يتزايد الخوف من موضوع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب منذ أحداث 11 أيلول 2011 التي هزت كيان الولايات المتحدة الأميركية. واليوم في ظلّ ما تعيشه المنطقة العربية من خطر المنظّمات الإرهابية المتطرّفة، يُسلّط الضوء أكثر فأكثر على المصارف والمؤسسات المالية العربية، كأداة أولى لمكافحة الجرائم المالية.
أمام هذا الوضع، أعلن امين عام «اتحاد المصارف العربية» وسام فتوح أمس، في حفل افتتاح «الملتقى السنوي لرؤساء وحدات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية 2014»، «تشكيل مجموعة العمل المالي العربي لمدراء الالتزام تتألف من 15 شخصاً من 15 دولة عربية، يتركّز عملها على التواصل مع الولايات المتحدة الاميركية في سبيل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب».
إقفال حسابات مصارف
يحذّر فتوح عبر «السفير» من «توجّه في الولايات المتحدة الأميركية لتشديد العقوبات على المصارف العربية، لا سيما لبنان، عبر الانتقال من المعاقبة المالية للمصارف التي تغطي جرائم مالية عبر دفع غرامات، إلى الذهاب إلى القضاء». ويوضح أنه «في حال طبّق هذا المنهج نكون أمام خطر كبير جداً، إذ يمكن إيجاد آلية قانونية حتى تقوم وزارة الخزانة الأميركية بمقاضاة مدراء البنوك في حال المخالفة، بدل الاكتفاء بتغريم المصرف مبالغ قد تصل بدورها إلى 10 مليارات دولار وأكثر». ويرى أنّ «هذا الوضع الذي وصلنا اليه اليوم هو نتيجة ما يحدث حولنا في ظلّ تهديد الجماعات الإرهابية ومصادر تمويلها المشبوهة، والتي لا تمرّ عبر مؤسسات مالية»، مشيراً إلى أن «هناك إجراءات اتخذت بحق مصارف عربية مؤخّراً، بحيث أقفلت وزارة الخزانة الأميركية حساباتها لديها لا سيما في الإمارات العربية». وينبّه فتوح من «مسألة صيرفة الظلّ التي يقف وراءها متموّلون أو مؤسسات خارج الرقابة، وبالتالي هناك خوف من أن تكون بيئة حاضنة لتبييض الأموال».
الاندماج
في الافتتاح في «فندق الموفنبك» حيث حضر مديرو الالتزام في مصارف لبنانية وعربية واقتصاديون لبنانيون وعرب، تحدّث أمين سر «هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان» عبد الحفيظ منصور عن «موضوع الاندماج في القطاع المالي أي السعي لإشراك أكبر عدد من المواطنين في خدمات القطاع المالي، وذلك لمراقبة العمليات وتتبّع مصادر الأموال، وتعقب الاثر الذي قد يدلنا على من يقف خلف غسل الاموال». ويحذّر منصور من أنّ «العمليات المالية التي تعود للإرهابيين لا تمرّ بالمصارف طبعاً، لذلك يمكن القول إنّ لهذه التنظيمات أنظمة مالية بديلة، فهم يتحاشون المؤسسات المالية المراقبة والاتصالات لأنها أيضاً مراقبة».
ويشدد على «ضرورة مراقبة نظام الحوالة للالتزام بالقيود جيداً»، لافتاً الانتباه إلى أن «السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تطوّراً كبيراً في عمليات تبييض الأموال، وبالتالي ارتفعت وتيرة مكافحة هذه الأعمال، وباتت القوانين المفروضة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا أكثر تشدّداً». ويوضح أنّ «التوجه لمقاضاة مدراء وقادة المصارف في حال وجود تبييض أموال، يشكّل رعباً حقيقياً اليوم، فأي شخص يعاقب ستضرب سمعته، وبالتالي لن يستطيع بعد ذلك العمل في أية مؤسسة أخرى». وينبّه من «خطورة جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب»، عارضاً الخطوات التي تمّ ويتمّ اتخاذها على المستوى العالمي لمواجهة هذه الجرائم، لا سيما إنشاء مجموعة «فاتف» التي وضعت عدداً من المعايير (40 معياراً) لمساعدة المصارف في مكافحة هذه العمليات. ويتطرّق منصور إلى مسألة إدارة المخاطر في المصارف، وقانون أعرف عميلك، مبرزاً «أهمية التعاون لمكافحة تبييض الأموال في المصارف العربية».
مديرو الالتزام
من جهته، يحذّر فتوح من خطورة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وانعكاساتها الخطيرة على الاقتصاد والمجتمع، مشيراً إلى أهمية «الدور الذي يلعبه مدراء الالتزام في المصارف في هذا الصدد، وما يرتّب ذلك عليهم من مسؤوليات، فهم يدقّقون في الحسابات وفي ملفات المودعين لمكافحة تبييض الأموال وغيرها من الجرائم المالية وتمويل الإرهاب».
وقال «نظراً للطبيعة الدولية لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب كان لا بد من تضافر الجهود العالمية في سبيل مكافحة هذه الجرائم، ولذلك تم تشكيل مجموعة العمل المالي المعروفة باسم (فاتف)، لوضع المعايير المناسبة للرقابة والمكافحة».
ولفت الانتباه إلى أنه «بالتوازي مع الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أصدرت لجنة بازل للرقابة على المصارف مبادئ توجيهية حول كيفية قيام المصارف بإدراج مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن ادارتها الشاملة للمخاطر. ومن ثم أصدرت اللجنة في كانون الثاني 2014 وثيقة ركزت بشكل حصري على موضوع غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
وعقدت جلسات عمل عديدة حول مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تحدّث خبراء ومعنيّون في هذا الملف. وتستمرّ أعمال الملتقى حتى اليوم.