أبرز هبوط أسعار الأسهم لشركات النفط والغاز في الولايات المتحدة عاملاً حاسماً محتملاً في حرب أسعار الخام التي تلوح في الأفق – وهو ثقة المساهمين.
هبطت الأسهم في جودريتش بتروليوم، الشركة الصغيرة المنتجة للنفط والغاز بنسبة 30 في المائة، وهو ما يجعلها من أكثر الضحايا المذهلة لهذا اليوم، ولكن الشركات الأكبر بكثير قد تضررت أيضاً، حيث تراجعت أسهم شركات كونتيننتال ريسورسز بنحو 5.1 في المائة، وهيس بنسبة 5.8 في المائة وانخفضت أسهم EOG للموارد بنسبة 6.8 في المائة.
غير أن معظمها انتعش، وكانت شركة جودريتش قد ارتفعت بما يزيد على 7 في المائة، ولكن كلها كانت أقل من المستويات التي كانت قد بدأت بها الأسبوع.
بعد ثلاث سنوات مما وصفه كريستوف رول، كبير الاقتصاديين السابق في شركة بريتيش بتروليوم، باعتباره “الهدوء الموحِش” في سوق النفط، عاد التقلب.
استعداد السعودية الواضح للسماح لانخفاض أسعار النفط الخام سيختبر دعم أسواق رأس المال للمنتجين الأمريكيين. ذلك هو الأمر الذي يتشكل ليكون أصعب امتحان للصناعة في أمريكا الشمالية، منذ بدء ثورة الصخر الزيتي لإحياء إنتاج النفط الأمريكي في عام 2009.
يقول بوب ماكنالي، وهو مسؤول سابق في البيت الأبيض، ويرأس الآن مجموعة رابيدان، وهي شركة استشارية مقرها واشنطن، إنه بدلاً من كبح جماح الإنتاج لدعم أسعار النفط عند نحو 100 دولار للبرميل، يمكن للسعودية أن تتحمل بسهولة السماح بانخفاض الأسعار إلى مستوى 80 دولاراً للبرميل على الأقل.
عملية حسابية تقريبية تشير إلى أن السعودية لن تخسر إلا جزءًا صغيراً – يراوح بين عشرة مليارات دولار و20 مليار دولار – من أرصدتها التي تبلغ نحو 750 مليار دولار في احتياطيات النقد الأجنبي وذلك عند تراجع أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل، كما يقول ماكنالي.
ويضيف: “عندما تدعو الحاجة لذلك، لا ندري ماذا سيفعل السعوديون إزاء خفض الإنتاج”. ويضيف: “التعليقات الأخيرة من قبل المسؤولين السعوديين تعني أنه إذا كان يتوجب خفض الأسعار، فيجب أن يكون ذلك من الكل”.
مع انخفاض أسعار خام برنت المتداول دولياً لأقل من 88 دولاراً للبرميل – وهو أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات – وانخفاض مؤشر خام غرب تكساس المتوسط الأمريكي إلى أقل من 85 دولاراً، وذلك انخفاضاً عن أكثر من 107 دولارات في حزيران (يونيو)، فإن معظم إنتاج الولايات المتحدة من الصخر الزيتي لا يزال مربحاً، كما يقول المحللون.
شركة وود ماكينزي للاستشارات، تقدر أن معظم إنتاج الولايات المتحدة من الصخر الزيتي سيصل نقطة التعادل عند 75 دولاراً. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه حتى يكون هناك أذى لا يستهان به يصيب النفط الصخري الأمريكي وغيره من مصادر إنتاج الطاقة غير التقليدية، فلا بد أن تهبط الأسعار هبوطاً حاداً.
ومع ذلك، إذا استمرت الأسعار في الانخفاض، فإن الضغط على الصناعة سينمو، لأن
شركات النفط والغاز الصغيرة ومتوسطة الحجم التي قادت ثورة الصخر الزيتي تعاني من عجز حركات النقد منذ سنوات. وقد تجاوز الإنفاق الرأسمالي التدفقات النقدية التشغيلية للشركات.
الانخفاض الحاد في الإنتاج من آبار الصخر الزيتي – إذ إنه يمكن أن ينخفض بنسبة 60 في المائة أو أكثر في السنة الأولى – يعني أنه ينبغي على الشركات الحفاظ على عملية التنقيب على الآبار لمجرد الاستمرار في عملية الإنتاج، ناهيك عن زيادته.
