أوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق في حديث لصحيفة “الأخبار” أنه لم يكُن في الإمكان اعتماد خطاب آخر غير الذي سمعه اللبنانيون السبت، إلا أنّه يُبعده عن أي غرض سياسي، ويضع كل كلامه ضمن الإطار الأمني، مشيرًا الى أنّ ما دفعه إلى “بق البحصة”، بحسب الصحيفة، هو تعثّر الخطة الأمنية بأسباب سياسية، وأن كلامه نتيجة طبيعية، بعدما تخلّف “حزب الله” واستخبارات الجيش عن تنفيذ الجزء الذي يتعلق بهما في الخطة الأمنية، تحديداً في البقاع الشمالي.
وأكدت أوساط مقرّبة من المشنوق في تصريح لصحيفة “السفير” أن الأخير ليس في صدد فتح جبهة على “حزب الله”، مشيرة الى انه تصرف كوزير للداخلية في خطابه الأخير في ذكرى استشهاد اللواء وسام الحسن حين تكلّم عن استنساب الأمن، وأنّ ليس هناك ما يخفيه تحت الطاولة، وهو قصد من الانتقادات الإضاءة على مكامن الخلل في الخطة الأمنية، حيث سجلت مؤخرا 17 حادثة خطف بقاعًا، في وقت تبين من معركة جرود بريتال أنّ “حزب الله” موجود في جرود البقاع، ويستطيع إذا شاء أن يقدّم التسهيلات للمساعدة في ملاحقة المطلوبين.
وأشارت الأوساط الى أنّ خطاب المشنوق كان مدروساً ومتوازناً، لافتة الى انه اعتمد فيه الصراحة الخالية من التجريح، واستغربت الأبعاد التي أعطيت لكلمته، ومحاولة ربطها بتصاعد التوتر السعودي ـ الايراني.
وشددت على ضرورة تحقيق توازن في الاجراءات الأمنية، إذ لا يصح ملاحقة المطلوبين في الشمال وعرسال بينما يبقى أشهرهم في البقاع فاراً.
وعلى الضفة الأخرى، أكدت مصادر “حزب الله” للصحيفة نفسها أن الحزب لا يعطّل الخطة الأمنية في أي منطقة، ولا يضع خطوطاً حمراء امام الجيش وقوى الامن، ولا يمنح حصانة حزبية لأي من مرتكبي جرائم الخطف والقتل والسرقة وتجارة المخدرات، لافتة الى ان الجيش ينفذ مداهمات في بريتال وحورتعلا والنبي شيت وحي الشراونة، ثم يخرج، من دون ان يعترضه أحد من الحزب، أما إذا كانت توجد شكوى من ان بعض المطلوبين يلوذون الى الجرود، فليس هناك ما يمنع الدولة من ان تلاحقهم.
واستغربت المصادر عينها ان يلقي المشنوق خطابا منحازا، من موقعه الرسمي، وبحضور ضباط مؤسسة قوى الامن الداخلي، كأنه يصادر المؤسسة ويصبغها بلونه السياسي، مشيرة الى انه ربما يحق له ان يقول ما يشاء بصفته الحزبية في “تيار المستقبل”، لكن لا يصح ان يفعل ذلك من موقعه كوزير للداخلية.
واعتبرت المصادر ان الخطة الأمنية تتعرض في حقيقة الأمر لخروقات خطيرة في المناطق التي تخضع لنفوذ “تيار المستقبل”، من طرابلس الى عرسال مروراً بعكار.
في سياق متصل، نقلت صحيفة “النهار” عن اوساط مطلعة أن خطاب المشنوق يصب في خانة المزايدة بينه وبين وزير العدل اشرف ريفي لاستقطاب الشارع السني، من غير ان يدرس كلاهما نتائجها الكارثية على الامن في البلاد، فثمة محاولة لإلغاء ما يسمى وسائل الاتصال مما يحظر على المخابرات توقيف اي مشتبه فيه والتحقيق معه حتى لو ورد اسمه في تحقيق آخر، وكذلك إلغاء المحكمة العسكرية الناظرة في قضايا الارهاب، ونقل كل السجناء الاسلاميين من الريحانية الى سجن رومية حيث يتمتعون بحرية الاتصال وتحريك مجموعات امنية وغيره.
أما صحيفة “اللواء” فنقلت عن مصدر وزاري متقاطع تأكيده أن المصارحة أو المكاشفة كان لا بد منها حتى لا تبقى الملفات الخلافية مكتومة الأنفاس داخل جدران الغرف المغلقة ودون أي جدوى.
وأشار المصدر الى ان خطاب المشنوق لا غاية شعبوية له، وليس هو وليد ساعة غضب، بل هو نتيجة تراكم وخبرة يومية يجري التفاعل مع وقائعها، ولا يجوز أن تبقى غائبة عن الرأي العام السياسي والوطني، حرصاً على استمرار التعاون بين مكونات الحكومة الحالية.