IMLebanon

الرهان على تفوق الأسهم الأوروبية له ما يبرره

FinancialTimes
جون أوثرز
إنه قانون حديدي للأسواق، ذلك الذي يقول عندما ينمو إجماع في الآراء بقوة كافية، هناك أرباح كبيرة يتم صنعها من المراهنة ضد هذا الإجماع. الإجماع الساحق للسنوات الست الماضية، الذي تعزز في الأشهر القليلة الماضية، هو أن الولايات المتحدة ستكون على ما يرام، في حين إن أوروبا لن تكون كذلك. ومنذ أن بدأ صعود ما بعد الأزمة في آذار (مارس) 2009، تفوقت الأسهم الأمريكية على الأسهم الأوروبية بنسبة 61 في المائة.
وهذا يعني أنك ستستفيد على الأرجح من صب الأموال في أوروبا، وفي الوقت نفسه المراهنة ضد الولايات المتحدة. وهذا يثير مشكلتين.
أولا، هناك أسباب وجيهة تعلل تشكل الإجماع في المقام الأول. الاقتصادات في بلدان أوروبا الطرفية لا تزال تبدو متضررة. والاقتصاد الأمريكي ينمو، وإن كان في مرحلة غير مثيرة.
ثانيا، بمجرد أن يكسب أي إجماع أو اتجاه القوة في الأسواق، يمكن أن يستمر طويلا بعد أن يتوقف عن كونه إجماعا أو اتجاها تبرره الأساسيات. تقارير تريم تابس تفيد بأن الصناديق المتداولة في البورصات الأوروبية عانت أعظم تدفقات خارجة لها على الإطلاق خلال الشهر الماضي، في حين إن التدفقات إلى الأسهم الأمريكية لم تتحرك. يمكن أن تكون المراهنة ضد مثل هذه المعنويات القوية خطيرة على المدى القصير.
مع أخذ تلك المحاذير في الحسبان، إليكم الحجة الداعية إلى الأسهم الأوروبية. مقارنة بمتوسط الدخل في السنوات العشر الماضية، تظهر شركة ريسيرش أفيلييت أن الأسهم الأمريكية الكبيرة يجري تداولها عند مضاعِفات 26.3 – وهو معدل أعلى بكثير من المتوسط التاريخي البالغ 15.9. وفي الوقت نفسه، المضاعِفات جميعا أرخص في فرنسا (14.3)، وألمانيا (16.4)، وإيطاليا (9.9) وإسبانيا (12.0)، لكن الأهم هو أنها أرخص بكثير من متوسطها على مر الزمن.
كيف يمكن تبرير مثل هذه الفجوة؟ من خلال الإيمان بالانفصال الشديد – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصلا إلى نقطتين مختلفتين في الدورة الاقتصادية ودورة الأرباح. التقييمات الحالية منطقية إذا كانت الولايات المتحدة على وشك تحقيق مزيد من الازدهار، في حين إن أوروبا تواصل سقوطها في الركود.
لكن من الصعب ابتلاع ذلك. فأرباح الشركات الأوروبية تبقى نحو 25 في المائة أقل من ذروة ما قبل الأزمة، في حين إن أرباح الولايات المتحدة هي تقريبا عند 50 في المائة فوق ذروتها قبل الأزمة، إلى جانب أنها مدعومة بهوامش ربح قياسية.
ومن السهل أن نرى كيف وصلت التقييمات إلى هذا التفاوت. فمنذ عام 2010 إلى عام 2012، سيطرت أزمة وجودية على منطقة اليورو. وكان خطر الإعسار السيادي ومغادرة الدول لمنطقة اليورو حقيقيا جدا. هذه الأزمة، وتدابير التقشف التي سُنت لمحاربتها، ألحقت أضرارا جسيمة باقتصاد أوروبا، وبقطاع الشركات فيها. وأصبح ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في إسبانيا واليونان مأساة إنسانية خطيرة.
