التقط مرصد الفضاء الأوروبي إشارة غير عادية، يعتقد علماء الفلك البريطانيون إنها أول اكتشاف يحمل بصمة المادة المظلمة، وهذا الاكتشاف يمكن أن يمثل اختراقا تاريخيا في فهم الكون.
المادة المظلمة غير المرئية، التي لا تصدر الضوء ولا تمتصه، يُعتقد أنها تمثل 85٪ من حجم المادة في الكون كله، ويعتقد أنها تفسر قوة الجاذبية التي تحافظ على المجرات من التحليق بعيدا.
وأطلق العلماء على الجسيمات الافتراضية التي تتكون منها المادة المظلمة اسم “أكسيون”، والتي ظلت تبحث عنه المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN) في سويسرا طيلة الأعوام الماضية دون جدوى.
لذلك شكلت طبيعة هذه المادة لغزا لعلماء الفلك لأكثر من 30 عاما، إلا أن العلماء من جامعة ليسستر في المملكة المتحدة عثروا الآن على مفتاح قادهم لفكرة محتملة، قد تكون الحل لهذا اللغز الغامض.
إذ اكتشف العلماء إشارة لا يمكن تفسيرها في بيانات مرصد “XMM نيوتن” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، حيث كانوا يجمعون هذه البيانات طيلة 15 عاما، وقام علماء الفلك من جامعة ليسستر بعمل دراسة خاصة بهذه الإشارة، تم نشرها في جريدة Monthly Notices التابعة للجمعية الفلكية الملكية.
تتعلق هذه الدراسة ربما باكتشاف الجسيم “أكسيون”، فقد لاحظ الباحثون إشارة غريبة كانت أكبر في الصيف منها في الشتاء، وزادت كثافة الأشعة السينية بحوالي 10% كلما شارفت المركبة الفضائية “XMM نيوتن” على حدود المجال المغناطيسي للأرض في مواجهة الشمس.
كل هذا قاد العلماء إلى اقتراح فكرة جديدة انبثقت من الفيزياء التقليدية، وهي أن جسيمات “أكسيون” تُنتج في الواقع في قلب الشمس، ثم تتحول الى أشعة سينية ناعمة في المجال المغناطيسي للأرض، ما يؤدي إلى تغير موسمي في كمية “الأكسيونات”.
وقال مارتن بارستو، رئيس الجمعية الفلكية الملكية: “هذه نتيجة مذهلة، واذا تأكدت، سيكون هذا أول كشف مباشر للتعرف على جزيئات المادة المظلمة، التي ظلت لسنوات طويلة بعيدة المنال، وسوف يكون لهذا تأثير جوهري على نظرياتنا عن الكون”.
وقد تستغرق النتائج عدة سنوات للتحقق منها، لكنه قال إن إشارة مماثلة تم الكشف عنها أيضا في مرصد ناسا “شاندرا” للأشعة السينية Chandra X-ray Observatory، وأضاف مارتن: “في غضون سنوات قليلة، قد نصبح قادرين على مضاعفة مجموعة بيانات مرصد(XMM نيوتن) ونتوصل إلى نتائج أكثر دقة”.
وكان أول من اقترح فكرة وجود المادة المظلمة الفلكي السويسري فريتز تسفيكي في ثلاثينيات القرن الماضي، وعلى مدى عقود، كان العلماء يعكفون على إثبات التقليل من حضورها الواسع في الكون. حتى عام 2012 عندما كشفت تقنيات قياس الكتلة الجديدة أن هناك “الكثير” من هذه المادة بالقرب من الشمس.