Site icon IMLebanon

الكهرباء تستأنف نشاطها بفواتير “التوتّر المتوسط” …والمياومون يشكّكون والمؤسّسة تؤكّد حصولها على “الداتا”

Nahar
موريس متى

ها هو اعتصام عمال غبّ الطلب وجباة الاكراء السابقين داخل حرم مبنى مؤسسة كهرباء لبنان في كورنيش النهر، وسط العاصمة بيروت وبعض دوائر المؤسسة في المناطق يدخل يومه الـ72. هذا التحرك الذي يطالب من خلاله المياومون بان يتم تثبيتهم ضمن المؤسسة نتيجة ظروفهم المعيشية الصعبة، أدى حتى اليوم الى توقف عملية الجباية لكل أنواع فواتير الكهرباء. فتوقفت إيرادات المؤسسة التي أجبرت على التخلف عن تسديد العديد من المستحقات لمصلحة الشركات المتعاقدة معها. علماً أن “كهرباء لبنان” التي يبلغ حجم جبايتها الشهري حوالى 85 مليار ليرة تكون، ومنذ اندلاع الازمة مع المياومين في 9 آب الماضي، قد عجزت عن جباية ما يقارب الـ190 مليار ليرة، بالاضافة طبعا الى تعذّر المؤسسة في تركيب العدّادات اللازمة للمشتركين الجدد ومراقبة الشبكة العامة التي شهدت حكما ارتفاعا في حجم السرقات والتعديات خلال هذه الفترة.
فبعد المعلومات التي كشفت عنها “النهار” الاسبوع المنصرم عن استعادة مؤسسة الكهرباء بدءاً من منتصف الاسبوع الجاري عددا من نشاطاتها الادارية بقرار من مجلس إدارتها عبر إصدار الفواتير الخاصة بالتوتر المتوسط، أي فواتير المعامل والمؤسسات الكبيرة، كالمستشفيات والمدارس والجامعات، على أن تُستكمل هذه الخطوة بإصدار فواتير التوتر المنخفض بعد حوالى الاسبوعين والخاصة بالمنازل والمحال التجارية والمؤسسات والمعامل الصغيرة، ها هي أوساط المياومين تنفي عبر “النهار” ان تكون المؤسسة قادرة على إصدار هذه الفواتير لعدم حصولها حتى اليوم على الداتا الكافية لإصدارها. فالداتا التي تعتمدها المؤسسة كمصدر أساسي للمعلومات عن العدادات ما زالت في المبنى المركزي للمؤسسة في كورنيش النهر والمقفل بحسب المياومين. (علماً أن هذه الداتا تستخدم لتحديد قيمة الفواتير وهي تعطي آخر مستوى تم تسجيله لعدادات المشتركين في الشبكة ليتم من خلالها تحديد قيمة الفواتير الجديدة). وهنا عبّرت أوساط المياومين لـ”النهار” عن خشيتها من وقوع المواطن ضحية فواتير غير دقيقة سيتم العمل على جبايتها، وتقول: “الخوف هو ان تقوم المؤسسة بإصدار فواتير “على المقطوع” بغياب الداتا اللازمة لتحديد حجم هذه الفواتير”.
واستنادا الى بعض الارقام، في لبنان يوجد حوالى 1,3 ملايين مشترك بالكهرباء عبر خطوط التوتر المنخفض (Low Voltage) أما في ما يخص المشتركين بالشبكة عبر خطوط التوتر المتوسط (Medium Voltage) فعددهم يقارب الـ 10 آلاف ويؤمنون نحو 30% من حجم الجباية الاجمالي للمؤسسة. وبحسب ما كشفت مصادر المياومين لـ”النهار”، أن مؤسسة كهرباء لبنان فشلت اخيرا في محاولة لإصدار فواتير خطوط التوتر المتوسط والتي تتخطى قيمة الواحدة منها في المعدل العام حوالى 100 مليون ليرة، نتيجة فقدان الداتا التي لا تزال في المبنى المركزي للمؤسسة ورغم شراء المعدّات اللازمة لطبع هذه الفواتير.
وفي سياق آخر، علمت “النهار” ان لجنة المياومين وجباة الاكراء بدأت البحث في إمكان توسيع اعتصامها ليصل الى داخل حرم مبنى الزوق التابع للمؤسسة، وهو المركز الذي سيتم طبع الفواتير فيه. لكن، قد تكون هذه الخطوة ليست أكثر من اقتراح، لأن تطبيقها قد يكون مستبعدا في الوقت الراهن لما يمكن أن يترتب عليها من انعكاسات سلبية تطاول بشكل أساسي المياومين أنفسهم الذين سيعرضون أي مستحقات لهم لدى المؤسسة لخطر الشطب.
بدورها، أكدت مصادر كهرباء لبنان مجددا لـ”النهار”، أن المؤسسة تمكنت بالفعل، وبطريقة ما، من الوصول الى الداتا المطلوبة لتحديد قيمة الفواتير والموجودة داخل المبنى المركزي، وعليه سيتفاجأ المياومون بصدور فواتير لا لبس فيها للمشتركين عبر خطوط التوتر المتوسط.
وفي ما يتعلق بالفواتير الخاصة بخطوط التوتر المنخفض، تؤكد مصادر المؤسسة، انها ستكون جاهزة نهاية الشهر الجاري حدا اقصى، على ان يتم طبعها من خلال معدات جديدة تم تجهيزها في مبنى معمل الزوق، على أن تتضمّن الفاتورة الأولى بدل استهلاك 3 أشهر، لتنخفض لاحقا إلى شهرين، قبل أن تعود دورية كالمعتاد لشهر واحد.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان تقدّمت لهذه الغاية بطلب الى كل من وزارتي المال والطاقة للموافقة على طبع الفواتير في معمل الزوق الحراري، ورغم ذلك لم تستبعد مصادر المؤسسة ان تواجه “كهرباء لبنان” مشكلة في عملية الجباية حتى في حال طبع الفواتير نتيجة عدم حصولها حتى اليوم على موافقة واضحة من شركات مقدمي الخدمات الثلاث العاملة في لبنان لضمان إتمام العملية.
على رغم أن هذه الخطوات قد تساهم في توفير بعض الايرادات لمؤسسة الكهرباء كي تقوم بدفع مستحقاتها وتأمين سير هذا المرفق العام، فالتساؤل يبقى حول فشل الدولة في بسط سيطرتها الامنية والادارية على أحد أهم مرافقها العامة “المحتل” قبل أكثر من شهرين. فهل وصل الامر بالدولة والسلطات المعنية بإخلاء المبنى الى هذا الحد من الفشل في إدارة أزمات كهذه تطاول تداعياتها كل المواطنين؟ أم المطلوب اليوم هو أيضا تسوية سياسية لهذا الملف تكون حكما، ومرة جديدة، على حساب خزينة الدولة؟