في ما عدا الإجماع على «تفادي الاستنكاف عن إحقاق الحق» وضرورة متابعة السير بالدعاوى المتعلقة بالإيجارات القديمة، اتفق قضاة المحاكم الابتدائية والاستئنافية في اللقاء الموسع الذي عقده رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد يوم أول من أمس على ألا يتفقوا على كيفية حل «الإشكاليات المتولدة عن قانون الإيجارات (الجديد)» وتطبيقه في ظل إبطال المجلس الدستوري مواد أساسية فيه، على أمل إقرار مجلس النواب قانوناً جديداً للإيجارات يملأ الفراغ الذي خلفه انتهاء صلاحية القانون القديم العام الماضي.
انقسم القضاة بين من يعتبر أن المواد التي أُبطلت «تقنيات» لا تمنع تطبيق القانون الجديد، وأنه يمكن للقاضي الحلول محل لجنة التخمين التي أبطل المجلس الدستوري المواد القانونية المتعلقة بها، وبين من رأى أن لا إمكانية لتطبيق القانون على الإطلاق بعد إبطال المجلس الدستوري المواد المذكورة، وأنه يمكن الاستمرار بتطبيق القانون القديم كـ»نوع من العرف»، ورأى آخرون أن يتم إسناد الأحكام إلى «قانون الموجبات والعقود»، بينما اعتبر البعض أنه يمكن تطبيق مواد القانون الجديد التي لم يتم إبطالها. من جانبه، حذّر عضو لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين كاسترو عبدالله من «الخطر الداهم» في «استنسابية» التفسيرات المتباينة تلك، والتي من شأنها بحسب عبدالله أن «تضع المواطنين في مواجهة بعضهم البعض وتهدد السلم الأهلي»، داعياً المجلس النيابي إلى الإسراع بتعديل القانون والأخذ بكل المقترحات التي قدمها النواب الذين طعنوا بالقانون، وأيضاً باقتراحات هيئات المستأجرين «ومتطلبات حياة الناس».
«المبدأ العام بالقانون هو أنه يعود للقاضي أن يتخذ موقفه ويصدر قراره، ولا يحق حتى لسلطة عليا كمحكمة التمييز إصدار التوجيهات أو الحلول»، يقول القاضي جان فهد في حديث الى «الأخبار»، موضحاً أن هدف الاجتماع كان «النقاش وتبادل الآراء لتقريب وجهات النظر، وخلق «الطمأنينة القضائية عند المواطنين»، وليس إلزام المحاكم بأي توجه. أصول المحاكمات المدنية تمنع التذرع بغياب النص القانوني لعدم إصدار حكم، يقول فهد، مشيراً الى أنه في غياب النص القانوني الواضح، يلجأ القضاة إلى العرف أو مبدأ الإنصاف. يرفض فهد اعتبار أن «تعدد آراء» القضاة يؤدي إلى الاستنسابية، قائلاً إن الأهم هو السير بالدعاوى وعدم «الوقوع في الفراغ» (القضائي). يشير فهد إلى عدم تغطية المشترع بالقانون الجديد للفترة الممتدة بين تاريخ انتهاء مفعول قانون الإيجارات القديم العام الماضي ولغاية الوقت الحالي، ما خلق بلبلة حول النص القانوني الواجب تطبيقه في هذه الفترة، فرأى البعض الاستمرار بتطبيق القانون القديم «كنوع من العرف»، فيما رأى آخرون وجوب تطبيق قانون الموجبات والعقود، «رغم كونه ظالماً»! يتمنى فهد لجوء القضاة المنفردين إلى المصالحات حيث أمكن، ريثما يملأ المجلس النيابي الفراغ التشريعي.