السيد سليمان
أظهرت مؤشرات رسمية مصرية أن اقتصاد البلاد في طريقه للتعافي تدريجيا مع بدء تلاشي آثار رفع جزء من دعم الطاقة، وهي الخطوة الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة في يوليو (تموز) الماضي لتخفيض عجز الموازنة.
وبدت الإرادة السياسية المدعومة شعبيا عازمة على تحريك عجلة الاقتصاد إلى الأمام، في بلد أنهكته الاضطرابات السياسية التي ترافقت مع الإطاحة برئيسين خلال الأعوام الـ3 الماضية، في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان؛ يقطنه نحو 87 مليون نسمة، وفق آخر الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للمحاسبات.
وتظهر الأرقام التي أعلنتها الحكومة، الأسبوع الماضي، نمو الناتج المحلي الإجمالي بالربع الرابع من العام الماضي المنتهي في 30 يونيو (حزيران) بنسبة بلغت 3.7 في المائة مرتفعا من نسبة بلغت 2.5 في المائة في الربع الثالث و1.7 في المائة في الربع الثاني من العام.
وفي العام المالي 2013 – 2014، نما الاقتصاد المصري بنسبة بلغت 2.5 في المائة، وتقول الحكومة إنها تستهدف وصول معدلات النمو إلى 6 في المائة بعد 5 سنوات من الآن.
ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد المصري بنسبة تبلغ 2.2 في المائة هذا العام و3.5 في المائة في العام المقبل، في انخفاض عن توقعات سابقة في أبريل (نيسان) عند 2.3 و4.1 في المائة على الترتيب.
وفي سياق تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، تراجع معدل تضخم أسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 11.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) بعد ارتفاعه إلى 11.5 في المائة في أغسطس (آب) عقب خفض الدعم على الوقود والكهرباء.
وانخفض التضخم الأساسي إلى 9.15 في المائة في سبتمبر (أيلول) من 10.07 في المائة في الشهر السابق، وفق آخر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي المصري.
وأبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الخميس الماضي مع الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عند مستوى 9.25 و10.25 في المائة على التوالي. كما تقرر الإبقاء على سعر العملة الرئيسة للبنك المركزي عند مستوى 9.75 في المائة، وسعر الائتمان والخصم عند مستوى 9.75 في المائة.
وقال جاسون توفي، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط لدى «كابيتال إيكونوميكس»: «بدأت مصر في جني ثمار الخطوات الإصلاحية التي اتخذتها من خلال خفض فاتورة دعم الطاقة، إضافة إلى عودة الثقة في الاقتصاد بما يشجع على خلق بيئة أفضل لجذب الاستثمارات الأجنبية».
وارتفع مؤشر مستوى الثقة للأعمال والتجارة في مصر، وهو مؤشر خاص أطلقه «إتش إس بي سي»، بمقدار 47 نقطة، ليصل إلى مستوى 146 نقطة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتحسن أيضا ترتيب مصر على مؤشر «ستاندر آند بورز» لقياس قدرة الدول على سداد ديونها في الربع الثالث، وخرجت من قائمة الدول الـ10 الأكثر قابلية للتخلف عن سداد ديونها، وفق ما أعلنت وكالة التصنيف الائتماني على موقعها، أمس. وقال التقرير إن ترتيب مصر تراجع من المركز العاشر في الربع الثاني إلى المركز الـ13 في الربع الثالث بالمؤشر الذي تتصدره الأرجنتين كأكثر الدول قابلية للتخلف عن سداد ديونها. وانخفضت مخاطر التخلف عن سداد الالتزامات لمصر إلى 272 نقطة أساس في الربع الثالث من العام الحالي، مقابل 319 نقطة أساس في الربع الثاني لتبلغ نسبة التراجع 14.8 في المائة.
كما تشير الأرقام أيضا إلى ارتفاع صافي الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بقيمة 36 مليون دولار خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، ليسجل 16.871 مليار دولار مقابل 16. 835 مليار دولار بنهاية أغسطس (آب)، و16.736 مليار دولار بنهاية شهر يوليو (تموز) من العام نفسه.
وتعول القاهرة على الشركاء الخليجين في دعم احتياطات البلاد من العملة الصعبة، حيث تلقت فعليا حزمة مساعدات بمليارات الدولارات، في انتظار المزيد من الدعم من خلال مؤتمر اقتصادي دعت إليه السعودية لدعم مصر ينتظر أن يعقد أوائل العام المقبل.
في تلك الأثناء، لا يزال قطاع السياحة المصري يعاني حيث تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة السياحة المصرية انخفاض نسبة السائحين الوافدين إلى مصر بنسبة بلغت 13 في المائة خلال الفترة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني)، حتى أغسطس (آب) من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام المنقضي.
وتراجع الدخل السياحي لمصر خلال العام الماضي إلى 5.9 مليار دولار، مقابل 10 مليارات في 2012 بانخفاض 41 في المائة.
وتعول مصر على قطاع السياحة في توفير نحو 20 في المائة من العملة الصعبة سنويا، بينما يُقدّر حجم الاستثمارات بالقطاع بنحو 68 مليار جنيه (9.5 مليار دولار)، حسب بيانات وزارة السياحة.
وإلى مؤشرات الاقتصاد الجزئي، أظهر مسح نشرت نتائجه الثلاثاء الماضي، نمو أنشطة الشركات في مصر في سبتمبر (أيلول)، بوتيرة قاربت المستويات القياسية.
وسجل مؤشر «إتش إس بي سي مصر»، لمديري المشتريات بالقطاع الخاص، غير النفطي، 52.4 نقطة في سبتمبر (أيلول) بما يقل 0.1 نقطة فقط عن أعلى مستوى له على الإطلاق (52.5 نقطة) الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
وأظهر المسح، الذي يشمل نحو 350 شركة من شركات القطاع الخاص، أن الإنتاج نما بشكل مطرد في سبتمبر الماضي، إذ وصل المؤشر الفرعي للإنتاج إلى 53.3 نقطة. وتشير أي قراءة فوق الـ50 إلى حدوث نمو، وأي قراءة دونها إلى انكماش.
وقالت علياء المبيض، الخبيرة الاقتصادية لدى «باركليز» لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مؤشرات على تحسن الاقتصاد في مصر، ولا يزال الأفضل لم يأتِ بعد؛ فهناك خطط حكومية لتحفيز الاستثمار بالبلاد من خلال إنفاق أكبر وخطط تشريعية لإصلاح بيئة الاستثمار بالبلاد».
وتتضمن موازنة مصر للعام المالي الحالي 67 مليار جنيه للاستثمارات، منها 58 مليار جنيه استثمارا حكوميا.
وتشير الأرقام الحكومية أيضا إلى نمو الاستثمارات في العام المالي المنتهي بنهاية يونيو (حزيران)، بنسبة بلغت 12.9 في المائة، وفق الأرقام المنشورة على موقع وزارة المالية المصرية.