رأى الخبير القانوني الدستوري والدولي شفيق المصري أن هناك فارقا كبيرا بين المبدأ الدستوري وعملية التمديد للمجلس النيابي ومدى قانونيتها، فالمبدأ لا يجوز للمهل الدستورية أن تمدد لأن النائب وبحسب المادة 27 وكيل عن الشعب الذي ينتخبه في دائرة معينة وبالتالي لا يجوز أن يمدد هو كمجلس لنفسه، هذا في المبدأ الدستوري، أما في عملية التمديد، فمادام التمديد سيصدر بقانون، وما دامت مهل المجلس النيابي ليست بالدستور وانما بقانون الانتخاب الذي يحدد ولاية المجلس بـ4 سنوات، فيمكن هنا لأي قانون ان يعدل أو يُبدّل بقانون آخر، لكن قانون التمديد يتطلب أسبابا موجبة، كتعذر حصول انتخابات في الأجواء السياسية سواء بالنسبة للأخطار المحيطة أو الداخلية.
ولفت المصري في تصريح لصحيفة “الأنباء” الكويتية الى أنّ أي قانون يصدر عن المجلس النيابي يمكن أن يُطعن به أمام المجلس الدستوري سواء كان سليما أو مشوبا بأخطاء وعيوب، فالهيئات التي تتولى تقديم الطعن هي: إما رئيس الجمهورية وهو غير موجود حاليا، وإما رئيس المجلس النيابي وقد وافق على التمديد، وإما رئيس مجلس الوزراء، وهو الذي طلب القانون، أو 10 نواب يتقدمون أمام المجلس الدستوري بطلب الطعن، وهي الحالة الأكثر ترجيحا واحتمالا.
وعن دستورية أو قانونية امتناع فريق سياسي معين عن حضور جلسات انتخاب الرئيس بذريعة الحق الدستوري، لفت المصري الى ان عبارة “الحق الدستوري” هي دائما مقيدة بضوابط دستورية ومبدئية، فصحيح ان الدستور لم يلحظ غياب النائب عن حضور الجلسات، لكن النظام الداخلي للمجلس النيابي نص في المقابل على أن يكون الغياب مستندا الى عذر شرعي على الأقل إذا تكرر أكثر من مرة، وفي هذه الحالة يُنتظر أن يقوم رئيس المجلس بتنبيه النائب الى هذا التصرف، لاسيما أن رئيس المجلس هو المسؤول الوحيد عن حفظ النظام الداخلي.
وعن رأيه الدستوري بعقد جلسات تشريعية تحت عنوان “تشريع الضرورة”، أكد المصري أنه لا وجود في القانون لما يُسمى بتشريع الضرورة، معتبرا انه كان أجدى بأمانة سر المجلس ان تدرج بالاتفاق مع رئيس المجلس على لائحة المشاريع التي يُمكن التشريع بها، قائمة بالأولويات، لكن أن يُقال “تشريع ما يقتصر على الضرورة فقط” هو اجتزاء لصلاحية المجلس النيابي في التشريع، معتبرا والخلاف الراهن بين النواب، أن الموضوع سياسي أكثر منه مبدئي، مشيرا من جهة ثانية الى ان “المهمّة الانتخابية” يُمكن ان تحصر بجلسة لكنها لا تحجب عمل المجلس النيابي في المهمات أو المجالات الأخرى، أي إن مجلس النواب يكون هيئة ناخبة فقط خلال جلسة انتخاب الرئيس، ويحق له التشريع ساعة يشاء بعد أن يرفع رئيس المجلس الجلسة الى موعد آخر، مؤكدا أن وظيفة المجلس مستقلة عن وظيفة رئاسة الجمهورية، وحتى إذا أصدر المجلس قانونا يُمكن لمجلس الوزراء أن يقوم بنشره عملا بالمادة 62 من الدستور والقائلة إن مجلس الوزراء يقوم بمهام الرئاسة في حال شغور سدتها.
بدوره، رأى المرجع الدستوري النائب والوزير السابق حسن الرفاعي انه لا يوجد أي سبب قاهر وظروف استثنائية كالحروب والزلازل والثورات الداخلية يتيح التمديد لمجلس النواب، لذلك يعتبر الرفاعي ان التمديد إن حصل فسيكون مخالفا للدستور، أما التذرع بحالات أمنية صغيرة هنا وهناك، لا يبرر التمديد، لأنها حالات يمكن ضبطها من واجب إجراء الانتخابات.
وأشار الرفاعي في تصريح لصحيفة “الأنباء” أيضًا إلى أن المجلس النيابي مقصّر كل التقصير ويخالف الدستور من خلال عدم مبادرته فورا الى انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة الثانية، مؤكدا أن الغياب عن جلسة انتخاب الرئيس ليس حقا دستوريا على الإطلاق، فهو مخالفة دستورية وتعتبر بمنزلة “الخيانة العظمى”، لأن الغياب يُعطل الدستور والنظام. وأشار الى ان حالة التغيب عن انتخاب رئيس تستوجب تحرك النيابة العامة فورا ودون حاجتها لطلب رفع الحصانة عن النائب المتغيب كون الغياب جريمة معلومة ومنشورة وموصوفة.
أما عن مقاربته لـ”تشريع الضرورة”، فأكد الرفاعي أن هذه المقولة هي هرطقة دستورية، فالتشريع ضروري دائما ويحق للمجلس النيابي وحالة الشغور في الرئاسة الأولى، عقد جلسات تشريعية في أي وقت يشاء، لأن الدستور يجعل من الحكومة تحل مكان رئيس الجمهورية بالوكالة، مستدركا بالقول ان مجلس النواب يعتبر هيئة ناخبة فقط خلال جلسة انتخاب الرئيس ليعود بعدها الى ممارسة مهامه التشريعية.