Site icon IMLebanon

الاقتصاد العالمي بين الحقيقة والتوقعات

SharkAwsat1
محمد العريان
كان النصف الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) وخاصة الأيام الـ5 الأخيرة قاسيا على المستثمرين الذين كانوا يؤمنون بفكرة الاقتصاد والأسواق «المعتدلة» التي يقل حدوث التقلبات بها. لقد تعرضوا لخسائر فادحة تكبدتها أصولهم المترابطة للغاية في الفئات المختلفة. ومن المؤكد أنهم، فيما عدا السندات الحكومية – وهي فئة من الأصول لم تحظ بتقييم مناسب عامة إلا في الفترة الأخيرة – لم يجدوا تحصينات كافية من العاصفة. ومن المرجح أن يستمر الاضطراب الذي ضرب السوق لفترة سيشعر معها كثيرون أنها طويلة إلى درجة غير مريحة.
شعر عدد كبير للغاية من المستثمرين لفترة من الوقت الحاضر بالارتياح بسبب فكرتين مسمومتين؛ أن الاقتصاد العالمي سوف يستمر في ميزان منخفض النمو، وبذلك يتجنب حدوث حالة من الركود وأيضا ارتفاع في التضخم، وأن البنوك المركزية سوف تنجح في وقف تقلب السوق، وليس فقط بصورة استباقية، بل أيضا بعد وقوعه إذا حدث شيء غير متوقع. وشجعت هاتان الفكرتان معا على خوض مخاطر واسعة النطاق مع الافتقاد في كثير من الحالات إلى القدرة على رؤية التقييمات الأساسية، وواقع السيولة، ومراكز السوق غير المتوازنة.
وقعت الفكرتان تحت الضغوط في الأسبوعين الماضيين، في وقت واحد وبدرجة كبيرة.
أبرزت البيانات السيئة الصادرة من أوروبا ثم من الولايات المتحدة مخاطر تراجع النمو والانكماش التي تواجه الاقتصاد العالمي، كذلك أوضحتها الانتقادات السلبية التي خرجت لدى مراجعة توقعات 2014 – 2015 الصادرة عن صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي وألمانيا والاتحاد الأوروبي. وبالتزامن مع ذلك، اهتزت ثقة المضاربين في استعداد البنوك المركزية لوقف تقلب الأسواق بسبب الصعوبات التي واجهها البنك المركزي الأوروبي لكي يكون أكثر قدرة على التكيف، نظرا لإشارات على وجود معارضة داخلية وخارجية.
لم تكن حركة أسعار الأصول الحالية ستكون مؤثرة للغاية لو لم تكن الأسواق مبالغة في تفاؤلها بشأن مراكز هذه الأصول. ولكنها كانت كذلك. وكان تقلب الأسعار الناتج كبيرا في جميع فئات الأصول تقريبا.
وفي مثل هذه الأسواق المتقلبة، يتلقى عدد متزايد من المضاربين تلك النصيحة المفزعة من مديري المخاطر للخروج من مراكزهم المالية بغض النظر عن السيولة. ولكن تلك السيولة متفرقة منذ البداية نظرا لأن السماسرة المضاربين لديهم رغبة أقل في خوض المخاطر في الفترة الحالية، وكانت النتيجة تضاعف حجم الاضطرابات التقنية.
ماذا عن التوقعات؟
نظرا للوضع الذي خرجنا منه، لن تنتهي هذه الفترة المضطربة سريعا. ورغم أن تقلب الأسواق قد لا يكون كبيرا مثلما هو الآن، فإنه من الممكن توقع استمراره في الأيام والأسابيع المقبلة، حيث تتنافس قوتان؛ الأولى التخفيف المالي الإجباري لمستثمرين محددين، ولا سيما صناديق التحوط التي بالغت في توسعها لتسجل خسائر فادحة في أكتوبر؛ ثانيا، تسابق البنوك المركزية على إصدار جميع أنواع البيانات التي تبعث على الاطمئنان. ولكن سوف يساعد كل ذلك على تعزيز شهرة أكتوبر لكونه الشهر الذي يهدد المستثمرين حول العالم.