Site icon IMLebanon

غلاء الأسعار بتونس ملف ينتظر الحكومة القادمة

TunisEcon1
خميس بن بريك

تعتبر مسألة غلاء الأسعار في تونس أحد الملفات الحساسة التي تطرح على طاولة الحكومة القادمة بعد الانتخابات في ظلّ تراجع القوة الشرائية للتونسيين الذين كان أحد مطالبهم الأساسية بعد الثورة زيادة الأجور.

وتبدأ عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية في تونس يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وستنبثق عن البرلمان القادم حكومة جديدة سيكون في صدر أولوياتها معالجة تدهور القوة الشرائية والتحكم في الأسعار.

التضخم
وارتفع مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي (التضخم) خلال الأشهر التسعة الماضية إلى 5.6%. ويفسر هذا الارتفاع بالزيادة في أسعار المواد الغذائية والملابس والسكن والنقل والاتصالات وأسعار الكهرباء والغاز.

وبسبب هذا الارتفاع يعيش مكرم الرحيلي -أحد المواطنين الذين يشتغلون في القطاع العام- أزمة مالية صعبة، إذ يقول للجزيرة نت إن أجره الشهري لا يكفيه لتسديد نفقاته، مما يجعله يلجأ قبل نهاية كل شهر إلى الاستدانة.

وبما أن دخله الشهري لا يتجاوز سبعمائة دينار (خمسمائة دولار) فإنه يجد مصاعب كبيرة في دفع إيجار منزله وتسديد نفقات زوجته وابنه الصغير. ويضيف أن “الوضع أصبح لا يطاق بسبب الزيادات المتتالية في الأسعار”.

وشهدت أغلب أسعار المواد الاستهلاكية في تونس زيادات متتالية، لعل أبرزها الزيادة في أسعار المحروقات والنقل والمواد الغذائية الأساسية التي تدعمها الحكومة، إضافة إلى زيادة بعض الضرائب والإتاوات.

ويقول الشاب مكرم إنه غير مقتنع ببرامج الأحزاب التي طرحتها أثناء حملتها الانتخابية لحلّ مشكلة غلاء المعيشة، مشيرا إلى أنه ليس متحمسا للمشاركة في الانتخابات لانعدام ثقته في السياسيين وفي برامجهم.

لكنه مع ذلك يأمل -كغيره من التونسيين- أن تستقر الأوضاع وتتراجع الأسعار إلى معدلات معقولة تتماشى مع إمكانيات الطبقتين الفقيرة والمتوسطة. ويقول “أتمنى أن يكون رئيس الحكومة القادم قادرا على حل المشاكل”.

وحول تصورات بعض الأحزاب لمعالجة ملف غلاء الأسعار، يقول كمال بن رمضان -القيادي في حركة النهضة- إن حزبه يطرح برنامج تنمية جديدا من أجل تطوير النمو الاقتصادي وخلق الثروة ثمّ الزيادة في الأجور.

ويضيف للجزيرة نت أنّ غلاء الأسعار ظاهرة تتفاقم كلما تراجع الإنتاج وتفاقمت ظاهرة التلاعب في الأسعار والاحتكار وغابت الرقابة الاقتصادية وانتشر التهريب، مؤكدا أن حل هذه المشكلة يتطلب خطة متكاملة.

وحول ما إذا كان حزبه سيواصل سياسة الحكومة الحالية لخفض نفقات الدعم الحكومي للمواد الأساسية، يقول إن حزبه مع ترشيد نفقات الدعم الحكومي وتوجيهه لمستحقيه الفعليين من الطبقات الفقيرة.

تجميد الأسعار
من جهته، يقول القيادي في الجبهة الشعبية جلول عزونة إن حزبه يسعى في حال فوزه بالانتخابات إلى تجميد أسعار العديد من المواد الاستهلاكية خلال مائة يوم عمل للحكومة القادمة من أجل إعطاء صدمة إيجابية للمواطنين.

ويقول إن تجميد الأسعار لفترة محددة أمر ممكن إذا تعذرت الزيادة في الأجور جراء تراجع موارد الدولة، مبينا أن حزبه يسعى إلى تعبئة موارد جديدة من خلال إصلاح منظومة الجباية وإعادة جدولة ديون الدولة.

ويرى الخبير الاقتصادي معز الجودي في ملف غلاء الأسعار والدعم الحكومي -للجزيرة نت- أن مشكلة ارتفاع الأسعار “مشكلة هيكلية في الاقتصاد التونسي ولا يمكن حلها إلا بحلول هيكلية”.

ويوضح أنّ الحد من ارتفاع الأسعار يتطلب زيادة الإنتاج لتوفير السلع وتنظيم مسالك التوزيع والقضاء على الاحتكار وتكثيف عمليات المراقبة الاقتصادية ومحاربة التهريب والاقتصاد الموازي غير المهيكل.

ويضيف أن دعم القوة الشرائية للمواطنين يتطلب زيادة نسبة النمو الاقتصادي، الأمر الذي سيسمح بالزيادة في الأجور، مشيرا إلى أن كل زيادة في الأجور دون تحقيق نسبة نمو مرتفعة تتسبب في زيادة التضخم.

وحول رأيه في التوجه العام للحكومة الحالية والأحزاب المرشحة للانتخابات لخفض الدعم الحكومي للسلع الأساسية، يقول إن الدعم الحكومي لا يمكن إلغاؤه لأن ذلك سيضر كثيرا بالقدرة الشرائية للطبقات الضعيفة.

لكنه بين أن الاقتصاد التونسي بحاجة إلى ترشيد نفقات الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه من الفئات الفقيرة، مؤكدا أن حوالي 12% فقط من نفقات الدعم توجه إلى مستحقيها في حين تذهب البقية إلى المصانع والفنادق.