Site icon IMLebanon

مخطط “سماحة- المملوك” بأدوات جديدة! (بقلم طوني أبي نجم)

army-tripoli

قبيل الانسحاب العسكري السوري من لبنان في 26 نيسان 2005 أصرّ وزير خارجية بشار الأسد وليد المعلّم على التهويل على اللبنانيين بعبارة شهيرة مفادها أنه إذا انسحب الجيش الأسدي من لبنان فإن اللبنانيين سيتقاتلون في ما بينهم وأن لبنان قد يشتعل.

يومها لم يكن يحسب وليد المعلم ولا معلّمه بشار الأسد أن يكون نظامهما برمته في خطر. ولكن، وبعد انطلاق الثورة السورية كرّر الأسد في مقابلات عدة أن ضرب النظام السوري سيؤدي الى تفجير المنطقة برمتها وأن كل دول الجوار لن تسلم، في ما عكس تهديداً واضحاً لا غبار عليه!

هذه المقدمة كانت ضرورية للتأكيد أن ما يجري في شمال لبنان، بدءًا من طرابلس ومروراً بالضنية ووصولاً الى عكار، ليس أكثر من سيناريو أسدي، على شاكلة سيناريو سماحة المملوك الذي كان يهدف الى القيام بتفجيرات واغتيالات عدة في الشمال تحديدا أيضاً بهدف إثارة الفتنة في المناطق الشمالية. والهدف الأكبر يبقى محاولة تفجير لبنان لتحويله ورقة مساومة في الصراع الإقليمي الدائر.

لا يمكن قراءة كل ما يحصل خارج هذا الإطار. لا يمكن عزل ما يجري في طرابلس وعكار اليوم عن كل ما جرى وكل محاولات التفجير التي شهدناها سابقاً، وكل من يساهم في التفجير هو شريك لنظام بشار الأسد.

صحيح أن “حزب الله” يحاول أن يدفع بالجيش الى معارك داخلية لتحقيق أهداف إقليمية، ولكن وبالمقدار نفسه للجريمة التي يرتكبها “حزب الله” فإن كل من يطلق رصاصة على الجيش اللبناني إنما يساهم في تنفيذ أهداف بشار الأسد ويصبح شريكاً في الجرم معه، وخصوصا من يدّعون قتاله.

لن تنفع سياسات “ضربة عالحافر وضربة عالمسمار” كالتي يتبعها على سبيل المثال لا الحصر وليد جنبلاط، عبر دفاعه عن “حزب الله” من جهة واعتباره أن “جبهة النصرة” ليست إرهابية من جهة أخرى. فهذه السياسات أدت وتؤدي الى كوارث على المدى الطويل، ولو أنها تنجح أحيانا في أن يكون لها مفعول المسكنات.

سياسة “اللاغالب واللامغلوب” التي يتبجح بها بعض اللبنانيين قد تصح ضمن المعادلات الداخلية بمعنى أن أي فريق داخلي لا يمكنه إقصاء أي فريق آخر، لكنها على الصعيد الوطني تسقط لأن الدولة يجب أن تكون غالبة دوما من دون أي مساومة.

لا يمكن لدولة تواجه مخططات فتنوية تعصف بها أن تعمد الى تأجيل متكرر لجلسات المحاكمة في قضية سماحة- المملوك لأسباب أقل ما يُقال فيها إنها سخيفة في موازاة خطورة المخطط الأسدي، والذي إذا ما تعمّقت التحقيقات فيه لوجدت العشرات من أمثال سماحة الذين ينقلون الفتن الى لبنان بأوامر أسدية.

وبهذه المعايير أيضا من غير المقبول على الدولة وأجهزة الدولة التي تنتصر على الإرهاب والمجموعات الإرهابية أن تكون مغلوبا على أمرها أمام دويلة تنمو كالفطريات على مساحات كبيرة من الـ10452.

في طرابلس ثمة من يتحدث اليوم عن خلوها من المسلحين للمرة الأولى منذ سنوات، من دون أن نسمع عن اعتقال العشرات منهم على الأقل وإحالتهم الى القضاء المختص. وهذا ما يؤكد مرة جديدة أن ثمة من يقترع على دماء شهداء الجيش مرة جديدة، والحق هنا ليس بالتأكيد على شادي المولوي وأسامة منصور ومن لفّ لفيفهما، بل الحق على عدد من السياسيين والعسكريين والأمنيين الذين تتلمذوا على أيدي الاحتلال الأسدي وملحقاته ولم يرتقوا يوماً الى مرتبة رجال دولة، ويكتفون بأن يكونوا أمراء طوائف ومذاهب تنهش من جسد الوطن من دون أن تدري أنها كالهر الذي يلحس المبرد متلذذاً بطعم دمه هو الذي يسيل من دون أن يدري!