أصبحت فكرة تعديل الذاكرة البشرية وإعادة تشكيلها، وحتى التلاعب بها موضوعا تعالجه السينما. بيد أن الأمر في الحقيقة جدي وليس مزحة، فالكثير من المعامل البحثية تعمل على هذه الدراسات وتوصلت لنتائج مذهلة. تعرفوا على هذه النتائج مع دكتور بييرماري – ليدو مدير قسم العلوم العصبية في معهد باستور الفرنسي في باريس.
اكد ليدو انه “منذ عامين أجريت سلسلة من التجارب كان نتيجتها أننا استطعنا التوصل لآليات لتعديل والتلاعب بالذاكرة”. وقام بهذه التجارب العالم الياباني سوسومو تونيغاوا، الذي يعمل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بنيوجيرسي ومعهد ريكين بطوكيو، مع فريق من المتخصصين. سوسومو وفريقه استطاعوا العام 2012 تعديل الذكريات المخزنة في قرين دماغ القوارض بواسطة آلية جديدة تدعى البصريات-الوراثية.
بعدها بعام واحد استطاع نفس الفريق إثبات أن الذاكرة الإنسانية سيرورة من العمليات الهشة وغير المستقرة وأنه بالإمكان استبدال ذكرى معينة بأخرى داخل الدماغ وحتى تبديل ذكريات حقيقية بأخرى زائفة داخل ذاكرة القوارض. وأثبتت دراساتهم أنه بالإمكان الجمع في الدماغ بين ذكريات سيئة متجاورة بعضها حقيقي وبعضها زائف.الأمر الأكثر دهشة في هذه الدراسات أن الذكريات الحقيقية كما الزائفة تفّعل نفس المناطق العصبية في المخ. وهي نفس النتائج التي قدمت في عدد من أفلام الخيال العلمي مثل “توتال ريكال” و”إنسيبشن”.
من ناحية أخرى، أثبت فريق روبرتو مالينو حديثا أنه من الممكن تشكيل وحتى محو ذكريات معينة ثم إعادة تفعيلها بواسطة تقنيات البصريات – الوراثية. بالطبع القدرة على تحويل أو إعادة برمجة الذاكرة ليس شيئا جديدا بل كان معروفا من قبل، ولكن على مستوى إمبريقي فقط (معملي). أما اليوم ومع تكنولوجيا البصريات – الوراثية أصبحت قواعد التحكم بالذاكرة أكثر صرامة، وكمية وهو ما يعطي دفعة حقيقية لعلاج السلوكيات المعرفية المعطوبة.