عدد المنازل التي يتغير أصحابها في سوق المساكن الفاخرة في لندن انخفض بشكل حاد بسبب عدم اليقين والمخاوف السياسية بأن السوق أصبحت تتصاعد بشكل مبالغ فيه.
وانخفضت المبيعات في سوق لندن المركزية الرئيسية – مناطق مثل نايتسبريدج، وتشيلسي، وكينزينجتون وبلجريفيا – بمقدار الثُلث في العام في الربع الثالث من عام 2014 إلى 422 عقاراً، وذلك وفقاً لبحث أجرته “فاينانشيال تايمز” من خلال شركة البيانات، لونريز، وشركة التحليل، داتالوفت.
وكانت المنازل الأكثر تضرراً، بانخفاض معدل المعاملات إلى أكثر من النصف، فيما انخفضت مبيعات الشُقق بنسبة 27 في المائة.
وبحسب أنتوني باين، المدير الإداري لشركة لونريز: “هناك تآكل تدريجي في المشاعر تزايد بشكل كبير على مدار العام، الأمر الذي أثّر في السوق ذات الأسعار المرتفعة”.
ويوم الخميس حذّرت وكالة فوكستونس للعقارات في لندن، من أن السوق كانت تتباطأ بسرعة. ووفقا لمشاركين في تجارة العقارات، أسهم عدم اليقين بشأن ضرائب العقارات، وقوة الجنيه في أسواق العملات العالمية، والضرائب على المنازل التي تملكها الشركات، التي بدأ سريانها العام الماضي، في التباطؤ.
وقال روري سكاريسبريك، وهو وكيل شراء في بروبرتي فيجين: “هذا الصيف كان الفصل الأهدأ الذي شهدناه منذ بعض الوقت. لقد كانت فترة طويلة من الأسعار المرتفعة والأسواق بحاجة فعلاً إلى مُتنفس في بعض الأحيان، لكنها أيضاً كانت اللحظة التي تغيّرت فيها المشاعر قليلاً، وبالتالي حل التباطؤ”.
ومع أن المشترين كسبوا السيطرة، إلا أن كثيراً من البائعين لم يلحقوا بعد بالتحوّل في المشاعر. وقال سكاريسبريك: “هناك حجم كبير من المخزون الجديد القادم إلى السوق (…) في الوقت الذي يحاول فيه (كثير من البائعين) التقاط أطراف السوق المتلاشية”.
واستخدم المستثمرون عقارات لندن مخزنا للقيمة في الأعوام الأخيرة، ما أدى إلى ازدحام المستأجرين.
وقال ريتشارد دونيل، مدير الأبحاث في شركة هومتراك لتحليل البيانات: “مزيدا من المنازل بدأ يخرج من التداول من قِبل المستثمرين والأشخاص الذين يعتبرونها طريقة لاستثمار ثرواتهم أفضل من الاستثمارات التقليدية”.
لكن النقاش السياسي حول الضرائب على العقارات وغيرها من القيود المحتملة على الأغنياء دولياً يعني أن من المرجح أن المستثمرين كانوا يتراجعون. وقال دونيل: “كل هذا النقاش حول الضرائب يؤدي إلى تردد الناس وعزوفهم عن الشراء أو البيع”. وأضاف: “الآن سينتظرون إلى ما بعد الانتخابات”.
ويقول وكلاء عقارات إن تراجع الاهتمام من المشترين المحتملين تبيّن أنه نعمة بالنسبة لأصحاب الأراضي. ووفقا لتشارلز ماكدويل، الذي يخدم مصالح مشتري المنازل الأثرياء: “يقول الناس إننا سنستأجر فقط، لذلك سوق الإيجار جيدة جداً وهذه نتيجة ثانوية للتوتر من جانب المبيعات”.
وأضاف: “أرى عدداً أكبر بكثير من رسائل البريد الإلكتروني من وكلاء أعلنوا تخفيضات في الأسعار … (حتى) يتمكنوا من البيع”.
ويُقدّر وكلاء العقارات في لوكالة دوجلاس آند جوردون إن أصحاب المنازل كانوا يخفضون الأسعار بنسبة تصل إلى 15 في المائة من أجل البيع. وبحسب الوكالة، يستغرق بيع فلل الجص الأبيض الكلاسيكية في تشيلسي ما يصل إلى عام، مع تخفيض بعض العقارات التي تصل قيمتها إلى 4.5 مليون جنيه، أسعارها بمقدار مليون جنيه. ونتيجة لذلك، فرص العمل لوكلاء العقارات في شركات لندن الفاخرة تصبح قاتمة بسرعة.
ولاحظ إد ميد، مدير وكالة دوجلاس آند جوردون، أن جميع الوكلاء الكبار فتحوا خلال أعوام الطفرة الكثير من المكاتب الجديدة “وكانوا يشترون سلاسل أصغر”.
