IMLebanon

الجمود سمة الاوضاع الإقتصادية الراهنة …الانفاق الحكومي تخطى الإيرادات والعجز مستمر

Liwa2
عصام شلهوب

تشير التقارير والدراسات الاقتصادية والمصرفية الشهرية منها والفصلية الى جمود وركود اقتصاديين على مختلف صعد النشاطات الاقتصادية بانتظار جلاء العديد من المعطيات السياسية والامنية حتى اواخر عام 2014.
وتبين هذه التقارير ان هناك ثلاثة اسباب رئيسية تبرر الركود الاقتصادي وعدم نمو الاستثمارات الخارجية المباشرة، وتراجع الحركة الاقتصادية، ومؤشرات النمو الماكرو-اقتصادية:
1- ترابط مسيرة الانماء بالاوضاع الاقليمية السائدة التي تؤكد تأجيل الاستحقاقات السلمية التي مواعيد غير محددة، مما يؤثر على تدفق الاستثمارات الاجنبية.
2- اهتزاز الثقة العالمية والعربية بالاستثمارات المباشرة في لبنان بعد العمليات العسكرية محلياً واقليمياً التي اكدت للمجتمعين الدولي والعربي تزعزع ثقة المستثمرين في احدى المناطق الاكثر توتراً في الشرق الاوسط.
3- الانفاق الحكومي الذي تخطى خلال الاشهر الثمانية الاولى من هذا العام، الارقام المقدرة في الموازنة التي لم تقر حتى الآن كغيرها من موازنات السنوات الماضية، ويشار هنا الى الامور الآتية:
أ- بلوغ قيمة النفقات العامة حتى نهاية شهر آب 2014 خارج خدمة الدين العام بقيمة 238 مليار ليرة وبنسبة 7.1٪ اي من 3361 مليار ليرة الى 3599 ملياراً، وبذلك يكون العجز العام قد ارتفع من 1180 مليار ليرة في الفصل الاول من العام 2013 الى 1266 ملياراً في الفصل الاول من العام 2014، فيما انخفضت نسبته قليلاً من 26٪ من المدفوعات الاجمالية الى 25.7٪ في الفترتين المذكورتين.
ب- خدمة الدين العام ارتفعت قياساً على كل من المدفوعات الاجمالية والمقبوضات الاجمالية عند مقارنتهما مع الفصل الاول من العامين 2013 و2014، فبلغ 83167 مليار ليرة نهاية تموز 2014 مسجلاً ارتفاعاً نسبته 3.7٪ قياساً على نهاية العام 2013.
ج- نسبة العجز المسجلة خلال هذه الفترة تفوق المقدرة لها في الموازنة التي لم تقر، نتيجة عدم توقف سلفات الخزينة وتحويل نسبة كبيرة من ودائع القطاع الخاص في المصارف التجارية الى ادوات دائنة لصالح الخزينة اللبنانية.
ويقول بعض الاقتصاديين ان السياسة النقدية المتبعة انعكست سلباً على مناخ الاستثمار فاصبح المستثمر المحلي يفضل انتظار فوائد الايداع او التوظيف في السندات عوض الخوض في مشاريع تولد الانتاجية والربح والمنفعة العامة، وبالفعل هناك حديث عن ضعف الاستثمارات الخاصة في مشاريع القطاع العام.
د- ارتفعت التسليفات الممنوحة من المصارف للقطاع الخاص المقيم الى ما يوازي 66076 مليار ليرة او ما يعادل 43832 مليون دولار، مقابل 43684 مليون دولار في نهاية الشهر الذي سبق و41503 ملايين دولار في نهاية العام 2013 (39770 مليون دولار نهاية تموز 2013)، وبذلك تكون هذه التسليفات قد ارتفعت بنسبة 5.6٪ في الاشهر السبعة الاولى من العام 2014، تقابل ارتفاعها بنسبة 5.1٪ في الفترة ذاتها من العام 2013، والبارز ان عدداً قليلاً جداً من القطاعات هي التي حصلت على هذه التسليفات منها الصناعية، والقطاع العامل الوحيد حالياً هو قطاع المأكولات، وهذا يظهر من التحويلات وحركة الاعتمادات المصرفية.
الانفاق الأسري
ويمكن التوقف ايضاً عند تراجع القدرات الانفاقية للاسرة كأحدى اسباب الركود والتأثير السلبي على النمو الاقتصادي العام.
وتظهر الاحصاءات الصادرة عن ادارة الاحصاء المركزي انكماشاً شهرياً في مؤشر اسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 0.2٪ في شهر ايلول 2014.
اما على صعيد سنوي، فقد ارتفع مؤشر تضخم الاسعار بنسبة 2.3٪ الى 100.78نقطة في شهر ايلول من العام الحالي، مقابل 97.47 نقطة في شهر ايلول من العام 2013، وتنسب هذه الزيادة الى الزيادة بنسبة 2.8٪ في اسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية، ترافقاً مع الارتفاع بنسبة 0.5٪ في اسعار الماء والغاز والكهرباء وغلاء كلفة التعليم بنسبة 7.1٪، الامر الذي طغى على التراجع بنسبة 23.7٪ في اسعار الاتصالات.
قطاع البناء
اما قطاع البناء الذي كان المنفذ الوحيد لتحريك العجلة الاقتصادية خلال السنوات الماضية فتراجع بنسبة 15٪ قياساً الى الاعوام الماضية، علماً ان الاستثمار في هذا القطاع وصل الى حوالى الملياري دولار.
لذلك لم تفلح محاولات المطورين العقاريين في تحريك هذا الركود لسببين:
الاول: وجود مستثمرين في هذا القطاع يفضلون الابقاء على مشاريعهم باسعارها العالية (لان امواله موجودة او متوافرة لديه نقداً وبالتالي ليست ديوناً عليه للمصرف) حتى يأتي الزبون المناسب فيبيع بالسعر الذي يريد، فتكون النتيجة جمود وابقاء الاسعار مرتفعة.
الثاني: هناك من يستثمر في قطاع البناء اموالاً تعود في قسمها الاكبر الى ديون تترتب عليها فوائد تجارية عالية، لذلك يقدم هؤلاء على عرض عقاراتهم باسعار اقل من غيرهم سعياً للتخلص من الفوائد العالية التي تؤكد اثمان العقارات وتزيد من اكلافها وتؤدي وبطريقة غير مباشرة الى استمرار ارتفاع الاسعار.