باسكال صوما
ما زال قطاع النفط في لبنان يدور في حلقة مفرغة من الانتظار والترقّب، فحتّى الآن لا قرارات جدية بالمنظور القريب في خصوص إقرار المرسومين المتعلّقين بالتنقيب عن النفط والغاز. وعلى الرغم من التوقعات الايجابية والتكهّنات بأن نتائج المسوحات تؤكّد وجود ثروة نفطية وغازية كبيرة براًّ وبحراً، غير أن الواقع يقول إن «هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان» أمام التأجيل الخامس لدورة التراخيص.
في المقابل، وخلافاً للمنطق الذي يقول إنّ الحديث عن النفط في الظروف الراهنة كمن يضرب في الرمل أو يتوقّع في الغيب، وصلت قبل أسابيع أول طائرة لبدء عمليات المسح الجوي للتنقيب عن النفط والغاز، في النصف الشمالي من البرّ اللبناني، وعلى امتداد الشاطئ الساحلي، على أن تتبعها الطائرة الثانية قريباً.
وخلافاً أيضاً لهذا المنطق، احتفلت «هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان» أمس، باليوم اللبناني للبترول 2014، تحت عنوان «إطلاق الفرص»، برعاية وزير الطاقة والمياه أرتيور نظريان، في فندق فينيسيا.
تأجيل الاستفادة
في هذا الإطار، يوضح رئيس الهيئة ناصر حطيط لـ«السفير» أنّ «لبنان يخسر كثيراً في كل يوم تأخير في توقيع مرسومي التنقيب عن النفط والغاز، لناحية تأجيل الاستفادة من الثروات النفطية، اضافةً إلى تاجيل استثمار الشركات الضخم، الذي من شأنه تأمين مدخول مهم للدولة قبل البدء بالإنتاج». ويلفت الانتباه إلى أن «هذه الشركات عليها أن تنشئ معامل الغاز وغيرها من الاستثمارات قبل البدء بعملية الانتاج، ما يؤمّن فرص عمل مهمّة ومداخيل كبيرة، فكل بلوك فيه 10 آلاف مليار قدم مكعّب استثماره في الحد الأدنى 5 مليارات دولار»، مشيراً إلى أن «50 في المئة من هذه المداخيل يمكن أن تعود الى شركات لبنانية، إلى جانب تأمين حوالي 4 آلاف فرصة عمل».
ويوضح حطيط أنه «في حال وجدنا انّ هناك كميات كبيرة من النفط والغاز، بحسب نتائج الآبار التي لم تنفّذ حتى الآن، يمكن ان نتوجه إلى التسييل الذي من شأنه ان يدخل حوالي 12 مليار دولار إلى الشركات اللبنانية بطريقة أو بأخرى، لا سيما شركات الهندسة والعقار، إضافةً إلى تضييع الأسواق العربية، فقد رأينا الاردن ومصر يتفاوضان مع اسرائيل لتأمين الغاز»، مشيراً إلى أنه «لو كانت المراسيم موقّعة في آذار 2013، كانت نتائج اول بئر قد اعلنت منذ شهر، وكنا بالتالي وقّعنا مع هذه الدول عبر اسعار مخفّضة».
ويضيف حطيط: «اليوم بعد المسح ومعرفة النتائج الدقيقة للبحر والبرّ، علينا الانتقال الى توقيع المراسيم لبدء الحفر ونحن نتحضّر بشكلٍ جدّي للمفاوضات مع الشركات، ونوثّق الداتا، بعدما قامت شركة المانية بالكشف على النفط والبر لمعرفة اسعار البلوكات وحجمها وتكاليف استثمارها». ويحذّر حطيط من ان «شركات النفط التي تأهلت للتنقيب عن نفطنا تعرب عن امتعاضها نتيجة هذا التأخير، إلاّ انّنا لم نواجه حتى الآن انسحاب احداها».
