أجمع اقتصاديون عراقيون على أن الانكماش الاقتصادي الذي يعيشه العراق حاليا يعود إلى السياسة الخاطئة التي اعتمدتها الدولة بعد عام 2003 في تطوير القطاع النفطي وإهمالها القطاعات الإنتاجية الأخرى كالزراعة والصناعة.
وأعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العراقي سيتعرض للانكماش هذا العام بسبب المعارك التي تعصف بالبلاد مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره لشهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي إن هناك توقعات بانكماش معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للعراق لهذا العام بنسبة 2.7% ، مما يشكل هبوطا عن توقعات نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 5.9% خلال شهر أبريل/نيسان الماضي.
وأضاف التقرير أن معدل النمو الاقتصادي في العراق خلال العام الماضي كان بحدود 4.2%، وأن من المتوقع أن يعاود النمو خلال العام 2015 بزيادة نسبتها 1.5 % وهي أقل من نسبة النمو البالغة 6.7% التي توقعها النقد الدولي للعراق خلال شهر أبريل/نيسان الماضي.
انكماش مؤقت
وقال عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب عبد الحسين الشياع في حديثه للجزيرة نت إن الانكماش الحالي يعود إلى أن الاقتصاد العراقي ريعي ويعتمد على قطاع النفط بشكل كبير، إضافة إلى هبوط أسعار النفط والتأثيرات الأمنية الأخيرة وتزايد الإنفاق بسبب أزمة النازحين.
وأضاف أن المشكلة القائمة مع إقليم كردستان العراق أدت إلى امتناعه عن تزويد الحكومة الاتحادية بـ400 ألف برميل يوميا، وأن توقف الصادرات الشمالية -التي تبلغ نحو 300 ألف برميل- قد ساهمت بتراجع النمو أيضا.
وأشار إلى أن جميع متطلبات الاقتصاد المتين متوفرة في العراق، وأن الانكماش الحاصل سيزول بعد زوال الظروف الطارئة الحالية، خصوصا أن العراق يمتلك مخزونا جيدا من النفط يبلغ 10% من نفط العالم واحتياطيا نقديا لدى البنك المركزي يبلغ 80 مليار دولار، بالإضافة إلى القطاعات الإنتاجية المهمة مثل الصناعة والزراعة والسياحة.
سياسات خاطئة
من جهته يرى رئيس اتحاد رجال الأعمال العراقي راغب رضا بليبل أن هناك أسبابا أخرى أدت إلى الانكماش في الاقتصاد، قائلا في حديثه للجزيرة نت إن الانكماش الحاصل نتيجة السياسات المتبعة في البلاد، فالموازنة المالية للعام الحالي لم تقر حتى الآن في حين تعتمد البلاد على القوانين القديمة التي شرعت للاقتصاد الشمولي وعدم تطبيق القوانين الحديثة.
ولفت إلى إهمال القطاع الخاص وعدم إعطائه الدور الحقيقي في ممارسة نشاطه في العملية الاقتصادية من خلال حزمة كاملة من الإجراءات، أبرزها النظر في القوانين وضخ الأموال في السوق. وكل ذلك ساهم في الانكماش الحاصل، داعيا إلى تفعيل الإستراتيجيات التي أقرها مجلس الوزراء في العام الماضي، وهي تطوير القطاع الخاص والتنمية الصناعية والمبادرة الصناعية والاستمرار بالمبادرة الصناعية وحماية المنتج المحلي.
وأوضح أن استعادة العراق وضعه الاقتصادي يحتاج إلى ثورة هائلة للقضاء على جميع العوائق التي يعاني منها حاليا، وإعادة تنشيط المشاريع الاقتصادية التي كانت توفر سلعا وبضائع بحدود 32% بينما تعتمد السوق العراقية الآن على الاستيراد.
نمو كاذب
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي فلاح الربيعي أن النمو الاقتصادي الذي أعلنه صندوق النقد الدولي العام الماضي بنسبة 10% هو نمو كاذب وعبارة عن فقاعة لأنه لم يحقق تطورا في قطاعات الصناعة والزراعة. والنتيجة حاليا هو أن أي أزمة تتعرض ليها البلاد تؤدي إلى انكماش الاقتصاد.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن النفط يمثل أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي، و80% من الموازنة المالية للأعوام السابقة، وأي تدهور في برميل النفط سيدفع الاقتصاد العراقي إلى الركود.
واعتبر أن الحل يكمن حاليا في تخفيض الإنفاق الحكومي واعتماد إستراتيجية ترشيدية وتقليل للمصروفات -لأن هبوط أسعار النفط سيجعل البلد يعيش في مأزق كبير- والإسراع في تطوير الصناعات التحويلية.