تراجع الملف الاقتصادي في نهاية الأسبوع الثاني من تشرين الأوّل 2014، إلى الخطوط الخلفية لناحية اهتمامات الحكومة، مسبوقاً بالملفين السياسي والأمني، كذلك من الملف الاجتماعي (ملف النزوح السوري) بكل تداعياته السلبية.
وأمام المشهد السياسي – الأمني المأزوم محلياً واقليمياً منذ مطلع العام بقي الاقتصاد، بكل قطاعاته الحقيقية، والمحركة للنمو في دائرة التباطؤ المقرون بالركود، بعيداً وبنسب قليلة عن مرحلة الانكماش التي تسبق مرحلة السقوط. وفي المؤشرات الاقتصادية المحققة حتى نهاية الشهر العاشر من 2014 نتائج سلبية طالت مؤشرات السياحة، التجارة والصناعة، إضافة إلى الاستثمارات والقطاع العقاري.
وفي المقابل، بقيت مؤشرات القطاع المالي – المصرفي صلبة إلى حدّ بعيد رغم تسجيل تراجع في نمو القطاع المصرفي، وتوقع تراجع في نمو التسليفات الى القطاع الخاص بعد تعميم مصرف لبنان الأخير الذي طلب من المصارف التشدّد، حتى «التقنين» في منح القروض الشخصية واضعاً ضوابط وهوامش خاصة بالموضوع.
البارز هذا الأسبوع كان في نيويورك وواشنطن، حيث سمع صوت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي ترأس وفد مصارف لبنان إلى اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في هذين المحفلين، كما في مراكز القرار المالي والمصرفي الأميركي، إذ جدد سلامة اطلاقه إشارات إيجابية مالية ومصرفية، مؤكداً صلابة وحدة القطاع المصرفي اللبناني، وسلامة الوضع المالي في البلد.
ونقل التقرير الاقتصادي الاسبوعي الصادر أمس الجمعة عن مجموعة «بنك الاعتماد اللبناني» أن إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية تبين تحسناً في أداء القطاع العقاري في لبنان خلال شهر أيلول من العام 2014، بحيث ارتفع عدد المعاملات العقارية إلى 6.627 معاملة، مقارنة مع 6.254 معاملة في شهر آب. اما على صعيد تراكمي، فقد ازداد عدد المعاملات العقارية بنسبة 3.92 في المئة سنوياً إلى 51.830 معاملة خلال الأشهر التسعة الاولى من العام 2014، من 49.876 معاملة في الفترة عينها من العام السابق، كذلك فقد تحسنت قيمة المعاملات العقارية خلال شهر أيلول 2014 إلى 812.79 مليون دولار، مقابل 761.87 مليون دولار في شهر آب. كما تطورت قيمة المعاملات العقارية على صعيد تراكمي بنسبة 10.57 في المئة سنوياً إلى 6.67 مليار دولار لغاية شهر ايلول من العام 2014، من 6.03 مليار دولار في الفترة نفسها من العام 2013.
استناداً إلى مجلة اتحاد المصارف العربية وصل إجمالي موجودات أكبر خمسين مصرفاً عربياً إلى 2.09 تريليون دولار مع نهاية النصف الأوّل من العام 2014.
احتل لبنان المركز الرابع لجهة عدد المصارف الواردة على لائحة أكبر خمسين مصرفاً عربياً بالتوازي مع دولتي الكويت والبحرين (4 مصارف) مسبوقاً فقط من قبل المملكة العربية السعودية (10 مصارف: المركز الاول) والامارات العربية المتحدة (8 مصارف: المركز الثاني) وقطر (5 مصارف: المركز الثالث).
كشف «موجز الهجرة والتطوير 33» الصادر عن البنك الدولي أن تحويلات المغتربين حول العالم بلغت 551 مليار دولار خلال العام 2013، مع توقعات ان تصل إلى 582 مليار دولار في العام 2014 وأن ترتفع تدريجياً إلى 667 مليار دولار مع نهاية العام 2017.
على صعيد محلي، أشار تقرير البنك الدولي بأنه من المتوقع أن يبلغ حجم تحويلات المغتربين إلى لبنان 7.7 مليار دولار خلال العام 2014 ليحل بذلك في المركز الثاني إقليمياً من حيث حجم التحويلات مسبوقاً من مصر (18 مليار دولار) ومتفوقاً على المغرب (6.8 مليار دولار) والأردن (3.8 مليار دولار).
في مقلب آخر، حافظت وكالة التصنيف الدولية «ستاندرد اند بورز» على تصنيفها السيادي للبنان على -B في تقريرها المؤرخ في 10 تشرين الأوّل 2014، كما أبقت نظرتها المستقبلية للبلاد على «مستقرة»، فقد نسبت الوكالة تصنيفها اللبناني بالأخص إلى التوترات الأمنية التي تعصف حالياً بالمنطقة، وخاصة في سوريا المجاورة، وتداعياتها على لبنان، بالإضافة إلى الفراغات الحكومية والرئاسية المتكررة. وقد أثرت تلك الأزمات سلباً على الاقتصاد اللبناني، بحيث انخفضت نسبة النمو في الناتج المحلي إلى 1.5 في المئة بين الاعوام 2012 و2014، وذلك بالرغم من الحزمات التحفيزية التي أطلقها مصرف لبنان بهدف تسريع العجلة الاقتصادية، والتي تضمنت تسهيلات بقيمة 1.4 مليار دولار في العام 2013 واخرى بقيمة 800 مليون دولار في العام 2014. وجاء هذا الانكماش الاقتصادي نتيجة تراجع النشاط السياحي والتجاري في البلاد، مع زيادة العجز في الحساب الجاري بسبب تراجع حركة التجارة البينية.
وفي المقابل، ترتقب الوكالة أن يزيد الضغط على المالية العامة في لبنان مع توقعات أن يصل عجز المالية العامة إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014 نتيجة ارتفاع النفقات الجارية. ويأتي هذا العجز نتيجة خدمة الدين المرتفعة، والتي تشكل 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (40٪ من اجمالي الايرادات). بالاضافة الى التحويلات إلى شركة كهرباء لبنان (4٪ من الناتج المحلي الاجمالي). ويجدر الذكر، في هذا الاطار، ان وكالة التصنيف تتوقع ان يصل الدين السيادي اللبناني الى حوالى 144 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية العام 2014 (تشكل حصة الديون بالليرة اللبنانية 60٪ من الدين العام).
ووفقاً لتقرير الفصل الثالث من العام 2014 الذي اعدته مؤسسة «اس – اند بي – كابيتال» حول الديون السيادية في العالم، ارتفع هامش مقايضة الائتمان الافتراضي لديون لبنان السيادية ذات استحقاق خمس سنوات بنسبة 4.36 في المئة خلال الفصل الثالث من هذا العام إلى 362.6 نقطة أساس كما في نهاية شهر ايلول من 348.4 نقطة أساس في نهاية الفصل الثاني من العام 2014، مما يعني ان التكلفة السنوية للتأمين على 10 مليون دولار أميركي من الدين الحكومي الذي يستحق خلال خمس سنوات من اي تعثر محتمل في سداد هذه الديون قد ارتفعت من 348.400 دولار في نهاية شهر حزيران إلى 363600 دولار في نهاية شهر ايلول من العام 2014.