Site icon IMLebanon

مفاوضات طرابلس تتركز على استسلام المسلحين أو الترحيل ومخاوف من اشتعال جبهات جديدة

 

ذكرت صحيفة “اللواء” أن الاتصالات التي ساهم فيها الوزير أشرف ريفي ومفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، بالتنسيق مع هيئة العلماء المسلمين أدت الى قبول الجيش اللبناني بهدنة ذات صفة إنسانية، سبق أن كانت موضع مشاورات في ساعات النهار بين الرئيس تمام سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي استجاب لطلب رئيس الحكومة لتوفير ممر آمن لخروج المدنيين من مناطق الاشتباكات حفاظاَ على حياتهم، ومنعاً لاستخدامهم من قبل المسلحين دروعاَ بشرية، الأمر الذي يعيق العمل الميداني لوحدات الجيش، ويطيل من أمد المواجهة في ظل مخاوف من تحولها الى حرب استنزاف قد تستغرق وقتاً أكثر مما هو مخطط للعملية التي يؤكد مصدر عسكري أنه من غير الممكن وقفها إلا بإلحاق الهزيمة بالمجموعات المسلحة، أياً تكن النتائج.

وكشفت مصادر المعلومات أن مفاوضات الهدنة تتركز على اقتراحين: الأول أن تسلم المجموعات المسلحة نفسها الى الجيش، مقابل ضمانات بأن تخضع لمحاكمة عادلة، علماَ أن الجيش نجح في إطلاق سراح الجندي المخطوف لدى مجموعة شادي المولوي طنوس نعمة في إحدى عملياته في المنطقة.

والاقتراح الثاني، أن يتم إيجاد طريقة لخروج العناصر المسلحة من المناطق التي التجأوا إليها، من حيث أتت.

ولئن كانت الغلبة للاتجاه الأول ما لم تدخل تطورات تقلب الطاولة رأساً على عقب، في ضوء مخاوف من امتداد الاشتباكات الى عموم منطقة الشمال، وربما الى جوار مخيم عين الحلوة لتخفيف الضغط عن المسلحين المختبئين داخل الأحياء المكتظة بالسكان في طرابلس، فإن المعلومات أكدت لـ”اللواء” أن عدد المسلحين لا يتجاوز بضع عشرات من الذين جاؤوا من جرود عرسال وجبال القلمون للالتجاء الى المدينة هرباً من البرد والصقيع والحصار مع اقتراب فصل الشتاء، وتوزعوا في ثلاث مجموعات، الأولى بقيادة ابن الموقوف أحمد سليم الميقاتي الملقب بأبو هريرة، والثانية بقيادة شادي المولوي وأسامة منصور (أبو عمر) والثالثة بأمرة الشيخ خالد حبلص وهذه المجموعة جعلت من بلدة حنين «قاعدة» لها.

في المقابل، نسب الى مصدر عسكري أن ثمة اتجاهاً لدى القيادة غير قابل للمساومة أو التسوية يقضي بحسم المعركة عسكرياً لعدم تكرار ما حدث في عرسال.

وأشار المصدر الى أن الجيش يتبع تنفيذ خطة قتالية نجح في الشق الأول منها وتقضي بحصر المسلحين داخل منطقة محاصرة بالأبنية والخط الناري، فإذا لم تنجح مفاوضات الهدنة المطروحة، سيلجأ الجيش الى إحكام الحصار والتضييق عليهم تدريجاً لنفاذ الذخيرة والسلاح منهم، نظراً لصعوبة المداهمة داخل شوارع ضيقة جداً، ولعدم تدمير الدهاليز الأثرية القديمة التي تحصنوا فيها.

وبحكم هذه التطورات تعيش مدينة طرابلس التي تقفل فيها اليوم الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية والخاصة، حالة تشبه إعلان حالة طوارئ لمنع أي منفذ لمد أو إسعاف المسلحين المحاصرين.

وفيما أكد الوزير ريفي وقيادات طرابلس ان ما يجري في المدينة ليس موجهاً ضد أهل السنة، بل يستهدف عناصر ارهابية اعتدت على الجيش، دعي المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الى اجتماع طارئ عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم للتباحث في التطورات على الساحة الشمالية، والطرابلسية خاصة، واتخاذ الموقف الداعم للمؤسسة العسكرية بعد الوقوف على وقائع ما يجري.

ولوحظ أن بيانات القيادات السياسية بمن فيها نواب المدينة ووزرائها، حرصت على دعوة قيادة الجيش على عدم الافراط في استعمال القوة، وهي جملة تكررت حتى في بيان هيئة العلماء المسلمين، بسبب خشية هذه القيادات من أن تطول العمليات العسكرية، وبالتالي تعريض المواطنين داخل الأحياء القديمة الى المزيد من الضحايا والخسائر المادية، والخوف بالتالي من تدمير التبانة، التي شهدت أمس أعنف الاشتباكات، خصوصاً وأن المسلحين لجأوا الى استعمال أسلحة ثقيلة مثل الصواريخ والقاذفات.

وفي تقدير مصادر طرابلسية أن طرابلس أجمعت بجميع قياداتها على توفير الغطاء للجيش لإنهاء ظاهرة مسلحي «النصرة» وداعش داخل أسواقها القديمة، مؤكدة رهانها الدائم على الدولة، لكنها في المقابل أرادت أن تفسح في المجال أمام مساعي الحل السلمي لتجنيب المدينة المزيد من الدمار، إلا أنها أبلغت «اللواء» أنها لا تستطيع أن تتوقع شيئاً، على اعتبار أن اقتراح إخلاء المسلحين للمناطق الداخلية، لا توفر الحل المناسب لدى قيادة الجيش، التي تشترط استسلامهم دون قيد أو شرط.

ولم يشأ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس التعليق على ما يجري في طرابلس مكتفياً بالقول لـ «اللواء» أن إرادة الجيش قوية، مشيراً الى أن الحكومة أعطت الجيش كل الصلاحيات لمواجهة المسلحين.

وأعرب وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي لـ”اللواء” عن اعتقاده بأن العمليات العسكرية لن تتوقف الى حين استئصال هذا المرض السرطاني المتمثل بالارهابيين، متوقعاً أن تكون معركة الجيش طويلة، وشدد على أن المطلوب اليوم وحدة الموقف والدعم الكامل للمؤسسة العسكرية، وألا يكون هناك من ملاذ آمن للإرهابيين، لأن من يدافع عنهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة هو عدو الجيش والتاريخ.