قدت مصارف جنيف التي تعتبر اول مركز عالمي لادارة الثروات الشخصية، من ثقلها اثر حملة مطاردة المتهربين من دفع الضرائب، وتسعى الى الانطلاق مجددا لاستعادة مركزها، بحسب المنظمة المتخصصة “جنيف مركز مالي”.
وفي العام 2003، كانت سويسرا وخصوصا جنيف تدير 31 بالمئة من الثروة العالمية، وفي 2013 تراجعت هذه النسبة الى 26 بالمئة (او 2300 مليار دولار)، بحسب تقرير “غلوبال ويلث” الذي ينشره “بوسطن كونسلتينغ” للاستشارات.
من جهة اخرى، وبين 2012 و2013، اقفل 18 مصرفا ابوابه في جنيف بسبب الاندماج او اعادة الهيكلة.
لكن سويسرا تبقى، حتى مع 26 بالمئة فقط، الدولة الاولى في ادارة الثروات الشخصية.
وفي 2013، كان حوالى 37391 شخصا يعملون في القطاع المصرفي والمالي في جنيف. وفي المدينة 121 مصرفا و870 مديرا مستقلا للثروات و3283 وسيطا ماليا و513 مكتبا للمحاماة وكتاب عدل.
وراى نيكولا بيكتيه رئيس مؤسسة “جنيف مركز مالي” انه “حان وقت الاستفاقة”.
واشار تصنيف لابرز الاسواق المالية الدولية الى ان جنيف لم تعد ضمن المراكز العشرة الاولى في العالم، وباتت في المرتبة الثالثة عشرة عالميا، كما اعلن بيكتيه الثلاثاء اثناء المؤتمر الصحافي السنوي للمؤسسة.
ويعتبر المصرفي ان هذا التراجع يعود خصوصا “لتدهور المستوى”.
ويبدي بيكتيه قلقه خصوصا من الزيادة المفرطة في حجم التنظيم الذي يجبر المصارف على المزيد من التعاقد مع رجال قانون لتكون على ثقة تامة من انها تعمل وفق التنظيمات المعمول بها.
وقال بيكتيه “قلتها واكررها، فلنوقف البحث عن الحلول التي لا يعرفها سوانا، ولا يفهمها احد، في الخارج خصوصا، والتي لا تجلب لنا سوى الصعوبات”.
وكان المصرفي يتحدث بنوع خاص عن استراتيجية المركز المالي “النظيف” في مجال الضريبة ومصدر الاموال، والتي وضعتها الحكومة. واضاف بيكتيه ان هذه الاستراتيجية “لم تعد مقبولة انطلاقا من ان سويسرا تعهدت تطبيق التبادل التلقائي للمعلومات على اساس معايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية”.
وبشان مسيرة الاعمال في النصف الاول من السنة، يشير تحقيق اجري لدى مصارف تدير ثروات، الى ان الاموال ما تزال تتدفق.
وفي الاجمال، فان 46,9 بالمئة من المصارف التي تستخدم اكثر من 200 شخص، تقول ان وصول الاموال زاد بين صفر و5 بالمئة في النصف الاول.
والاموال التي تتم ادارتها في جنيف تاتي خصوصا من الشرق الاوسط ودول شرق اوروبا واميركا اللاتينية التي تشكل الاسواق الرئيسية لمصارف جنيف.
في المقابل، غيرت ثروات اوروبا الغربية واميركا الشمالية وجهتها عن المدينة السويسرية.
وصرح ادوار كونيه المدير في مؤسسة “جنيف مركز مالي” ان “رقما يثير قلقنا في الدراسة ويشير الى ان 38,5 بالمئة من المصارف الكبرى في جنيف خسرت اموالا كانت تديرها انها المرة الاولى التي تفيد فيها المصارف عن خروج اموال”.
وتاتي 80 بالمئة من الاموال الجديدة من الخارج بالنسبة الى المصارف الكبرى.
وردا على سؤال حول الاموال التي خضعت للقواعد التنظيمية على المستوى الضريبي، اعلن المتخصصون في مؤسسة “جنيف مركز مالي” ان “القسم الاكبر يبقى”.
ومع ذلك، فقد باتت هذه الاموال اقل حجما اثر سحب قيمة الضرائب المسددة لدائرة الضريبة المعنية.
ولمواصلة تاكيد موقعها كرائدة في مجال ادارة الاموال، تريد مصارف جنيف ان تصبح ايضا فاعلة من دون منازع في ادارة ثروات المؤسسات.
وقال بيكتيه لوكالة فرانس برس “نريد تطوير نشاط المؤسسات في سويسرا وانشاء مركز ذات اهلية وكفاءة فيها”.
والهدف هو ان نجذب الى سويسرا وخصوصا الى جنيف كبار اداريي اموال الايداعات وفرقهم وهم يقيمون حاليا في لندن ونيويورك او سنغافورة.
ولهذا السبب، ينبغي ان يضع المركز المالي الشروط الادارية المناسبة وخصوصا في مجال الضريبة والبنى التحتية، كما تمنى بيكتيه.
وتحقق ادارة المؤسسات مردودا مرتفعا للبنوك بقدر ما تتولى ادارة الكثير من الاموال.
وقال المصرفي “انها فرق صغيرة تلك التي تدير اموالا ضخمة، والزبائن، مثل صناديق التقاعد والتامينات والشركات، يجلبون عموما مئات ملايين اليورو والفرنكات او الدولارات المطلوب ادارتها”.
وراى ان ادارة الاموال قد تشكل “الركن الثاني” في النشاط المصرفي في جنيف الى جانب ادارة الثروات الشخصية.