Site icon IMLebanon

نقولا شماس: القطاع التجاري يواصل انحداره والانتكاسات المتتالية تضيِّع الفرص

Safir

عدنان حمدان

واصل معظم القطاعات التجارية بالتجزئة التراجع في أرقام أعماله في الفصل الثاني من 2014 مقارنة مع الفصل ذاته من السنة الماضية، إذ سجّلت الوقائع انخفاضاً لافتاً في بيع السلع الصيدلانية بالتجزئة، بلغ 37.14 في المئة، 29.41 وفي المئة لمبيعات الأجهزة الخلوية، إلى جانب هبوط حاد في قطاع بيع الكتب والصحف والمجلات بلغ 24.57 في المئة، و9.62 في المئة في قطاع بيع التجهيزات المنزلية. كذلك بلغ تراجع مبيعات الأحذية 10.33 في المئة، و2.79 في المئة للملابس، بالرغم من استمرار الحسومات الكبيرة. كما سُجّل تراجع حقيقي بنسبة 5.65 في المئة في مبيعات المشروبات الروحية. وطال الانخفاض قطاع المطاعم الذي ظلّ يسجل تراجعاً، بلغ 1.38 في المئة، وذلك وفق مؤشر جمعية تجار بيروت ـ فرنسبنك لتجارة التجزئة».

ضغوط يومية

كيف يمكن ان يتعافى الاقتصاد اللبناني في مجمل قطاعاته التجارية والسياحية، وسط أزمات اقتصادية متلاحقة؟ وكيف يمكن للعاملين في هذه القطاعات أن يستمروا في ظل انعدام فرص العمل، وتراجع القدرة الشرائية، ويوميات يتعرض فيها الجميع لشتى انواع الضغوط التي تبدأ بالكهرباء والمياه وزحمة الطرق والتلوث، ولا تنتهي عند أعباء النزوح السوري الكبير وانعدام الاستقرار الامني والسياسي والاحداث المتنقلة، وأخيراً الإرهاب؟
رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس تحدث لـ«السفير»، فوصف «وضع القطاع التجاري بالمزري والمحبط»، معيداً السبب الى الانتكاسات المتتالية»، مشيراً الى «إضاعة فرص التقاط الأنفاس، وهذا ما لم يحصل».
يؤكد شماس على الرزنامة التجارية التي تختصر اربع محطات: الصيف، أعياد الفطر، الأضحى والميلاد، مبدياً أسفه أن «لبنان خسر تباعاً كل هذه الفرص التجاريه والسياحية، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية»، لكنه يستطرد بالقول «للأمانة كان القطاع التجاري انتعش بعض الشيء خلال الفصل الثاني من العام 2014، في أعقاب تشكيل حكومة المصلحة الوطنية، والنجاح الاولي للخطتين الامنيتين في شمال لبنان والبقاع، إنما انقلب الوضع رأساً على عقب. فالشغور في رئاسة الجمهورية فتح الباب على الفوضى الدستورية. وفي المقابل انبعاثات البركان السوري في عرسال وغيرها من المناطق، ادى الى تعكير الجو الامني، وبالتالي الاقتصادي في لبنان».
يتوقع شماس. ازاء كل ما يجري ان «يستمر المنحى التراجعي في القطاع التجاري، ما لم تحدث صدمة كبيرة تغير الوقائع على الارض، مثل انتخاب رئيس للجمهورية وإطلاق سراح العسكريين».

القطاع مرهق

في المحصلة، يقول شماس، إن «القطاع التجاري مرهق بسبب العوامل الآتية: الهبوط المريع في رقم الاعمال، والارتفاع الصاروخي للاعباء التشغيلية، فضلا عن الالتزامات المالية الاخرى، مثل الضرائب والفوائد» .. الخ. هذا ما يوقع التاجر في حيرة من امره، فهل سيستقدم المزيد من البضائع من الخارج، مما يرتب عليه اعباء مالية اضافية، ام يدير مؤسسته بتقشف، ويخسر المزيد من الزبائن؟ التاجر اللبناني يختار دوماً الصمود والتجدد والابقاء على علاقاته في الداخل وفي الخارج، بانتظار اوضاع اكثر استقرارا، ولو كلفه ذلك المزيد من التضحيات المالية، علماً انه تصلنا تقارير من المناطق تفيد عن تعثر هذا التاجر، او اقفال ذاك المحل التجاري. هذه ظاهرة اكيدة ليست بحاجة الى التحقق منها بالعين المجردة».
للدلالة على اقفال محال تجارية وسهولة الحصول على مثلها، يشير رئيس جمعية تجار بيروت الى ان الاسواق الراقية في بيروت والحمراء والأشرفية وغيرها، كانت على لائحة انتظار للحصول على موقع تجاري معين، وبعد ان تفشت ظاهرة الإقفال، بات من السهل جدا الحصول على مأجور تجاري في العاصمة».
للتأكيد على تراجع المؤشرات التجارية، يذكر شماس بما يبيّنه مؤشر جمعية تجار بيروت وفرنسبنك لتجارة التجزئة، ومؤشر جمعية تجار بيروت وبنك ميد للاستثمار، من تراجع، فيؤكد ان «النشاط التجاري قد تراجع بنسبة 35 في المئة بداية 2011 ونهاية 2013، وأن التقديرات الاولية تفيد ان نسبة التراجع خلال العام الحالي ستلامس 10 في المئة، مما يؤشر الى كارثة موصوفة في القطاع التجاري».

أرباح قليلة وخسائر كثيرة

كانت «الهيئات الاقتصادية» قد أثارت المزاحمة السورية للتجار والصناعيين اللبنانيين والعمالة اللبنانية، مع ان النازحين السوريين تزايدت اعدادهم بشكل كبير، وهم في الوقت ذاته من الفئات المستهلكة، يجيب شماس على ذلك بالقول: «ما يقال عن مساهمة استهلاك النازحين السوريين في إنعاش الاقتصاد الوطني هذه ظاهرة نسبية تؤدي الى القليل من الارباح والكثير من الخسائر. فإن استهلاك هذه الفئة لمروحة محدودة من المواد الضرورية جلها يأتي بشكل هبات وإعانات من خارج لبنان. اما الشق السلبي من المعادلة فيتمثل في استنزاف النازحين لأسواق العمل والإنتاج اللبنانييْن، مما يضرب القدرة الاستهلاكية والإنتاجية لدى العمال والمؤسسات، والدليل على ان سلبيات النزوح على الاقتصاد اللبناني تفوق بكثير إيجابياته، هو تقدير البنك الدولي لهذا الانعكاس بـ 7.5 مليارات دولار على الاقتصاد و5 مليارات على الخزينة العامة».
ولم ينس شماس الاشارة الى ان «جمعية تجار بيروت قد تنبهت لهذا الخطر، فأطلقت صرخة لحماية اليد العاملة اللبنانية، وتاليا الاقتصاد. وفي المقابل تنسق جمعية تجار بيروت مع وزارتي العمل والاقتصاد من اجل معالجة موضوع العمالة المنافسة وغير المشروعة والمؤسسات غير الشرعية التي تقض مضاجع التجار في العاصمة وخارجها. انما الجمعية لا تستطيع التحرك ميدانياً، إذ إن هذه المهمة السيادية متروكة للسلطات اللبنانية».
أخيراً يتوقع شماس المزيد من التردي في القطاع التجاري، الا اذا حصلت صدمة كبيرة تغير الوقائع على الارض، تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق سراح العسكريين.