وتشير تقديراته إلى أن عدد مكاتب وكلاء العقارات في كينزينجتون وتشيلسي ارتفع بواقع الثُلث منذ أن بدأت السوق في الازدهار. وأضاف: “الآن الأحجام آخذة في التقلص”. وتابع: “جميع وكلاء العقارات يتنافسون على شريحة أصغر من سوق أصغر حجماً. هناك الكثير من الوكلاء الساخطين الذين يجلسون وليس لديهم الكثير من العمل”.
ويخشى سكان لندن الغربية أن يشن حزب العمال هجوما على “أصحاب الأصول الأغنياء، ليدفع للفقراء”.
ففي أي مكان في البلاد تقريبا، الشقة المبنية من الخرسانة والطوب، التي يعود بناؤها إلى السبعينيات، تكون في متناول معظم أصحاب المنازل. لكنها في كينزينجتون، قلب طفرة الإسكان في لندن، تعد من الناحية الرسمية منزلاً فاخراً.
ديفيد تشارلزويرث، وهو محاسب متقاعد، اشترى عقارا من ثلاث غرف نوم في عام 1971 مقابل 25 ألف جنيه والآن قيمته أقل من ثلاثة ملايين جنيه بقليل. لكن هل تصوّر يوماً أنه قد يواجه ضريبة جديدة تبلغ ثلاثة آلاف جنيه سنوياً للعيش فيه؟
أجاب تشارلزويرث: “كنت آمل أنه سيكون عقاراً جيداً من شأنه الاحتفاظ بقيمته ويكون الاحتفاظ به أمراً غير مُكلف. لم يكُن بإمكان أحد توقع أن منطقة W8 ستصبح عبارة عن رمز بريدي ذهبي”.
وتشارلزويرث واحد من الذين يدّعي نيك باجيت براون، رئيس مجلس كينزينجتون وتشيلسي، أنهم الآلاف من أصحاب المنازل “الأغنياء بالأصول، والفقراء بالنقود” الذين أصبحوا هذا الأسبوع أهدافاً لإد بولز، وزير المالية في حكومة الظل من حزب العمال، مع خططه لفرض ضرائب على المنازل ذات القيمة المرتفعة. وخطط حزب العمال لها تأثير جغرافي مُركّز جداً. فواحد من كل أربعة من أصحاب المنازل المتأثرين يعيش في منطقة كينزينجتون وتشيلسي في لندن و90 في المائة يعيشون في العاصمة.
وأصحاب العقارات التي تراوح قيمتها بين مليوني جنيه وثلاثة ملايين جنيه سيدفعون ثلاثة آلاف جنيه سنويا بموجب خطة حزب العمال. وذوو الدخل البالغ أقل من 42 ألف جنيه سنوياً بإمكانهم تأخير الرسوم حتى يبيعون العقار أو يموتون.
ولم يحدد بولز مستوى للعقارات التي تزيد قيمتها على ثلاثة ملايين جنيه، لكنه يهدف لجمع 1.1 مليار جنيه سنوياً. وهذا قد يتطلب، وفقاً لشركة هومتراك، متوسط ضرائب على كل منزل يبلغ نحو 26 ألف جنيه سنوياً.
جون إيجل، صاحب منزل آخر تأثر بخطة الضرائب. وباعتباره رئيس مجلس إدارة جمعية سكان المساحات البالغة ستة أفدنة، فهو يمثّل 300 صاحب منزل في منطقة ويرلدز إند في تشيلسي. ومعظم أعضائه يملكون منازل تزيد قيمتها على ثلاثة ملايين جنيه وبالتالي يُقدّر أنهم سيواجهون معدل الضرائب الأعلى. وقال إن كثيراً منهم سيفكرون في موضوع البيع والانتقال: “لقد أخبرني أكثر من 20 شخصاً أن فرض الضرائب على قيمة عقارهم سيجعلهم يفكرون في البيع بجدّية. أستطيع التفكير في عدد كبير من أصحاب المنازل الآخرين الذين أعتقد أنهم سيكونون في الموقف نفسه”.
وأشار بحث أجرته كابيتال إيكونوميكس إلى أن المنازل التي تراوح قيمتها بين مليوني جنيه مليون وثلاثة ملايين جنيه سوف ينخفض سعرها بنسبة تصل إلى 3 في المائة، والمنازل التي تزيد قيمتها على عشرة ملايين جنيه بما يُقارب 16 في المائة. والتعقيد والمشاعر الحادة المحيطة بالتقييمات في سوق يمكن لحالات البيع بسبب الهلع أن يكون لها تأثير لا يستهان به في الأسعار، يعني أنه سيكون هناك المزيد من الأصوات التي تعطي اقتراحات بديلة لضريبة حزب العمال الجديدة. وأكثرها شيوعاً هو إعادة تقييم لنظام الضرائب المحلية، بحيث توضع شرائح جديدة للمنازل الأعلى سعراً.