الحجم ولجم الهدر في المرافق العامة.

على الأمد المُتوسط، يجب البدء بتدعيم النموّ عبر دعم الصناعات التي يستهلكها السوق اللبناني ويستوردها حالياً من الخارج، وتتواكب مع سياسة بحثية (R&D) على الصعيد الوطني إذ من المعروف أنّ لبنان هو مستهلكٌ للتكنولوجيا ولا يستخدمها في ماكينته الإنتاجية. وعلى الأمد الطويل يُمكننا ذكر البنى التحتية التي يحتاجها لبنان لمواكبة عصر النفط والغاز».

السياسة البحثية

ورداً على سؤال عن رؤيته للسياسة البحثية التي يتوجب إتباعها في لبنان، يقول وزير الاقتصاد والتجارة: «عندما نتحدّث عن أبحاث، نقصد قبل كلّ شيء التكنولوجيا لأنّ الجميع يعرف مدى تعلق الإنسان العصري بالتكنولوجيا. لكنّ هذا الأمر يحتاج إلى أموال طائلة لا يملكها لبنان ولا يُمكن حتى إجراؤها على صعيد دولة نامية.

لذا نرى أنّ الحلّ يكمن في دور الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في إنماء لبنان وهذا محورٌ أساسي في إستراتيجية النموّ التي تعتمد على الإستهلاك الكبير وخلق قاعدة تكنولوجية محلّية. لكنّ الإنماء الاقتصادي لا يتميز فقط بزيادة كثافة رأسمال الإنتاج، فالتعايش بين الاقتصادات النامية والاقتصادات المتقدّمة يؤدّي الى عدم تجانسٍ بُنيوي في العالم الثالث.
وعدم التجانس البُنيوي يخلق نوعاً من الريع ويقتل التطوّرَ التكنولوجي المحلّي. لذا يتوجب خلق قاعدة تكنولوجية محلّية على صعيد لبنان بما يعني إعتماد منهجية تقوم على التكنولوجيا المتوسطة التي تُمثل الطريق الأمثل للحصول على التكنولوجيا المتقدّمة.
من هنا دعمنا المُطلَق للشركات الصغيرة والمُتوسطة الحجم التي هي حجر الأساس في الاقتصاد من ناحية قدرتها على جلب التكنولوجيا من جهة وتوزيع الثروات بشكل عادل على المجتمع من جهةٍ ثانية. وهنا يأتي الدورُ المتوازن للدولة في الاقتصاد من ناحية خلق بيئة مؤاتية للقطاع الخاص وخلق فرص عمل للشباب مع حوكمة دون تحيّز».

موعد انعقاد المؤتمر
عن الموعد المقرّر للمؤتمر الاقتصادي الوطني، قال حكيم: «سينعقد في القريب العاجل حيث سنرسل تصوّراً مبدئياً للإستراتيجية الاقتصادية إلى كلّ الفرقاء السياسيين والأحزاب والفعاليات الاقتصادية والنقابية والوزارات والمؤسسات المعنية لكي نبدأ التشاورَ من نقطة ما. وهذا الأمر سيسمح بوضعِ لائحةٍ من المبادئ سيتمّ الاتفاق عليها».

لا شكّ في أنّ طموح وزير الاقتصاد وما يأمله من هذا المؤتمر كبيرٌ جداً، إلّا أنّ السؤال يبقى عن نيّة الفرقاء جميعاً في الوصول إلى إستراتيجية إقتصادية وطنية.