IMLebanon

النفط السعودي: بين قلق الأمير الوليد وتصريحات وزير البترول

walid-ben-talal
انيس أيوب
على الرغم من أن الانتقادات التي وجهها الأمير الوليد بن طلال رئيس مجموعة المملكة القابضة، لتصريحات وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي، قد فاجأت الكثير من المحللين، إلا أني شخصياً لم أفاجأ بها أبداً. فالأمير الوليد، المعروف بأنه أحد أنجح وأبرز وأذكى المستثمرين في العالم، والذي يقف وراء تأسيس إحدى أنجح الشركات العالمية، هو من أبرز المهتمين بالشأن العام في المملكة العربية السعودية.

واهتمام الوليد بالشأن العام، يعني بالطبع اهتمامه بطيف واسع من القضايا التي تشغل بال السعوديين والسعوديات، بدءاً من منح النساء حق قيادة السيارات وصولاً إلى الاستخدام الأمثل لثروة البترول، التي منّ الله بها على المملكة. وباعتباره واحداً من أبرز الشخصيات في العالم العربي، فإنه كثيراً ما يطرح آراءه في عدد لا يحصى من القضايا الاجتماعية والثقافية والدينية، وبالطبع الاقتصادية. ومن هذا المنطلق بالتحديد، وجه الوليد انتقاداً لتصريحات وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي، قائلاً إن تصريحه(أي تصريح الوزير) الذي دعا فيه لعدم القلق من تراجع أسعار النفط هو تصريح يغتبر «مجافاة للحقيقة».

وقال الأمير الوليد في خطاب رسمي وجهه إلى الوزير، وكشف عنه عبر حسابه بموقع تويتر للتواصل الاجتماعي إن ميزانية المملكة ستواجه عجزاً في العام 2015 إن لم يكن في العام 2014 جراء انخفاض سعر البترول، مضيفاً أن هذا الوضع يبعث على القلق وأن تصريح وزير البترول بالتهوين وعدم القلق من تراجع أسعار النفط لا يجوز أن يصدر من وزير نفط لدولة من أكبر الدول المنتجة للبترول في العالم. ومما قاله الأمير أيضاً هو أن هذا التصريح، أي تصريح الوزير النعيمي، أبعد ما يكون عن الشفافية والمصداقية التي يطالب بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود.

ولم يكتف الوليد بذلك بل قال أيضا موجها كلامه إلى متابعيه في تويتر، «وكما تعلمون فالوزير اليوم في مكتبه، وغداً في منزله متقاعدا، (بناءً على طلبه) أو (ليس بناء على طلبه) والذي يبقى ويدوم بعد الله هو الوطن والمواطن». ولم ينس الأمير، الذي لا يشغل على الإطلاق أي منصب رسمي في الدولة السعودية، بالقول «متى بالله عليك يا معالي الوزير يجب علينا أن نشعر بالقلق؟ هل ننتظر أن تتفاقم الأمور ونضطر للسحب واستنزاف الاحتياطي العام للدولة أو الاستدانة داخلياً وخارجياً».

وأشار إلى أنه، وبعملية حسابية بسيطة يتضح أن المملكة على الأسعار الحالية للنفط ستخسر جراء تخفيض الإنتاج خلال الأشهر الأربعة القادمة ما يزيد على 12 مليار ريال، فيما ستصل الخسارة الإجمالية لميزانية الدولة السعودية خلال الفترة نفسها، وفقاً له، إلى ما يزيد على 63 مليار ريال. بالطبع هذا مبلغ كبير جداً من المال، وخسارته ستعني الكثير الكثير للسعودية حكومة وشعباًز ولو لم يكن هذا المبلغ هام جداً، وكبير جداً، لما وجه الأمير الوليد أي انتقادات للنعيمي على تصريحاته، في بلد يعرف عنه، وعن مسئوليه، وعلى نطاق واسع، الابتعاد عن إظهار خلافاته إلى العلن، مهما كانت، ويعرف عنه الحرص على تقديم أداء جماعي على المستوى الحكومي.

لقد سبق للأمير الوليد، أن حذر في مقابلة مع شبكة سي إن إن التلفزيونية، من أن اعتماد السعودية على النفط الذي يمثل 92 % من دخل المملكة هو بمثابة قنبلة موقوتة، وأن إنتاج الولايات المتحدة للنفط الصخري واكتفاءها المتوقع قريباً، بعيداً عن الاستيراد، يؤكد ضرورة إيجاد مصادر بديلة للدخل القومي، وعدم الاعتماد فقط على الموارد النفطية. بقي أن أقول أن الأمير الوليد الذي درس في أمريكأ، هو شخص معجب بشكل خاص بالرئيسين الأمريكيين جورج واشنطن وأبراهام لينكولن، وهو أيضاً حفيد شخصيتين بارزتين هما الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ورياض الصلح أول رئيس وزراء لدولة لبنان الحديثة، وأحد قادة استقلالها.