لكن أزمة الديون السيادية في حد ذاتها انتهت الآن، حتى وإن لم تنته المشكلات الاقتصادية بعد. وأحداث الأسابيع القليلة الماضية أثبتت ذلك. فهي جلبت علامات مقلقة بخصوص التباطؤ في وسط أوروبا، وإنذارا جديدا بشأن السندات اليونانية. لكن هذا كان له أثر ضئيل في عوائد الديون الإسبانية والإيطالية أو حتى البرتغالية. المخاطر المتصورة حول الإعسار السيادي من قبل هذه الدول مستمرة في كونها ضئيلة للغاية.
لكن مشكلات أوروبا تعتبر حقيقية، وهو ما يظهره التدهور الأخير في مبيعات الشركات الأوروبية وكذلك حقيقة أن البنك المركزي الأوروبي – الأكثر نفورا من السياسات النقدية المتساهلة من أي بنك مركزي كبير آخر – ينظر حتى في تدابير مثل شراء سندات الشركات.
والحسابات بالنسبة للمستثمرين أكثر تعقيدا من ذلك. فالشركات الأوروبية في وضع يؤهلها للانتعاش. وبحسب روبرت سميثسون، من توب هودسون ستونكس في لندن، هوامش الربح لعديد من الشركات الإسبانية لا تزال أجزاء صغيرة من هوامش ذروتها في فترة ما قبل الأزمة – وهو ما يدل على أن أي عودة في المبيعات ينبغي أن تترجم بسرعة إلى أرباح. وحتى بيانات المبيعات قد تكون خادعة. لقد أفاد عدد كبير من الشركات الأمريكية التي تنتج السلع الاستهلاكية – بما في ذلك شركة كوكا كولا وماكدونالدز وجونسون آند جونسون وشركة أبل- وجود نمو مبيعات في أوروبا في الربع الثالث أقوى من ذلك الموجود في الولايات المتحدة. وأشار سميثسون إلى أن البلدان الطرفية الأوروبية وضعت نفسها الآن في موقع يؤهلها للنهضة.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون من الخطر المراهنة على أن الولايات المتحدة ما زالت قادرة على الوقوف وحدها. انظر إلى عمليات الشراء المحمومة للسندات التي قادت الانخفاض الكبير والانتعاش المفاجئ للقيم السوقية للأسهم خلال “الانهيار السريع” في الأسبوع الماضي.
إذا كان هناك أي محفز خارجي لهذا الحدث، فإنه الرقم الرديء لمبيعات التجزئة من جانب الأسواق الأمريكية. السوق مكشوفة بشكل خطير أمام أي علامة تشير إلى أن الانتعاش في الولايات المتحدة لا يسير على الطريق الصحيح.
الخطر الآخر هو أن النمو في الولايات المتحدة يعتبر سريعا فوق الحد – وبالتالي يثير التضخم، ومعه ارتفاع أسعار الفائدة. فيما يتعلق بالمستثمرين، فإن الارتفاع الحاد في معدلات الأسعار قد يدفع بالأسهم الأمريكية إلى الأدنى، في حين إن المرجح هو أن المال السهل في منطقة اليورو من شأنه أن يساعد الأسهم هناك.
أخيرا، جرب تحليل السيناريو. منطقة اليورو تمثل الآن نحو 16 في المائة من صادرات الولايات المتحدة – وهو حجم كبير بما يكفي ليكون مهما. إذا وقعت منطقة اليورو في أزمة، فإن هذا من شأنه أن يؤذي الولايات المتحدة. وإذا كانت الولايات المتحدة تنمو حقا حسب المقرر، فمن شأن ذلك أن يساعد على انتشال منطقة اليورو.
على أي الحالين، بالنسبة لمن لديهم الصبر، يبدو من المعقول أن يبدأوا بتخصيص الأموال بناء على افتراض أن الأسهم الأوروبية ستتفوق على الأسهم الأمريكية على المدى المتوسط.