Site icon IMLebanon

ماذا هي العواقب إن زارنا «إيبولا» في لبنان؟

Joumhouriya-Leb
أنطوان فرح
باشرت المؤسسات الدولية منذ فترة اجراء الدراسات الميدانية في شأن الخسائر الاقتصادية التي يتسبّب بها «ايبولا». وقد شملت الدراسات البلدان الافريقية الثلاثة المصابة مباشرة بالوباء وهي سيراليون، غينيا وليبيريا، بالاضافة الى القارة السوداء بأكملها التي تأثرت اكثر من سواها من القارات بتداعيات الوباء.

وأشارت بيانات صندوق النقد الدولي الأخيرة الى تراجع توقعاته للنمو في القارة السوداء من 5.5 الى 5 في المئة للعام 2014. مع نظرة اكثر سوداوية للعام 2015. ومن المعروف ان الاقتصاديات في افريقيا هي الاكثر نموا في العالم في هذه الحقبة.

وقد قدّرالبنك الدولي ان يتراجع الناتج المحلي في سيراليون من 11.3 الى 8.3 في المئة هذا العام. كذلك فان النمو في غينيا سيتراجع من 4.5 في المئة، كما كان متوقعا له، الى 2.4 في المئة. وسيتراجع النمو في سيراليون من 5.9 في المئة، الى 2.5 في المئة.

كما يتوقع البنك الدولي تراجع هذا النمو الى صفر في المئة عام 2015. ومع ذلك، فان تقارير حديثة تؤكد ان تقرير البنك الدولي متفائل حيال النتائج الاقتصادية، بما يعني ان التداعيات الاقتصادية قد تكون اسوأ مما توقعته المؤسسات المالية والنقدية الدولية.

تأثر الاقتصاد الافريقي من نواح عدة، بينها هروب الاسثمارات من خلال وقف المشاريع، بالاضافة الى تراجع دراماتيكي في حجم السياحة. هذا الامر ينسحب على كل الدول الافريقية، وليس على البلدان الثلاثة فقط. على سبيل المثال، عمدت شركات اجنبية الى سحب القسم الاكبر من طاقمها الوظيفي في غانا، على رغم انه لم يتم تسجيل اي اصابة بـ«ايبولا» في هذه الدولة حتى الان.

مثال آخر، توقف تنفيذ مشروع طريق سريع بين ليبيريا وغينيا مموّل من البنك الدولي، لأن الشركة الصينية «هنان»، المتعهدة للمشروع، أوقفت الاعمال وسحبت عمالها. وهناك آلاف النماذج من عمليات انسحاب من القارة السوداء.

ماذا عن لبنان؟

انطلاقا من هذا الواقع، يمكن الربط بين ما يجري في افريقيا، والتداعيات المحتملة على لبنان. اذ ان اللبنانيين يتواجدون بكثافة استثنائية في افريقيا، خصوصا في افريقيا الغربية، حيث المخاوف اكبر. هناك تقديرات تشير الى وجود حوالي 150 الف لبناني في القارة السوداء.

والأهم في الموضوع ان قسما كبيرا من هؤلاء يسيطر على قطاعات اقتصادية كاملة في بعض البلدان الافريقية، بما يجعل مداخيل اللبنانيين في افريقيا ضخمة، وهي تساهم في ضخ الاموال الى الداخل اللبناني. التقديرات تشير كذلك الى ان اللبنانيين يتحكّمون بحوالي 60 في المئة من القطاعات الاقتصادية الحيوية، ويمتلكون حوالي 4 آلاف مؤسسة، بينها مؤسسات ضخمة يعمل فيها آلاف العمال.

وهم يسيطرون على حوالي 80 في المئة من شركات جمع القهوة والكاكاو وتصديرها الى العالم. هذه التجارة مهددة بدورها بالتراجع، بسبب ازمة العمالة في ساحل العاج خوفا من ايبولا، الأمر الذي قد يؤدي الى تراجع الانتاج.

هذا الترابط يعني عمليا ان مداخيل اللبنانيين في افريقيا سوف تتراجع. ولا يمكن تقدير نسبة هذا التراجع منذ الان، لأن التطورات المتعلقة بايبولا لم تُحسم بعد، وبالتالي خسائر الاقتصاد اللبناني المرتبطة مباشرة بمداخيل لبنانيي افريقيا ليست واضحة تماما.

الى ذلك، تبرز مخاطر وصول ايبولا الى لبنان جراء هذا التواصل المستمر بين 150 الف لبناني يعملون في افريقيا، وبين لبنانيي الوطن. ومن المعروف ان التواصل هنا كثيف، على غرار التواصل مع اللبنانيين في الخليج.

وبالتالي المخاطر كبيرة جدا الى حد ان وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور يتصرف على اساس ان ايبولا قادم لا محالة، وان النقاش هو حول القدرة على استيعاب والحد من المخاطر، وليس على مبدأ منع دخول الوباء الى لبنان.

هنا تجدر الاشارة الى ان وصول ايبولا الى لبنان قد ينشر مناخا من الرعب الاضافي الذي سيؤثر حتما على الاقتصاد. ولا يمكن ان نقارن التداعيات على لبنان بالتداعيات على بلدان متطورة اكتشفت دخول حالات ايبولا الى اراضيها كما هي حال الولايات المتحدة واسبانيا ودول اوروبية أخرى.

ذلك ان الثقة بالسلطات اللبنانية قد تكون معدومة. وسوف يُصاب المجتمع بجنون الريبة. واي مستشفى تستقبل حالة ايبولا، سوف تفرُغ من المرضى، لأن احدا لن يوافق على التواجد فيها. كما ان غرف العناية والعزل الخاصة بايبولا لن تجد طاقما بشريا لادارتها والخدمة فيها. وهذا الامر ليس استنتاجا بل اشار البه بوضوح نقيب اصحاب المستشفيات في لبنان.

كذلك، فان التواصل بين اللبنانيين في افريقيا والداخل سيزيد مخاوف الاجانب، ومخاوف اللبنانيين العاملين في الخارج، والذين قد يتجنّبون القدوم الى لبنان في العطلات، خصوصا في الصيف كما هي العادة.

كما ان تواجد النازحين السوريين بكثافة وعشوائية قد يزيد المخاوف من انتشار الوباء.
اذا وصل ايبولا الى لبنان، وبالاضافة الى النتائج الانسانية والاجتماعية غير المحسومة، سينال الاقتصاد المترنّح نصيبه الوافر من تداعيات سلبية ستُضاف على لائحة الضغوطات التي يتعرض لها منذ اكثر من ثلاث سنوات.