اقرت الهيئات الاقتصادية بأن الاعباء والتحديات والازمات التي يعيشها لبنان ترتفع وتيرتها على كاهل الاقتصاد اللبناني المثقل اساساً بمشكلات مالية عامة واختناقات سياسية. الازمة التي يعيشها لبنان، وان كانت في الظاهر متفاقمة، الا ان البواطن تخفي الكثير من العورات، وفي حال انكشافها ينهار البلد بشكل كامل.
لبنان يحتاج اليوم وبسرعة الى استقرار وتضامن سياسي، وهذا امر مستحيل اليوم في ظل الانقسامات الحادة بين الافرقاء السياسيين، والاستقرار والتضامن المطلوبين هما لدعم خطوات الاصلاح التي اقرت في اكثر من مناسبة، وفي اكثر من بيان صادر عن الفعاليات الاقتصادية.
والواقع المعاش في لبنان يزيد من صعوبة الطريق الى الاصلاح ومن قدرة الدولة على اتخاذ القرارات الضرورية لاعادة توليد النمو من جديد والعمل على استمراره، خصوصاً وان المؤشرات الماضية دلت على ان نسب النمو الجيدة ساعدت خلال السنوات الاخيرة على خفض حجم المديونية بالنسبة الى اجمالي الناتج المحلي، لكن اليوم فالوضع يحتاج الى جهد كبير ومتواصل ان لم نقل الى معجزة، خصوصاً وان لبنان يعتبر من بين الدول العشر الاكثر مديونية في العالم.
خليل
وزير المال علي حسن خليل، بيّن ان نسبة النمو انخفضت في العام 2014 وان نسبة العجز ارتفعت الى نحو 4 آلاف مليار ليرة نتيجة الاحوال المختلفة التي مر بها البلد بسبب زيادة الانفاق وعدم زيادة الواردات، متوقعاً ان تبلغ كلفة خدمة الدين العام هذه السنة قرابة 9 آلاف مليار ليرة.
وتوقع خليل ان لا تتعدى نسبة النمو بشكل عام 1.8 و2٪ في 2014. وقال خليل في عدة مناسبات: كل التقديرات اليوم في لبنان هي تقديرات نسبية غير ثابتة حقيقة لان المؤشرات والاحصاءات المرتبطة بالانتاج المحلي هي احصاءات غير دقيقة بالكامل لكن المؤشر العام هو بحدود 1.5٪.
حجم الدين
وتشير الاحصاءات الى ان حجم الدين نهاية تموز 2014 لامس 98.917 مليار ليرة (اي ما يوازي 65.6 مليار دولار) مقابل 9902 مليار ليرة في نهاية الشهر الذي سبق و95.696 ملياراً في نهاية العام 2013.
غير ان الدين العام الصافي بلغ 83.167 مليار ليرة في نهاية تموز 2014 مسجلاً ارتفاعاً نسبته 3.7٪ قياساً على نهاية العام 2013.
وفي نهاية تموز 2014، بلغت قيمة الدين العام المحرر بالليرة اللبنانية 59629 مليار ليرة، مشكلة بذلك حوالى 60.3٪ من اجمالي الدين العام مقابل ما يعادل 39288 مليار ليرة للدين المحرر بالعملات الاجنبية، اي ما نسبته 39.7٪ من الدين العام الاجمالي.
وعلى صعيد تمويل الدين العام المحرر بالليرة اللبنانية، انخفضت قليلاً حصة المصارف من 52.7٪ نهاية حزيران الى 52.3٪، قابلها ارتفاع حصة كل من مصرف لبنان من (29.9 الى 30.2٪) والقطاع غير المصرفي من (17.4٪ الى 17.5٪).
صندوق النقد
واشار صندوق النقد الدولي في اكثر من تقرير الى ان لبنان يحتل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث حجم الدين من الناتج الوطني الاجمالي، وتؤكد التوقعات الى ان هذا الدين مرشح للارتفاع خلال الاعوام المقبلة، بالنظر الى تفاقم الازمة السياسية محلياً واقليمياً حيث تهدد الازمة السورية بانهيار الاقتصاد اللبناني.
وبحسب صندوق النقد الدولي فإن من المؤشرات الخطيرة على تفاقم الازمة المالية والاقتصادية في لبنان ان الناتج الوطني المحلي ارتفع بنسبة 1.8٪ في 2014 مقارنة بـ7٪ في 2010.
وقد ذكر تقرير الصندوق ان لبنان لا يزال يتخبط من تداعيات الازمة السورية ومن استمرار تدفق اللاجئين السوريين اليه، الامر الذي يؤثر سلباً على ثقة المستهلكين والمالية العامة ومستويات الفقر والبطالة في البلاد.
معهد التمويل الدولي
اما تقرير معهد التمويل الدولي فتوقع ان يرتفع العجز في الميزانية العامة الى 10.5٪ من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2014 و10.8٪ من العام 2015، مقارنة مع نسبة 9.4٪ من العام 2013، نتيجة لذلك، من المرتقب ان يرتفع الدين العام في البلاد الى 146٪ من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2014 و147٪ في العام 2015 مع 142٪ في العام 2013.
التقارير الدولية
وتجمع التقارير الدولية على ضرورة بدء الحكومة بورشة اصلاحات ملحة ومعالجة المشاكل الخطيرة من اجل المحافظة على نسب نمو مقبولة وخفض عجز الدولة.
ومن ابرز الاصلاحات المطلوبة تلك المتعلقة بقطاع الكهرباء الذي يعتبر ثالث مصدر انفاق للدولة بعد خدمة الدين التي ارتفعت من 1173 مليار ليرة الى 1324 ملياراً اي بمقدار 151 مليار ليرة وبنسبة 12.9٪ نهاية تموز 2014، ورواتب الموظفين، ويكلف قطاع الكهرباء الدولة اكثر من مليار دولار سنوياً.
الموازنة
وعلى الرغم من انه لم يتم اقرار اي موازنة عامة منذ 2005 الى ان وزير المال ذكر انه تمت مضاعفة المبالغ المخصصة للاستثمار الذي يتشارك القطاع الخاص فيه بنسب مهمة، وقد رحب الخبراء بهذه الخطوة.
يشوعي
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي ان نسبة النمو في لبنان مرتبطة بأنشطة السياحة والحركة العقارية والخدمات المالية، لا بالقطاعات الانتاجية وهنا الخطورة.
واشار الى اننا لا نستخدم مواردنا ولا نملك القدرة على المنافسة، واقتصادنا غير قابل للحياة، والزراعة في تراجع، حتى القطاعات المتطورة المفتوحة على السوق العالمي، مثل المعلوماتية، غير مرتبطة بالاقتصاد، وعدم وجود الانتاج يدفع بالشباب الى الهجرة.
ورأى يشوعي ان النمو القائم على الخدمات لا يستمر طويلاً، والبرهان انعكاس الاحداث السورية على كل القطاعات.
وان النمو لن يكون ممكناً الا عندما لا يعود اقتصادنا قائم على تحويلات الخارج والاستيراد.
واشار الى اننا لا نزال نستورد بين 40 و50٪ من اجمالي الناتج المحلي.
وشدد على ضرورة الانصراف الى الانتاج حتى نتمكن من المحافظة على نسبة نمو مرتفعة، لا تضيع عند اول هزة سياسية او امنية.