تنمية الاقتصاد
في افتتاح المؤتمر الذي حضره وزير الخارجية جبران باسيل، إضافةً إلى 22 سفيراً ونواب، أشار نظريان إلى أنّ «الوزارة وهيئة النفط قد أنجزتا المطلوب منهما تبعاً للمعايير الدولية الفضلى، ونحتاج لإطلاق الفرص وتوقيع المراسيم للاستفادة من الثروة النفطية». وقال: «أود أن أطرح سؤالا وحيدا، هل تريدون أن يتقدم قطاع البترول في لبنان الى الأمام أم لا؟ هذا السؤال المحق جدير بالإجابة عنه، ليس فقط من مجلس النواب، والحكومة، وصانعي القرار، بل يحتاج أيضا الى إجابة من الأحزاب السياسية، ومن المؤسسات الاقتصادية، ومن جمعيات المجتمع المدني، ومن وسائل الاعلام ومن الرأي العام بكل أطيافه».
من جهته، شدد المدير العام لشركة NEOS (التي أنجزت أعمال الاستكشاف) جايمس هوليس على «أهمية الاهتمام بقطاع النفط في لبنان لأنّه ثروة حقيقيّة بالنسبة للاقتصاد»، مشيراً إلى أنّ «عملية الاستكشاف تهدف لتكوين داتا ما يسهّل عمل الشركات المستثمرة في القطاع، كونها تملك كل المعلومات والمستندات التي تحتاجها».
وأعرب سفير النروج في لبنان سفاين أس عن «استعداد بلاده لمساعدة لبنان لتعزيز وتطوير قطاع النفط والغاز، وتضع بين يديه خبراتها ومعرفتها في هذا المجال».
ورأى نقيب المحامين جورج جريج أن «لبنان يحتاج قبل كل شيء الى بناء دولة، وعند ذلك يمكن تسوية كل المسائل الاخرى»، مؤكّداً أن «التأخير في التنقيب عن النفط يضر بالاقتصاد ككل».
صناعات جديدة
ومن وجهة نظر صناعية، أبرز رئيس «جمعية الصناعيين اللبنانيين» فادي الجميل «أهمية النـفط والغاز بالنسبة للصناعة»، مشيراً إلى أن «نسبة الطاقة من الأكـلاف تقدّر بـ6.7 في المـئة في المصـانع، وتتـعدى في بعضـها الـ35 في المـئة، ما يـجعل صـناعاتـنا غير قادرة على منافسة المنتـجات الأجنـبية». ولفـت الانتباه إلى أن «التنقيب من شأنه أن يفتح المجال لأنواع جديدة من الصناعات لاسيما البتروكيماوية منها، ويخفّض الكلفة».
وعرض رئيس «جمعية شركات الضمان» أسعد ميرزا تجربة شركات الضمان والتأمين في لبنان.
وإذ شدد المدير التنفيذي لـ«المركز اللبناني للدراسات» سامي عطا الله، على أهمية القطاع لمستقبل الشباب اللبناني والاقتصاد الوطني، دعا ممثل الشباب في الأحزاب اللبنانية رائد بو حمدان، إلى التكاتف والتعاون لإنجاح التجربة النفطية اللبنانية.
وكان استهلّ المؤتمر بكلمة لحطيط أوضح فيها أن «هيئة النفط الآن أمام التأجيل الخامس». وأضاف: «تم تأهيل 46 شركة وفقا للمعايير التي تضمنها مرسوم التأهيل والمعمول بها في الصناعة البترولية، ووضعت الهيئة خطة دورة التراخيص الأولى ووافق عليها مجلس الوزراء، عام 2012، ثم المرسومين المتعلقين بالرقع في البحر اللبناني ومسودة الاتفاقية بين الدولة والشركات ودفتر الشروط، ووافق مجلس الوزراء على خطة دورة التراخيص، وتم التأجيل لخمس مرات، وتم ربط المزايدة بموافقة مجلس الوزراء على المرسومين الشهيرين».
ختاماً تمّ توقيع بروتوكول تعاون بين «نقابة المحامين» و«هيئة البترول» للتنسيق المشترك.