رنا سعرتي
أظهر مسح اجرته شركة EuroCost International المتخصّصة في خدمات الكلفة المعيشية لموظفي الشركات المتعددة الجنسيات في اكثر من 250 مدينة حول العالم، ان مدينة بيروت قد صُنفت المدينة الأكثر غلاءً في الشرق الأوسط من حيث الكلفة المعيشية لموظفي الشركات المتعددة الجنسيات في العام 2014.
وقد حافظت بيروت للسنة الثالثة على التوالي على تصنيفها في المرتبة 14 عالمياً في لائحة المدن الأغلى في العالم، أي في المرتبة ذاتها التي احتلّتها في العام الماضي وفي العام 2012، ومقارنة بالمركز 22 في العام 2011، والمركز 13 في العام 2010 والمركز 19 في العام 2009، في حين لم يتغيّر تصنيفها على الصعيد الاقليمي منذ مسح العام 2010.
يقارن المسح الكلفة المعيشية لموظفي الشركات المتعددة الجنسيات في مواقع رئيسية في جميع أنحاء العالم، ويستثني تكاليف الرعاية الصحية والتعليم إنما يشمل تكاليف الإيجار. ويتم الترتيب على أساس الأسعار التي تم جمعها في حزيران 2014 والمعدّلة بأسعار الصرف لشهر آب.
وفق الدراسة، إعتُبرت بيروت أكثر غلاءً من أوسلو في النرويج، وقوانغتشو في الصين ولوزان في سويسرا، وأقل غلاءً من سيدني في أستراليا، وزيوريخ في سويسرا وكينشاسا في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
أظهر المسح أن بيروت هي المدينة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي صُنّفت بين أغلى 20 مدينة في العالم من حيث الكلفة المعيشية لموظفي الشركات المتعددة الجنسيات، لتبقى موسكو المدينة الأكثر غلاءً في العالم لموظفي الشركات المتعددة الجنسيات في العام 2014.
مهنا
في هذا الاطار، عزا الخبير الاقتصادي روك – أنطوان مهنا تصنيف بيروت الاغلى في الشرق الاوسط من حيث الكلفة المعيشية لموظفي الشركات المتعددة الجنسيات، الى عوامل عدّة ابرزها كلفة الايجارات السكنية المرتفعة، كلفة الاتصالات، الطاقة واليد العاملة المتخصصة.
وفيما شدد على ان ايجارات المكاتب في بيروت اقل من معدل الشرق الاوسط بـ38 مرتبة، قال ان هناك خللا استراتيجيا بين كلفة ايجارات الشقق السكنية وكلفة ايجارات المكاتب في بيروت.
ولفت مهنا لـ«الجمهورية» الى ان الكلفة المرتفعة للاتصالات السلكية واللاسلكية في لبنان تعتبر ضمن الاغلى عالميا. واشار الى ان الاقتصاد الرقمي الذي بات يشكل اكثر من 25% من الاقتصاد العام في الدول المتقدمة، غير متوفر في لبنان، وهو عامل مؤثر واساسي بالنسبة للاستثمارات. وقد اعطى مثالا حول الكلفة المرتفعة للاتصالات، مشيرا الى ان دقيقة التخابر الخليوي في لبنان اغلى بعشرة اضعاف من فرنسا في حين ان الحدّ الادنى للاجور اقل بأربعة اضعاف في لبنان.
ومن العوامل التي ساهمت بتصنيف بيروت الاغلى في الكلفة المعيشية، ذكر مهنا الاقتصاد الاحتكاري الذي يتمتع به لبنان والذي يؤدي الى ارتفاع الاسعار وبالتالي يؤثر على الكلفة المعيشية.
واشار الى ان الشركات المتعددة الجنسيات تقوم بدراسة جدوى مبنيّة على تلك العوامل، من اجل اعتماد لبنان كمقرّ اقليمي لها. وفي حال لم تتوافر، وتبيّن ان كلفتها مرتفعة، فانها ستستغني عن لبنان وتستبدله ببلد آخر.
في موازاة ذلك، اكد مهنا انه في حال لم تواكب نسبة ارتفاع الكلفة المعيشية نسبة نمو اقتصادي اكبر، واستقرار امني وسياسي، فان الاستثمارات الاجنبية المباشرة ستصاب بخلل سلبي قد يؤدي الى هروبها من لبنان. وشرح ان المعادلة المعتمدة لتقييم اوضاع البلاد عالميا، تعاين الاستقرار السياسي بنسبة 50%، الاستقرار الاقتصادي بنسبة 25% والاستقرار المالي بنسبة 25%، مشيرا الى ان الاستقرار المالي هو العنصر الوحيد المتوفر في لبنان.
في المقابل، ومن الناحية السياحية، لم يعتبر مهنا ان تأثير مؤشر الكلفة المعيشية له تداعيات سلبية، لان بيروت تعتبر مقصدا سياحيا للذين يتمتعون بقدرات مالية مرتفعة. ورأى ان المناخ الذي تتمتع به بيروت اضافة الى الخدمات ذات القيمة المضافة التي تؤمنها العاصمة هي عوامل تميّزها عن غيرها من مدن الشرق الاوسط وتصنّفها كوجهة ترف للسياح.
كما شدد على انه رغم الكلفة المعيشية المرتفعة، فان بيروت في حال توفّر الاستقرار الامني والسياسي، لن تتضرّر من مؤشر الكلفة، بل في استطاعتها التفوق على دبي التي احتلّت مكانتها اليوم.