إذا كانت الأموال المخصصة للحفر تنضب، فإن الإنتاج سينخفض بسرعة، وسوف تنهار بالتالي الطفرة النفطية الأمريكية.
أخيرا، في شهر آب (أغسطس)، كان يتوقع المحللون أن الشركات الرائدة المنتجة للنفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة في العام المقبل ستغطي، مجتمعةً، الإنفاق الرأسمالي على التدفقات النقدية من التشغيل. الآن هذا الاحتمال ينحسر. كثير من الشركات المنتجة تستخدم المشتقات لحمايتها من خطر انخفاض الأسعار. شركة بايونير للموارد الطبيعية، على سبيل المثال، ذكرت في آب (أغسطس) أنها كانت قد اشترت خيارات لبيع 54 ألف برميل من النفط يومياً في عام 2016 – بنحو 65 في المائة من إنتاجها من النفط في عام 2014 – مع متوسط أسعار دنيا تبلغ 85.83 دولار للبرميل.
فيليب فيرليجر، الخبير الاقتصادي في الطاقة، يجادل بأن استخدام العقود الآجلة والمقايضات جعل طفرة الصخر الزيتي الأمريكي ممكنة، لأن الشركات الصغيرة التي قادت الثورة كانت قادرة على تأمين التمويل فقط، لأنه كان لديها تحوط ضد مخاطر أسعار السلع الأساسية.
على أن بيع النفط في تلك الأسعار الدنيا لا يزال يعني أن هناك إيرادات أقل من الأسعار السائدة في وقت سابق من هذا العام، ثم أن الشركات لا تستطيع التحوط إلى الأبد. إذا ما استمرت الأسعار في الانخفاض لفترة أطول من سنة، فإن المعاناة من وراء ذلك سوف تزداد سوءا.
يقول فاني جاد، المحلل لدى شركة وود ماكينزي، إنه إذا كانت أسعار النفط قد بقيت عند 100 دولار للبرميل، فإن جميع الشركات الرئيسية المنتجة للصخر الزيتي قد تكون قادرة على تغطية الإنفاق الرأسمالي من التدفق النقدي في غضون سنتين أو ثلاث سنوات، لكن حين يكون السعر أقل من 90 دولاراً، فإن ما بين 30 في المائة و60 في المائة من هذه الشركات المنتجة، سيتجاوز إنفاقها ما لديها من تحركات نقدية.
عملت سنوات من العجز النقدي على تراكم الديون. بلغ إجمالي قيمة السندات ذات العائد المرتفع التي تصدرها شركات الطاقة في تصنيف بـ أو أقل 75 مليار دولار، وهو يعد ارتفاعاً من مجرد 16 مليار دولار في عام 2009، وذلك وفقا لـ”فيتش” وكالة التصنيف.
حتى تتمكن الشركات من مواصلة الحفر، يجب على شركات الصخر الزيتي في الولايات المتحدة أن تكون قادرة على إقناع المساهمين، بأن الأمر يستحق الالتزام بالمزيد من السندات ورأسمال الأسهم.
يعتقد فيرليجر أن اقتصاديات النفط الصخري الأمريكي ستستمر في أن تكون جذابة نسبياً. ويجادل بأن البلدان المنتجة المعرضة أكثر من غيرها للمخاطرة، سوف تكن بعض بلدان أوبك، مثل فنزويلا، والرمال النفطية في غرب كندا. وفي الشهر الماضي قالت شتات أويل، شركة النفط النرويجية التي تسيطر عليها الدولة، إنها ستعلق مشروعاً لها للرمال النفطية في كندا لمدة ثلاث سنوات على الأقل بسبب ارتفاع التكاليف. إذا عملت الأسعار المتدنية الآن على إيقاف بعض مشاريع الإنتاج في المستقبل في كندا، وربما بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار على المدى الطويل، وبالنسبة للسعودية فإن أي ألم على المدى القصير، يمكن أن تعانيه الآن ستكون قادرة على تحمله.
بول سانكي، وهو محلل في وولف للأبحاث، يحذر من أنه من الصعب معايرة أثر هذه التغيرات في الأسعار بصورة دقيقة. ويقول إنه إذا تم تقليص قدر فوق الحد من الإنتاج واستمر الطلب في النمو، فإن سوق النفط يمكن أن تصبح شديدة مرة أخرى وبسرعة.