IMLebanon

عكار: مزارعو الزيتون متمسكون بـ«الشجرة الذهبية»

Safir
نجلة حمود
يتمسك مزارعو الزيتون في ساحل عكار بتراث الأجداد، الذي طبع منطقة ساحل عكار، بتسمية «ساحل الشجرة الذهبية». كما يردد المزارعون الكبار تعبير «شجرة الأرملة»، في تأكيد مدى أهمية الشجرة المباركة. الا أن واقع الحال تغير بفعل التغيرات التي طرأت على هذه الزراعة، التي يعتاش منها أكثر من 30 في المئة من العكاريين، إن كان لجهة كلفة العناية بالانتاج المرتفعة، أم لجهة الصعوبة في تصريف الانتاج، وحتى بسبب العوامل المناخية غير المساعدة لجهة التقلبات الحادة وقلة المتساقطات خلال موسم نمو الثمار.
تنتشر ورش قطاف الزيتون في غالبية البلدات الساحلية، وتحديدا في مناطق الوسط، التي لا يقل ارتفاعها عن 200 متر، ولا يزيد عن 800 متر (برقايل، ببنين، عيون الغزلان، جديدة القيطع، بقرزلا، الحكر والحاكور، عرقة، الشيخ طابا، بينو…) حيث الظروف المناخية أكثر ملاءمة، لجهة الحرارة المعتدلة.

الإنتاج متفاوت

وتتفاوت نسب الانتاج للعام الحالي بين منطقة وأخرى، إذ يؤكد مزارعو المناطق التي يزيد ارتفاعها عن 400 متر عن سطح البحر، «أن موجة البرد التي أصابت الموسم خلال فترة الازهار كانت كفيلة بالقضاء كليا على الموسم». وتحديدا في بلدات بزال، قبعيت. أما في بلدة برقايل فقد انخفض الانتاج الى أكثر من النصف. أما بالنسبة لبلدتي الحاكور وعرقا اللتين تعدان أهم مصدر للزيتون في المنطقة، فقد انخفض الانتاج الى النصف تقريبا. و«لكنه ذو نوعيته ممتازة، بسبب عدم الحملان»، على حد تعبير أكبر مزارعي الزيتون في عكار جابر نصر.
ويشير نصر الى أن «الاستمرار في المحافظة على شجرة الزيتون دونه عقبات، كما لا يخفي قلقه على مصير هذه الشجرة التي وجد الكثيرون أنها باتت غير منتجة، فعمدوا الى قطعها واستبدالها بزراعات أخرى أقل كلفة وأعلى إنتاجية».

الإنتاج كالذهب

ويضيف: «إن تسمية الشجرة الذهبية لم يكن من عبث، بل لأن إنتاج المنطقة كالذهب، إضافة الى أنه مربح ومصدر عيش العديد من العائلات، وزيت الزيتون معروف بأهميته، كما أن الانتاج من الزيت بحال تم حفظه بشكل جيد فهو يحافظ على جودته ونوعيته كالذهب أيضا. ولكن للأسف الاهمال اللاحق بالزراعة عموما وبمزارعي الزيتون تحديدا أطاح كل المفاهيم، ومن احتفظ بكروم الزيتون هو بسبب تعلقه بها، لأنه لا يعرف سوى هذه الزراعة».
ويقول: «إن كلفة الانتاج بلغت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سابقا، أكان لجهة ضمان الأرض، حيث تبلغ كلفة ضمان شمبل الزيتون (أي 125 كيلو) 160الف ليرة، تضاف اليها كلفة القطاف 80 ألف ليرة، هذا من دون احتساب كلفة الأسمدة والتقليم والرش. وهو ما يجبر المزارع على رفع سعر الزيتون الأخضر الى أربعة آلاف ليرة للكيلو، لكي نتمكن من تحقيق بعض الأرباح، والى 150 الف ليرة لتنكة زيت الزيتون».
ويؤكد نصر أن «أهم سبب لتراجع إنتاج الزيتون هو غياب الدعم الرسمي، إذ إن المزارع يواجه وحده كل المتغيرات، فضلا عن عدم إيجاد أسواق لتصريف الانتاج بالرغم من ان إنتاج زيت الزيتون العكاري معروف بجودته». ويلفت الى «أن العديد من اللبنانيين المقيمين في بلاد الاغتراب وتحديدا في كندا وأستراليا والبرازيل يطلبون إنتاج منطقة عرقة والحاكور المشهورتين بنوعية الزيتون الممتازة».

لا يجدي نفعاً

ويتحدث رئيس تعاونية مزارعي الزيتون في منطقة القيطع أحمد عثمان عن أن «اعتماد العكاريين على إنتاج محصول الزيتون لم يعد يجدي نفعًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتغيرات المناخية التي كانت كفيلة هذا العام باطاحة الموسم بشكل كامل».
ويلفت الى «أن المزارع العكاري منكوب من جميع الجهات، بسبب العوامل المناخية التي أثرت سلبا في الانتاج في العام المنصرم، وقضت عليه نهائيا هذا العام، وتحديدا في البلدات المرتفعة بعض الشيء، أما بالنسبة للبلدات الساحلية فقد كان المزارعون موعودين بتعويض خسائر العام المنصرم الا أنهم فوجئوا بانخفاض الكمية الى أدنى المستويات».
ويشير الى «أن الانتاج الحالي هذا العام بالكاد يكفي السوق المحلي، ولن يكون لدينا مشكلة كساد المواسم».