IMLebanon

أسباب جوهرية تدعو للتشاؤم حيال آفاق المصارف الأمريكية

FinancialTimes
هيني سندر

في نهاية أيلول (سبتمبر) كان لدى الصناديق المالية الأمريكية أكبر تدفقات داخلة منذ ستة أشهر، في الوقت الذي استبعدت فيه الأسواق احتمالات رفع أسعار الفائدة، حسبما أظهرت بيانات صادرة عن بنك أوف أميركا ميريل لينش. لكن البيانات الخاصة بالتدفقات كانت متقلبة طوال العام وتعرضت المصارف وغيرها من الشركات لمتاعب بسبب التوقعات المتباينة، التي تأتي مع كل كلمة تصدر عن مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

كانت أسهم الشركات المالية أيضا أقل انخفاضا من الأسواق بشكل عام خلال اضطرابات الأسابيع القليلة الماضية. وفي حين أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفض بنسبة 3.6 في المائة، هبط مؤشر داو جونز للشركات المالية الأمريكية نقطة مئوية في الشهر الماضي. وبالفعل عندما أصدرت المصارف الكبيرة تقارير حول الأرباح في منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، تحدث التنفيذيون فيها عن شفاء كل من الاقتصاد وسوق الإسكان. وتحسن أخيرا حجم الإقراض أيضا. وكانت المصارف دائما وكلاء للاقتصاد ككل، لذلك من الطبيعي أن تكون المستفيد في الوقت الذي ينتعش فيه التفاؤل بشأن النمو.

واستنادا إلى أحدث مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي على كبار موظفي القروض، تسارع نمو إجمالي القروض المصرفية والنمو في دفاتر القروض التجارية والصناعية المهمة. ويعكس هذا تحسنا في العرض، مع استمرار معظم المصارف المحلية في تخفيف المعايير، وكذلك تحسنا في الطلب. لكن هل هذا هو النوع الصحيح من الطلب؟ بحسب المسح “لشرح الزيادة التي أعلن عنها في الطلب على القروض، أشارت البنوك إلى مجموعة واسعة من الاحتياجات التمويلية للعملاء، خصوصا تلك المتعلقة بالاستثمار في المصانع، أو المعدات، أو الذمم المدينة، أو المخزون، أو عمليات الاندماج، أو الاستحواذ”.

ويشير محللون مثل كريس وود، من كريدي ليونيه، إلى أن جزءا كبيرا من الطلب ينبع من الهندسة المالية على شكل تمويل عمليات إعادة شراء الأسهم، وشراء نمو الإيرادات من خلال عمليات الدمج. (ومع ذلك انحسر النشاط السابق، وكان قد تم انتقاد شركات مثل IBM التي انخرطت في عمليات إعادة شراء للأسهم، لقيامها بذلك في أعقاب أداء تشغيلي مخيب للآمال). ويشعر وود بالقلق إزاء استمرار أزمة أرباح الشركات في النمو بسرعة أقل بكثير من الاقتراض من جانب الشركات، الأمر الذي لا يمكن أن يكون جيدا بالنسبة للمصارف.

وتوحي سوق السندات أيضا بأن الرفع المالي للشركات آخذ في الازدياد. وتظهر دراسات من جولدمان ساكس أن سبب الانتعاش الاقتصادي أمر غير إرادي، لأنه يعكس الضعف في نمو العائدات والأرباح إلى أقصى حد. ويخلص تقرير حول مسار أساسيات الائتمان في الولايات المتحدة إلى “إن عصر إدارة هيكل رأس المال المحافظ يبدو الآن وراءنا بحزم”.

العوامل الدورية، ولكن المتناقضة، قد تبرر دائماً التفاؤل إزاء المصارف، إذ يمكن لانخفاض أسعار الفائدة أن يكون أمرا جيدا، لأنه يبقي على عبء الديون على المصارف منخفضا. ويمكن لارتفاع أسعار الفائدة أن يكون أمرا جيدا، لأن صافي هوامش الفائدة للمصارف يتحسن. لكن هذه المبررات هي بحكم التعريف مؤقتة. والأسباب الكامنة وراء التشاؤم حول توقعات المصارف أكثر جوهرية، ولها علاقة بأمرين.

أحدهما العائق التنظيمي. فالقواعد تتطلب مزيدا من رأس المال، والرفع المالي الأقل يخفض العائد المصرفي بصورة دائمة على السهم وكذلك السعر إلى القيمة الدفترية، لصالح بنوك الظل. فقط قارن مدى انخفاض العائد على أسهم جولدمان إلى رقم من خانتين بالكاد، في حين أن KKR، مجموعة الاستثمارات البديلة الوحيدة التي تبلغ عن الرقم، لها عائد على الأسهم بنسبة نحو 27 في المائة.

الأمر الآخر هو المشهد التنافسي المتغير. مثلا، شركات التكنولوجيا تهدد بشكل متزايد أعمال المصارف، وفي الوقت نفسه التهديدات الإلكترونية تشكل خطرا على أمن الصناعة المصرفية. كل شيء، ابتداء من أنظمة المدفوعات إلى إدارة التمويل وإلى المستهلكين وإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يواجه تحديا من شركات التكنولوجيا الجديدة ومنصات الإنترنت.

وحتى المسؤولين التنظيميين لا يعرفون حقا ما إذا كان لدى “باي بال” أمن أفضل من شركات بطاقة الائتمان أو المصارف (على الرغم من أنهم يأملون – لأنهم ينظمونهم – أن يكون لدى المصارف أفضل أمن). عندما كان جيمي دايمون يعلن عن أرباح بنك جيه بي مورجان، الذي كان في الآونة الأخيرة ضحية لهجوم من هذا النوع، وصف الأمن الإلكتروني بأنه مجهود ضخم.

في الشهر الماضي عقد بنك HSBC اجتماعات مجلس إدارته في بكين. وفي حين أن الكثير من النقاش خصص للامتثال إلى نسب السيولة والرفع المالي، كان هناك أيضا الكثير من الجدل حول ما إذا كان يمكن للتنفيذيين والأجهزة المنظمة خوض الحرب الأخيرة. في وقت لاحق، يمكن أن تكون الحرب الأخيرة أسهل بكثير بالنسبة للمصارف وأرباحها من الحرب التالية.