IMLebanon

النفط سلعة أم مادة أولية؟

Kabas-kwaytia
عبداللطيف الدعيج
حل او حتى تناول امر العجز المتوقع في الميزانية او زوال دولة الرفاه، كما عبّر عنه السيد رئيس مجلس الوزراء، وما سينتج عنه من انهيارات اقتصادية واجتماعية وخيمة، حل ليس بمقدور الحكومة وحدها ان تضطلع به. وليس بالامكان تحقيقه حتى باتحاد الحكومة ومجلس الامة، بل هو حل يجب ان يكون عاما وشاملا، لا يفرض هذا الشرط صعوبة المواجهة وتعقد المعضلة فقط، ولكنه في الواقع يفرض نفسه لأن العلاج يتطلب تعاون الجميع، واهمية الاتفاق الوطني العام على تحقيقه.

لو كان بإمكان الحكومة او مجلس الامة، على انفراد او مجتمعين، حل او حتى مواجهة المعضلة لتم ذلك منذ زمن. ولو كان بمقدور تنظيماتنا وتجمعاتنا السياسية، سواء أُم نفرين او أُم قبائل وطوائف، ان تواجه المشكلة وتستشف حلولها لكانت طرحت المبادئ الاولوية والخطوات العملية لذلك. في غياب حلول حقيقية ومقترحات جدية يبقى من الضروري التنادي العام والاستنفار القومي الشامل لمواجهة المعضلة الخطيرة.

هناك الكثير ممن يحاول كسب الوقت او هو يهون الامر او يسعى الى تأجيل الانهيار او بداياته الى حين، مدفوعا بمحاولة تجنب العلاج الحقيقي وتجرع الدواء المر. كثيرون يطرحون الترشيد، الذي هو في حقيقته تقتير من اجل اطالة عمر دولة الرفاه المزعومة او تمديد الرغد الزائف، متجنبين الحل الحقيقي الذي يفرض نفسه، وهو تنويع مصادر الدخل وخلق موارد انتاجية اضافية، الى جانب الموارد المتحققة من «استخراج»، وليس انتاج النفط. انتاج النفط كان سيكون حقيقة لو اننا نفذنا مشروع «الداو كيميكال» على سبيل المثال، اي استخدمنا «النفط» كمادة اولية وليس كسلعة للتصدير، لكن والبعض شاء ان يبقينا دولة مستخرجة ومصدرة للنفط، وليست منتجة لمشتقاته، فاننا نواجه اليوم وفي كل يوم مسألة انخفاض اسعار النفط الخام، وبالتالي هبوط او تلاشي دخلنا الوطني.

علينا الآن، البحث الجاد عن مصادر للدخل بديلة عن استخراج وتصدير النفط كسلعة خام. (الحقيقة كما بينا في مقالات سابقة، حتى استخراج النفط يخب علينا. فنفطنا يندفع ذاتيا من الآبار ويسيل بقوة الجاذبية من الاحمدي الى موانئ التصدير)، وعلينا بشكل اساسي الاعتماد او اعادة الاعتماد على المواطن الكويتي كمنتج وكمصَدَر للدخل وليس مستهلكا له.

التقتير لن يجدي، بل يتعارض وديباجة الدستور «وسعيا نحو مستقبل افضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية»، والترشيد قد يمنحنا فرصة سنة او سنتين. لكن اعمار الشعوب لا تحدها عقود او حتى قرون. ومصير الاجيال القادمة مجتمعة، وليس مصيرنا، هو الذي على المحك. لهذا لابد ان يتم التصالح، وان يتم الاتفاق، وان يتعاون الجميع على فرض العلاج.